يصادف اليوم العالمي لحماية المستهلك هذه السنة نقاشات حول "الاستراتيجية الوطنية لحماية المستهلك"، و"غياب المخاطب الرسمي بشكايات المستهلكين"، تثيرها جمعيات مغربية تعنى بحقوق المستهلك داخل الوطن. قوانين جاهزة دون تطبيق يقول حسن شطيبي، رئيس جمعية تامسنا لحماية المستهلك، إن "المستهلك المغربي غير محمي رغم أن هناك ترسانة قانونية مهمة جدا ومراسيم تطبيقية، لكنها غير مطبقة". وأرجع شطيبي عدم تطبيق قوانين حماية المستهلك إلى "كون الدولة غير قادرة في المرحلة الراهنة على توفير متخصصين ومراقبين وموارد بشرية ومالية"، ووصف ذلك بالتهرب. وأضاف المتحدث أن "القوانين لوحدها غير كافية؛ فالقوانين يجب أن تطبق وتنزل إلى أرض الواقع، لكن هناك تهربا بحجة أنه ليست عندنا موارد بشرية، وليست عندنا أجهزة، وليست عندنا كيفية المراقبة". بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، قال بهذا الخصوص: "القول بأن المستهلك المغربي محمي كلمة كبيرة جدا، فرغم أن الترسانة القانونية موجودة، وتبلغ 317 قانونا لحماية المستهلك، فإن الإشكالية توجد في التطبيق". وأضاف الخراطي أن التطبيق "مرتبط بمن يراقب ومن يحمي"، محملا مسؤولية عدم تطبيق الترسانة القانونية لتعدد و"تشتت الوزارات التي تعنى بحماية المستهلك". شكاياتٌ حاضرة ومخاطبٌ غائب يرى الخراطي أن "تعدد الجمعيات والفاعلين المدافعين عن المستهلك في المغرب شيء سلبي، لأنه عندما لا تكون مؤسسة تعنى بحماية المستهلك، لا يكون المخاطب واحدا". وقدم الخراطي أمثلة لدول يوجد فيها مخاطب وحيد بشكاوى وشؤون المستهلكين ك"فرنسا التي توجد بها وزارة للاستهلاك، والولايات المتحدة وألمانيا اللتين توجد بهما وكالة لحماية المستهلك، وكندا التي يوجد بها مكتب لحماية المستهلك، ومصر التي توجد بها وكالة لحماية المستهلك، والإمارات التي توجد بها وزارة السعادة". وأضاف شارحا أن هذه الدول "سبقتنا وأعطت نتائجا"، بينما في ظل تعدد المخاطبين بالمغرب "لا يكون تنسيق بين الوزارات، إضافة إلى مشكل كون الوزارات تقوم بالتأطير والمراقبة في الوقت نفسه". ووصف المتحدث ذلك بحالة تنافٍ، "لأن الوزارات تكون طرفا وحكما"، بحسب تعبيره. وفي السياق نفسه، وصف شطيبي تعدد المصالح والأدوار وتداخلها ب"المعضلة"، وقال إن المعنيين هم "وزارة الصحة، ووزارة الداخلية، ووزارة الصناعة والتجارة والخدمات". وأوضح أن "هناك 11 أو 12 مصلحة معنية بحماية المستهلك، كلها عندما نتوجه إليها تقول لنا هذا ليس من اختصاصنا اذهبوا إلى المصلحة الأخرى، وهنا تضيع شكاية المستهلكين". وأمام تعدد المصالح والأدوار وتداخلها، يرى شطيبي ضرورة إحداث وكالة مستقلة تستقبل شكايات المستهلكين وتعالجها، "كي لا تبقى الجمعيات ضائعة، ولكي لا يبقى المستهلك المغربي الذي لا يعرف حقوقه ضائعا". "المستهلك المغربي جاهل بحقوقه"، يقول رئيس جمعية تامسنا لحماية حقوق المستهلك، مضيفا: "عندما نقوم بحملة أو ورشة نسأل فيها الناس عن حقوقهم كمستهلكين، نجد أن أكثر من 80 في المئة لا يعرفون حقوقهم، للأسف". وأبرز المتحدث أن "المستهلك ليست لديه ثقافة استهلاكية سليمة مبنية على فهمه حقوقه"، وهي حقوق ستة ذكرها القانون القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك تتمثل في الحق في الإعلام، والحق في حماية حقوق المستهلك الاقتصادية، والحق في التمثيلية، والحق في التراجع، والحق في الاختيار، والحق في الإصغاء للمستهلك. ويرى الخراطي أنه "رغم تشتت الوزارات التي تعنى بحماية المستهلك"، إلا أن هذا الأخير "قد بدأ يعي حقه في أن يشتكي ويطالب بحقوقه"، ووصف هذا بالأمر ب "الجيد"، مبرزا وجود "ارتفاع في عدد الشكايات لأن عدد الشبابيك ارتفع من 5 شبابيك في 2015 إلى 25 الآن". حماية المستهلك حماية للاقتصاد الوطني قال الخراطي إن الجامعة المغربية لحقوق المستهلك التي يترأسها "تطالب بأن تكون عندنا وزارة الاستهلاك"، وأضاف: "عندما تكون عندنا هذه الوزارة كمخاطب واحد، يمكن أن نقول إن الحماية يمكن ضمانها بنسبة 50 أو 60 في المئة". وفي السياق نفسه، يرى شطيبي أن المغرب في حاجة إلى استراتيجية وطنية لحماية المستهلك، وأنه دون هذه الاستراتيجية "لن تكون عندنا منظومة استهلاكية، وإذا لم تكن عندنا منظومة استهلاكية، فالمنظومة الاقتصادية المغربية سوف تنهار لأن المستهلك هو الذي يحمي الاقتصاد، فهو هو الذي يشتري، وهو الذي يروج الاقتصاد". وبناء عليه، فإن حماية المستهلك هي "حماية للاقتصاد الوطني"، في نظر شطيبي الذي تأسف لعدم انتباه المسؤولين لهذا الأمر؛ "ما جعلنا لا نصل بعد إلى مبتغانا وهو حماية المستهلك"، وفق تعبيره. *صحافي متدرب