سوق الإعلانات الرقمية قاد المغربي أحمد كيجو، الشاب المستهل العقد الثالث من عمره، إلى الاستقرار في الإمارات العربية المتحدة، وتحديدا دبي، منكبا على التطوير في هذا المجال. إذا كان الجميع موقنا بأن "الحياة فرص" فإن كيجو يضيف إلى ذلك إيمانه بأن اجتهاد الناس قد يجعل هذه الفرص تأتي إليهم دون حاجة إلى البحث، دافعا بتجربته الخاصة كمثال. ابن الدارالبيضاء في مدينة الدارالبيضاء أمضى أحمد كيجو غالبية سنين حياته، بهذه الحاضرة ولد وكبر، ومن مؤسسات تعليمية فيها عبر، إلى أن تحصل على باكالوريا في العلوم الرياضية. يعتبر كيجو أن ترعرعه مر في أجواء عادية جدا، بلا إشكالات بارزة، وعلى المنوال ذاته نسج مروره بمدارس المهندسين خلال مرحلة التكوين العالي، بينما التركيز انصب على الثورة الرقمية. "ولوجي سوق الشغل كان بسهولة سنة 2010، وجاء بعدما انتهيت مشروع نهاية الدراسة في شركة استخدمتني عقب تخرجي، لكني لم أقضي إلا سنة هناك قبل أن أغدو عاطلا"، يقول أحمد. انطلاق "أفيتو" انخرط كيجو في موقع الإعلانات "Avito" منذ بدايته، منتميا إلى الفريق الذي وقف وراء ما حققته هذه التجربة من نجاحات متتالية فوق "الشبكة العنكبوتية". وفي استحضار لذلك يورد: "صادفت المشروع حين كان إطلاقه قريبا، والواقفون وراءه كانوا باحثين عن كفاءات مغربية قادرة على إعطاء القيمة المضافة". كيجو يسترسل: "تجربة Avito هي أفضل ما عشته حتى الآن، ولن أنسى ذلك أبدا، فقد كنت منتميا إلى الفريق الذي أبرز هذا المشروع على صعيد المملكة". عرض لا يرفض يقر الخبير المعلومياتي بأن الأمور كانت تجري وفق ما رغب فيه خلال استقراره في مدينة الدارالبيضاء، خاصة عند سير التزاماته المهنية بشكل تخطى توقعاته البدئية. ينفي أحمد كيجو أن يكون راغبا في خوض تجربة هجرة، ويقول: "آمنت دوما بأن البيئة المغربية تساير من أراد العيش في مستوى جيد إن كان من الباحثين عن التطور". ويفسر الشاب نفسه: "لم أرغب في الهجرة وأنا أعمل بجد كي أتعلم وأعمل، كما أني أخذت في بناء حياتي بالتركيز على شغلي، أساسا، واتخاذ خطوات اجتماعية لتحسين وضعي". يرجع كيجو إقدامه على الهجرة نحو دولة الإمارات إلى تلقيه "عرضا لا يمكن رفضه" من شركة مستقرة في دبي، بتفاصيل جعلته ينخرط في أحلام جديدة ويسعى إلى تجربة دولية رائدة. الأردنوالإمارات التعاقد الجديد لأحمد جعله يلتحق بالإمارات العربية المتحدة قبل أن يتحرك صوب المملكة الأردنية الهاشمية، مطالبا بالمكوث ستة شهور في عاصمتها عمان، لكنه أمضى هناك سنة ونصف السنة. الاندماج في الفضاء الأردنيوجده المغربي عينه صعبا، مرجعا تقييمه المبني على تجربته إلى عدم وجود أبناء بلده بكثافة، وما يخلفه ذلك من غياب عادات ألفها في المغرب. ويقول كيجو: "انعزلت 6 أشهر مكتفيا بالتواصل مع أسرتي وأقاربي وأصدقائي في الوطن، ثم تغير المعطى بعدما أخذ زملائي في العمل يشاركونني إيقاعات الحياة". أما