نشرة إنذارية: زخات رعدية ورياح عاصفية في عدد من أقاليم المملكة    زنيبر: الاضطرابات الناجمة عن كوفيد-19 زادت من تفاقم الآثار "المدمرة بالفعل" للفساد        النفط يرتفع مع توقف الإنتاج في حقول نفطية    جبهة مناهضة التطبيع تتضامن مع ناشط متابع على خلفية احتجاجات ضد سفينة إسرائيلية    اليوم ال1000 للحرب الأوكرانية.. بوتين يوقّع مرسوما يوسع إمكان اللجوء إلى السلاح النووي    قمة مجموعة العشرين.. دعوة لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان وتسليط الضوء على تغير المناخ        العسكريات يسيطرن على التشكيلة المثالية لدوري أبطال إفريقيا    شركة سوفيرين برو بارتنر جروب في قطر تعلن عن انضمام مدير عام جديد إلى فريقها، لقيادة مسيرة التوسع وتعزيز التعاون الاستراتيجي، في خطوة طموحة تنسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030    جمعية الإمارات لطب وجراحة الصدر تضيء برج خليفة في حملة توعوية لمكافحة مرض الانسداد الرئوي المزمن    المنتخب الكويتي يختبر المدرب سلامي    كيوسك الثلاثاء | مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية يصنف المغرب في المركز 76 عالميا    توقيف 4 أشخاص بأسفي بشبهة الانتماء لشبكة تنشط في تنظيم الهجرة غير المشروعة    لأول مرة.. عبارتين كهربائيتين لنقل أفراد الجالية بين إسبانيا والمغرب    شخص يعاني من اضطراب نفسي يضع حدًّا لحياته شنقا ببني عمارت نواحي الحسيمة    المدير الإقليمي للشركة المتعددة الخدمات لبرشيد: المحطة الجديدة جزء من الاستثمار المستمر في تحسين أنظمة توزيع المياه بالمدينة وبجودة عالية    عرض الفليم المغربي "راضية" لمخرجته خولة بنعمر في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي        "درون" تقصف ضاحية بيروت الجنوبية    صحافيون جزائريون يستحضرون مساهمة المغرب في استقلال الجارة الشرقية    المنتخب الوطني يختتم مشواره في إقصائيات كأس إفريقيا بفوز كبير على منتخب ليسوتو    "أطباء القطاع العام" يعلنون خوض إضراب وطني عن العمل احتجاجا على حكومة أخنوش    زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بهبات رياح عاصفية مرتقبة بعدد من أقاليم الممكلة    المفوضية الجهوية للأمن بأزرو…استعمال السلاح الوظيفي من قبل شرطي لتوقيف متورطين في اعتراض وتهديد سائق أجرة    أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل لاعب إفريقي للسنة    المنتخب المغربي يختتم تصفيات كأس إفريقيا 2025 بالعلامة الكاملة    شريط سينمائي يسلط الضوء على علاقات المملكة المغربية والولايات المتحدة منذ مستهل التاريخ الأمريكي    الشرادي يكتب : عندما تنتصر إرادة العرش والشعب دفاعا عن حوزة الوطن وسيادته    العراقي محمد السالم يعود لجمهوره المغربي بحفل كبير في مراكش    المغنية هند السداسي تثير الجدل بإعلان طلاقها عبر "إنستغرام"    مجموعة العشرين تعقد قمة في البرازيل يطغى عليها التغير المناخي والحروب وانتخاب ترامب        الحزب الحاكم في السنغال يستعد للفوز    دراسة: البحر الأبيض المتوسط خسر 70 % من مياهه قبل 5.5 ملايين سنة    الفرحة تعم أرجاء القصر الملكي غدا الثلاثاء بهذه المناسبة    أجواء غير مستقرة بالمغرب.. أمطار وزخات رعدية وثلوج ابتداءً من اليوم الإثنين    جائزة ابن رشد للوئام تشجع التعايش    المغرب يستضيف الملتقي العربي الثاني للتنمية السياحية    مركز موكادور للدراسات والأبحاث يستنكر التدمير الكامل لقنطرة واد تدزي    الكرملين يتهم بايدن ب"تأجيج النزاع" في أوكرانيا بعد سماح واشنطن باستخدام كييف أسلحتها لضرب موسكو    فاتي جمالي تغوص أول تجربة في الدراما المصرية    "غوغل" يحتفل بالذكرى ال69 لعيد الاستقلال المغربي    المغرب يفتح آفاقاً جديدة لاستغلال موارده المعدنية في الصحراء    تنظيم النسخة 13 من مهرجان العرائش الدولي لتلاقح الثقافات    بعد صراع مع المرض...