احتفل حزب النهج الديمقراطي اليساري، الأحد، بذكرى تأسيسه الثالثة والعشرين؛ وهي مدة لم يعرف فيها هذا الحزب طريقاً إلى الانتخابات، فلم يسبق له أن خاض أي استحقاقات تذكر، ويعتبر أكثر حزب يقاطع صناديق الاقتراع في المغرب. جرى تأسيس هذا الحزب يوم 15 أبريل من عام 1995، من لدن معتقلين سياسيين يساريين قضوا سنوات في السجن بعد نشاطهم السري في منظمة إلى الأمام. مناضلو حزب النهج الديمقراطي اليساري يعتبرون أن هذا الحزب يعدّ، اليوم، شكلا من أشكال الاستمرارية السياسية والفكرية للحركة الماركسية اللينينية المغربية. ويقول مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، في حديث لهسبريس، إن فكرة تأسيس الحزب بدأت في السجن "بالتفكير في استغلال الهوامش التي يتركها المخزن للعمل السياسي العلني". ويحكي البراهمة قائلاً: "جرى الاتفاق في البداية على التحلق حول جريدة الأفق، كان ذلك حين كنا في السجن، حيث ناقشنا فكرة المزاوجة بين العملين السري والعلني"؛ لكن حين غادر المعتقلون السياسيون السجن، تم الاتفاق على استغلال كافة الإمكانات المتاحة من أجل تأسيس حزب النهج الديمقراطي وفق القوانين الجاري بها العمل. من أبرز قادة الحزب المؤسسين، والذين قضى أغلبهم السجن وغادروه بداية الثمانينيات إلى غاية التسعينيات، نجد محمد الموساوي وعبد الحميد أمين وعلي أوفقير، إضافة إلى عبد الله الحريف ومصطفى البراهمة والراحل عبد المومن الشباري. بعد 23 عاماً بدون انتخابات جماعية ولا برلمانية، يعتبر رئيس الحزب أن الحصيلة إيجابية، حيث قال: "نجحنا في التموقع السياسي، كما أسهمنا في عدد من المنظمات الجماهرية؛ منها النقابية مثل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل". كما يحضر أعضاء حزب النهج الديمقراطي بقوة في الجمعيات الحقوقية، خصوصاً الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إضافة إلى الحركة الأمازيغية والحركة النسائية. ويورد مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، أن حزبه نجح في تحقيق خطوات نحو تجميع اليسار المغربي، خصوصاً مع أحزاب فيدرالية اليسار الديمقراطي التي تضم ثلاثة أحزاب يسارية تشارك في الانتخابات. ويتخذ حزب النهج الديمقراطي من "إلى الأمام من أجل الاشتراكية" شعاراً يعمل على تحقيقه، وكثيراً ما يتخذ مواقف معارضة بشكل قوي للدولة؛ وهو ما جرّ عليه الكثير من الانتقادات، آخرها اتهام وزير الداخلية لأعضائه بتأجيج الاحتجاجات في جرادة. وقال بلاغ في ذكرى تأسيسه الثالثة والعشرين إن "تضحيات الحركة الماركسية اللينينية ونضالات الشعب المغربي مكنت من فتح ثغرة في جدار الاستبداد، وبعد تعمق القناعة بأهمية الانخراط العلني في العمل السياسي لتحقيق مهمتي التحرر الوطني والديمقراطية في أفق بناء المجتمع الاشتراكي". واعتبر بيان الذكرى أن "الحزب كان حاضراً ومؤثراً في النضالات والمعارك التي عرفها المغرب خلال هذه الفترة، وعلى رأسها حركة 20 فبراير"، وهي الحركة التي دعمها الحزب إلى جانب جماعة العدل والإحسان الإسلامية. وأضاف بيان الذكرى أن "تواجد الحزب في هذه الحركة لم يكن محصوراً في المحطات النضالية الاجتماعية والسياسية؛ بل ظل يسهم في تطوير الفكر السياسي وإغنائه بتقديم أطروحات واجتهادات نظرية أصيلة". ويؤكد الحزب على "استمراره في نضاله من أجل مواقفه وأهدافه ومواصلة تموقعه في خندق الجماهير الشعبية مع شرفاء هذا الوطن؛ مهما اشتد الحصار والتضييق، ومهما كانت محاولات النظام المخزني لثنيه عن ذلك". ويعمد حزب النهج الديمقراطي، عبر فروعه في المملكة خلال الاستحقاقات الانتخابية، إلى تنظيم حملات في الشارع للدعوة إلى مقاطعة التصويت، حيث يعتبر "أن الانتخابات لا رهان فيها ولا تغير الأوضاع في المغرب". ويطالب الحزب بفتح التسجيل التلقائي في اللوائح الانتخابية لكل من يملك بطاقة التعريف الوطنية، وإحداث هيئة وطنية مستقلة للإشراف على تنظيم الانتخابات وإقرار دستور ديمقراطي شكلاً ومضموناً.