"إنَّ تفعيل تعميم نظام المساعدة الطبية سنة 2011، بعد انطلاق تجربة نموذجية بجهة تادلة أزيلال سنة 2008، سيُمَكِّن الساكنة المعوزة غير القادرة على تحمُّل مصاريف العلاج من الحصول على تغطية صحية أساسية والاستفادة من مجانية العلاجات من خلال الخدمات الطبية المقدمة لها في المستشفيات العمومية والمؤسسات العمومية للصحة والمصالح الصحية التابعة للدولة سواء في الحالات الاستعجالية أو خلال تلقي العلاجات بالمستشفى".. بهذا المقدمة الغارقة في التفاؤل قدّمت الحكومة نظام المساعدة الطبية "RAMED" في الموقع الإلكتروني الذي خصصته للتعريف بهذا النظام الذي مضت على إحداثه حوالي سبْع سنوات، كشفتْ جملة من الثغرات التي تتسرب منها الوعود الحكومية، لتوفير خدمات طبيّة لمُعوزي المملكة، لتتبخَّر مخلّفة معاناة يتجرّعها المتحدّرون من الطبقات الهشة في المستشفيات، وإنْ كانوا يحملون بطاقة "راميد". من بيْن المشاكل التي لازالَ يواجهها المرضى من حاملي بطاقة "راميد"، أثناء بحثهم عن العلاج، المساطر التي يشوبها كثير من التعقيد؛ ذلك أنَّ المريض لا يحقّ له أنْ يتوجّه إلى المستشفى الإقليمي أو الجهوي أو الجامعي إلا بعد أن يحصل على "ورقة التنقيل" من المركز الصحي القريب من محلّ سُكناه، وهو ما يطرحُ مشاكل للمرضى، خاصة في العالم القروي. يُوضح خليل رفيق، مسؤول لجنة الإعلام والتواصل بحركة الممرضين وتقنيي الصحة، أنَّ ما يفاقم معاناة المرضى أنَّ إخراج نظام المساعدة الطبيبة لم تواكبه حمْلة للتعريف به؛ وهو ما يجعل حاملي بطاقة "راميد" يتوجهون إلى المستشفيات الكبرى، قاطعين مسافات طويلة، وحين يبلغونها تطلب منهم العودة إلى المراكز الصحية التابعة لمدنهم، للحصول على "ورقة التنقيل"، مع ما يكلّفه ذلك من مصاريف، خاصة أنّ حاملي بطاقة "راميد" من الطبقة الفقيرة. ثمّة إشكاليّة أخرى تواجه المرضى المستفيدين من نظام المساعدة الطبية، وهي عدمُ توفّر المستشفيات العمومية على عدد من الأدوية والمستلزمات الطبية باهظة الثمن، كالأدوات المستعملة في جراحة العظام، والتي يتراوح سعْرُها ما بين 10 إلى 20 ألف درهم، وكذا الأدوية، ومنها الإبَر المستعملة لمنْع تخثّر الدم، والتي تُوصف للمرضى بعد إجراء العمليات الجراحية على القلب أو العظام، ويصل سعر الواحدة منها إلى 100 درهم، وتتطلب المواظبة على استعمالها، يوميا، لمدة شهر كامل. يشير خليل رفيق إلى إشكالية أخرى يعاني منها المرضى المستفيدون من نظام التغطية الصحية، وتتعلق بالأعطاب المتكررة التي تَلحق التجهيزات الطبية في المستشفيات العمومية، وهو ما يُرغم المرض على إجراء الفحوصات في المختبرات الخاصة؛ وكذلك عدم توفّر عدد من المستشفيات على مختبرات لإرجاء بعض أنواع التحاليل، ك"تحليلة" الأزمة القلبية، والتي يصل ثمن إجرائها في المختبرات الخاصة إلى 300 درهم. فضلا عن الإشكالات سالفة الذكر، يعاني المرضى حاملو بطاقة المساعدة الطبية "راميد" من تأخُّر حصولهم على البطاقة، حتى في حالة إعادة تجديدها، إذْ يحصلون فقط على وصْل من السلطات المختصّة، لكنّه لا يخوّل لهم العلاج، إلا في الحالات الاستعجالية. وزير الصحة، أنس الدكالي، اعترف بأنَّ تدبيرَ نظام "راميد" في حاجة إلى مزيد من الحكامة، مشيرا إلى أنَّ وزارته تعمل على إحداث صندوق خاص بهذا النظام من أجل تأهيل العرض العلاجي، خاصة على مستوى المستشفيات العمومية، من أجل تجاوُز الإشكالات المالية التي تعرفها. وأكّد الدكالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنَّ وزارة الصحة تسعى إلى إحداث صندوق تمويل نظام "راميد" خلال الولاية الحكومية الحالية، مبرزا أنّه مسجل في البرنامج الحكومي، وفي مخطط الوزارة في أفق سنة 2025. وشدّد الدكالي على أنَّ تجويد نظام راميد يتطلب الاهتمام بالموارد البشرية المشتغلة في المستشفيات العمومية، مضيفا: "مسألة التحفيز حاضرة بقوة في برنامجنا"، كما أكّد أنّ وزارته تعمل على تجويد الخدمات العلاجية المقدَّمة للمرضى المستفيدين من نظام المساعدة الطبية، وكذلك الحصول على الأدوية.