ملك جمال الأردن أيمن العلي يودّع العالم    تراجع النمو السكاني في المغرب بسبب انخفاض معدل الخصوبة.. ما هي الأسباب؟    ارتفاع أسعار النفط بعد تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التراث الدموي الذي خلق "داعش"
نشر في هسبريس يوم 12 - 04 - 2018

قال عبد الوهاب رفيقي، في محاضرة نظمتها شبيبة العدالة والتنمية بالمضيق مساء الجمعة 8 يناير 2016: "ما من شيء تفعله داعش إلا وله تأصيل في الفقه الإسلامي"، مضيفا: "هذه النتيجة لم أخذها من الإعلام أو من أعداء الإسلام، هذا وقفت عليه شخصيا"، موردا أن كل منظومة "داعش" موجودة في الفقه الإسلامي وفي كتب الدعوة النجدية، و"لذلك يجب أن نكون متيقنين أننا إذا أردنا مناظرة أي داعشي وجعلنا كتب الفقه حكما بيننا، فإنه بالتأكيد سوف يهمزنا؛ لذلك يجب انتقاد المنظومة الفقهية التي تعتمدها داعش، بدل الاكتفاء باستنكار ما تفعله داعش".
وأكد أبو حفص أن تنظيم "داعش" دولة شرعية حسب المنظومة الفقهية التي يستند إليها أهل السنة والجماعة، التي تقوم أدبياتها على شرعية الدولة المتغلبة، مبرزا أن الذين يستنكرون على "داعش" استباحة الدماء يجب أن يعلموا أنه لم تقم دولة إسلامية إلا على سفك الدماء والجماجم، كما هو الشأن بالنسبة لدولة بني العباس وبني أمية، التي قتل أمراؤها الآلاف، وفي الأخير بايعهم الفقهاء باعتبارهم متغلبين وأمر واقع. وللتدليل على وجهة نظره، أوضح أبو حفص أن "داعش" حينما أحرقت الطيار الأردني اعتمدت على إحدى فتاوى بن تيمية ولم يكذبوا عليه، "داعش لا تكذب على الفقهاء، ما تعتمد عليه داعش موجود في كتب الفقهاء وأدبياتهم؛ لذلك لا بد من انتقاد هذه الأدبيات".
وقد سبق للكنبوري، الباحث في الجماعات الإسلامية، أن انتقد "أبو حفص" في قوله إن "دولة داعش شرعية"؛ فقد تناقلت مجموعة من المواقع والمنابر الإعلامية تصريحات ومواقف منسوبة إلى محمد عبد الوهاب رفيقي، المعروف ب"أبي حفص"، مؤداها أن ما يسمى ب"الدولة الإسلامية في العراق والشام"، التي أعلنها تنظيم "داعش" هي دولة شرعية حسب الأسس الإسلامية، وهذا ما اعتبره الكنبوري جرأته في الطرح، متكلما عن أبي حفص بأنه أحدث في تفكيره انعطافة كبرى وجذرية، خصوصا أن تصريحاته تم تناقلها على نطاق واسع.
بيد أن أبا حفص يسوق مثال العباسيين والأمويين للتدليل على الشرعية التي تتمتع بها "داعش"، وهذا هو المراد بإمارة التغلب أو بيعة الغلبة التي تكلم عنها أبو حفص في مقارنته هاتين الدولتين الإسلاميتين (العباسية والأموية) ب"داعش" في محاضرته أمام شبيبة العدالة والتنمية بشمال المغرب. فكما هو معروف، فإن بيعة الغلبة لجأ إليها الفقهاء كوسيلة للتوفيق بين حالة الفتنة وحالة فراغ السلطة، بحيث لا يسقط المجتمع في الفتنة ولا يخلو منصب الخليفة أو السلطان، غير أن الكنبوري في رده على أبي حفص يدافع عن العباسيين والأمويين؛ إذ اعتبر جمع الثلاثة معا في شرعية واحدة يؤدي إلى المحظور، وإلى إعادة قلب التاريخ الإسلامي جملة وتفصيلا حسب قصده.