العيش في دبي فقد وجده الشاب المغربي دافعا إلى تحقيق الاندماج السريع، مستفيدا من وجود عدد كبير من الوافدين في مثل حاله، استقدمهم العمل ولا معارف لهم في الإمارات. استغرق أحمد شهرين للتمكن من "ضوابط دبي"، مستفيدا "من كثافة الحضور المغربي في هذه الحاضرة العالمية، وأيضا بعموم الإمارات، لخلق معارف وصداقات". مشاغل اليوم يشغل كيجو موقع "مدير منتوج" في شركة خاصة ب"الإعلانات الرقمية الصغيرة" يتركز عملها على 6 بلدان وتضع تحت يافطة "في طور الاستثمار" 6 بلدان أخرى. "أشرف على تطوير المنتوج بإضافة تعديلات جديدة على الموقع الإلكتروني والتطبيق الرقمي، والإشراف على تكييفه مع حاجيات السوق، دون إغفال جعل استعمالاته تتم أكثر فأكثر"، يكشف الشاب المغربي. ويقول كيجو إن أداءه المهني يتم اعتمادا على دراسات تجرى، زيادة على نتائج تجريبات يتم القيام بها، مع كل ما يتطلبه الأمر من ضبط للاختلالات والتدخل لتصحيحها. يتصدر أحمد فريقا مهنيا يتعدى عدد المنتمين إليه 20 فردا مستقرا في الأردن، بينما يقوم كيجو بزيارة شهرية لمقر الشركة في عمان بغية الاجتماع بعناصره وجها لوجه. عن كل هذا النشاط، يعلق الخبير الرقمي قائلا: "التحرك إلى الإمارات جعلني أوسع نطاق ما تعلمته، وأنفتح على ثقافات مغايرة لما سبق لي أن عرفته، وحتى التعامل المهني يتم مع سوق متنوع كبير". إقبال الفرص لن يتردد كيجو في القيام في سلك المسار نفسه إن عاد به الزمن إلى الماضي، وفق ما يقر به، مصرّا على أن "التجربة الدولية تتيح الوجود في ثقافة مهنية مغايرة لما اعتيد في الوطن، وتوسط فريق عمل عالمي يحث على التطور باستمرار". يربط "ابن البيضاء" العيش خارج البلاد بمواصلة الطموحات نموها، وباستحضار تجربته يقول: "كنت في سوق المغرب والحين أباشر أسواق 12 بلدا.. هذا قد يحث على التفكير في الالتحاق بمؤسسة أخرى أو المرور إلى مهنة مغايرة". "الإمارات العربية المتحدة تتوفر على فرص عديدة يمكن استثمارها في التطور، وبعض هذه الفرص يتم اقتراحها من لدن مسؤولي شركات على أفراد بارزين، دون أن يقوم هؤلاء بالبحث عنها، من يتوفر على خبرة يغدون مطلوبين"، يزيد المتحدث. إلى من يهمهم الأمر يخبر أحمد الراغبين في شق مسارات مستقبلية خارج المغرب بأن "العالم أنغلوسكسوني وليس فرنكوفونيا" في كل المجالات المرتادة، عكس الوضع في الوطن الأم وما يشهده لطغيان الفرنسية على الحياة الدراسية. ويزيد المتخصص في التصاميم الرقمية: "المغاربة الراغبون في الهجرة مطالبون بتعلم الإنجليزية، أولا، مع التخصص في مجال قابل لتصدير الخبرة الخاصة به أو دفع شركات إلى البحث عن أصحابها". يختم أحمد كيجو نصائحه ل"مهاجري الغد" بالتشديد على ضرورة مناقشات الأجور مع الشركات، ويفسر: "الراتب الذي يكفي في المغرب قد لا يكون كذلك في الخارج، لذلك ينبغي الاطلاع على محتويات مواقع إنترنيت تعطي فكرة عن كلفة الحياة في البلاد المقصودة".