بعد أسبوعيْن فقط من نشر قانون محاربة العنف ضدّ النساء في الجريدة الرسمية، اهتزّ الرأي العام المغربي على وقْع محاولة اغتصاب أقدم عليها مراهق في حق يافعة، همَّ بمحاولة اغتصابها وسط الشارع العام، موثّقا فعْلته في مقطع "فيديو" يظهر فيه مكشوف الوجه. الواقعة خلّفت استهجانا كبيرا من طرف رُواد الشبكات الاجتماعية، حيث ارتفعتْ أصواتٌ غاضبة من فعلة المراهق الجانح، طالبَ بعضها باتخاذ أقسى العقوبات السجنية في حقه. وفي المقابل ارتفعت المطالب بتوفير علاج نفسي للفتاة التي تعرضت لمحاولة الاغتصاب. تزامُن واقعة الاغتصاب الجديدة مع نشر قانون محاربة العنف ضدّ النساء في الجريدة الرسمية يُسائل قدرة هذا القانون، الذي سيُشرع العمل به ابتداء من شهر شتنبر القادم، على حماية النساء في المغرب من العنف الذي يطالهُن، ومنه العنف الجنسي. تستبعدُ سعيدة الإدريسي، رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، أنْ يُفضي قانون محاربة العنف ضدّ النساء إلى تحقيق حماية فعّالة للنساء من العنف، معتبرة أنّ هذا القانون "مُشتّت، وهو مجرّد تعديلات للقانون الجنائي، وهو ما سيُصعّب مهمّة القضاة في تطبيقه". ويُعرّف القانون رقم 103.13، المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، العنفَ الجنسي بأنه "كل قول أو فعل أو استغلال، من شأنه المساسُ بحُرمة المرأة لأغراض جنسية أو تجارية، أيا كانت الوسيلة المستعمَلة في ذلك". وتنصُّ المادة من القانون سالف الذكر على مجموعة من العقوبات في حالة الإدانة من أجل جرائم التحرش أو الاعتداء أو الاستغلال الجنسي، لكنَّ الإدريسي ترى أنَّ تطبيق هذا القانون لن يكون يسيرا؛ "ذلك أنّه يشترط إثبات التعرض للاعتداء الجنسي، وإذا أثبتت المرأة ذلك يتهمونها بالفساد". بثّ مقطع "الفيديو" الذي يوثق لمحاولة اعتداء جنسي من طرف الشاب الذي لازال البحث عنه جاريا، حسب بلاغ عمّمتْه المديرية العامة للأمن الوطني، الثلاثاء، يأتي بعد واقعة مماثلة شهدتْها مدينة الدارالبيضاء قبل بضعة شهور، حيث جرت محاولة اغتصاب فتاة ذات إعاقة في حافلة من طرف مجموعة من الشبان. وانطلاقا من هذه الواقعة تستخلص سعيدة الإدريسي أنَّ النساء ضحايا العنف الجنسي يعشْن معاناة مُزدوجة، جسدية ونفسية، مشيرة إلى أنّ الشابة زينب، التي تعرضت لمحاولة اغتصاب داخل حافلة، لم تخضع لأيّ مواكبة نفسية، "بل أصبحت تعيش منطوية داخل سجْن والديْها". وينصّ قانون محاربة العنف ضدّ النساء في المادة التاسعة من بابه الرابع على إحداث خلايا ولجان مشتركة بين القطاعات، تتولّى مهمّة التكفل بالنساء ضحايا العنف، حيث ستقوم بالاستقبال والاستماع والدعم والتوجيه والمرافقة لفائدة النساء ضحايا العنف. وفيما لا تفصل عن تطبيق قانون محاربة العنف ضدّ النساء سوى بضعة أشهر، ترى سعيدة الإدريسي أنّ هذا القانون، الذي طالتْه انتقادات واسعة من طرف الجمعيات والمنظمات المدافعة عن حقوق النساء، يجب أن يُواكبَ بحملة تحسيسية من أجل التعريف به.