وفي هذا الإطار، أتذكر حوارا موجزا مع صديق مسلم شيعي، أحترم ذكاءه ونباهته، قال إن عليّا رفض مبايعة أبي بكر الصديق في البداية، ولم يبايعه إلا بعد وفاة زوجه فاطمة الزهراء بعد شهور. وكان قد أجبر يوما من طرف عمر بن الخطاب على مبايعته، كما روى عدد من المؤرخين كابن قتيبة في "الإمامة والسياسة" واليعقوبي في تاريخه، حيث يروي أن عمر أمر بحرق بيت النبوة الذي فيه فاطمة وعلي بن أبي طالب، وكاد الأمر أن يتحول إلى معركة بين أنصار عليّ وأنصار عمر لولا تدخل أبي بكر وإرجاء الأمر إلى ما بعد.
وقبل ذلك، كان أبو بكر إثر مبايعته كخليفة للمسلمين في سقيفة بني ساعدة قد ارتكب خطأ فادحاً عندما قال لتهدئة الناس: "من كان يعبد محمدا فمحمد قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت"، حيث ارتدت الكثير من القبائل لأنها كانت تنظر إلى نبي الإسلام محمد كصاحب معجزات وكاريزماً وليس كنبي مرسل من ربه، وقد كان بعضهم مستفيدا من وضعه الاعتباري في قبيلته كممثل لنبي الإسلام، وبعد وفاته آثرت هاته القبائل مبايعة زعمائها الذين تنبأ بعضهم بجلب المزيد من الأتباع كالأسود العنسي، ومسيلمة الذي يحكى أنه صنع لأتباعه قرآنا كقرآن محمد.
وفي السياق نفسه، يأتي إعلان أبي بكر الحرب على المرتدين بعد وفاة نبي الإسلام ليعارض النص القرآني الذي لا يكره الناس على دين الإسلام فضلا عن الأمر بمقاتلتهم؛ إذ يقول تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"، "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، لكن أبا بكر أبى إلا أن يقاتل حتى من بقي على الإسلام لكنه منع عنه أموال الزكاة؛ وذلك تسجيلا لموقف سياسي من بيعة السقيفة التي تمت في غفلة من حضور الكثير من القيادات السياسية من خارج المدينة ومن داخلها، وعلى رأسهم فصيل أهل بيت نبي الإسلام؛ إذ جاء أبو هريرة ليبرر لأبي بكر مقاتلة أهل القبلة من مانعي أموال الزكاة بحديث منسوب إلى نبي الإسلام يقول فيه: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، ويقيمُوا الصلاة ويؤتوا الزكاة"، حيث تم إقحام وإيتاء الزكاة، ليكمل "فإن فعلوا عصمُوا مني أموالهم ودمائهم"، ليقدم بذلك أكبر خدمة لأبي بكر وصاحبه عمر لاستئصال معارضيهما خارج المدينة.
وقد كان أبو هريرة يبيت بالمسجد مع فقراء أهل الصفة الذين يستعطون الناس. صحب النبي قبيل وفاته لسنتين تقريبا ولم يعاشره فيها كصحابته المقربين لأن محمدا كان مشغولا بغزواته وترتيب شؤون المدينة، مما دفع الكثير من المحققين إلى التشكيك في هاته العلاقة التي استغلها أبو هريرة فيما بعد ليبث أحاديثه بين الناس حتى فطن إليه عهد عمر بن الخطاب فنهاه عن الرواية، ويروى أنه ضربه بالسوط بعد أن وقف على تدليسه، الذي كشفته أيضا عائشة في حديث: "من أصبح جنبا في رمضان فليفطر"، ليخرج له أصحاب الصحاح بعد ذلك الآلاف من الأحاديث التي نشرها خصوصا في عهد عثمان ومعاوية الذي أكرمه وقربه لموقفه المتحيز للأمويين ضد الإمام علي حتى ولاه المدينة لفترة.
هكذا ارتكبت مجازر في حق المسلمين، بل فضائح تورط فيها عدد من الصحابة المعروفين، كقصة خالد بن الوليد الذي قتل الصحابي مالك بن نويرة ودخل بزوجته بالرغم من أن الرجل قد صلى مع طليعة جيش خالد قبل أن يصل وكان قد جمع زكاة قومه لكنه تردد في تسليمها لرسول أبي بكر حتى يستيقن الخبر، وقد كان بين الرجلين – خالد ومالك - ثأر قديم في الجاهلية.
*باحث في مقارنة الأديان عضو مركز مدى للدراسات والأبحاث الإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.