بعد سنتين من دخوله حيز التنفيذ٬ يبدو أن تأثير قانون حماية المستهلك ما يزال محدودا٬ وأنه لم يترسخ بعد في سلوكيات المجتمع. وإذا تم الاتفاق على أن ثقافة حماية حقوق المستهلك ما تزال بعيدة عن سلوكيات المجتمع٬ فإن حركة المستهلكين٬ في المقابل٬ تتطلع إلى تنفيذ فعال لأحكام هذا القانون٬ الذي يبقى لوحده غير كاف لتغيير المواقف٬ إذ بالرغم من دخول نص القانون معترك التنفيذ فإن التحكم في بعض المظاهر٬ ما يزال في حاجة إلى نصوص تنظيمية لكي يتم التنزيل الفعلي للنص، من قبيل التقنين على مستوى تزويد المستهلك بالمعلومات٬ كإلزامية وضع العلامات التجارية المرفقة بكافة المعلومات عن المنتج، خاصة ما يتصل منها بالدقة في تحديد تاريخ تسليم المنتج٬ وهو ما يسمح للمستهلك٬ في حالة المخالفة، الامتناع عن شراء المنتج. واعتبر رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات المستهلك٬ السيد محمد بنقدور٬ أن المغرب باحتفاله باليوم العالمي للمستهلك تحت شعار "جميعا من أجل حماية حقوق المستهلك الاقتصادية في التمثيلية والإصغاء إليه"٬ يستكمل شروط الاعتراف القانوني بحقوق المستهلك الأساسية على مستوى الشعارات٬ لكن دون أن يتجاوزها إلى إنجازات ملموسة. وبالنسبة لهذا الفاعل الجمعوي٬ ينبغي تركيز الجهود على تطوير استراتيجية وطنية شاملة لحماية المستهلك تعتمد على دعم المجتمع المدني وزيادة وعي المستهلكين بحقوقهم. ولهذا السبب٬ جعلت وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة من تعزيز ثقافة الاستهلاك استراتيجية لتعزيز حماية المستهلك. ولتحقيق ذلك٬ أكد عبد القادر اعمارة وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة أن الوزارة تسعى إلى بناء جسر للتواصل مع الجمعيات الناشطة في الميدان ومدها بالدعم اللازم للتأهيل٬ مشيرا إلى أن وزارته تتطلع إلى عقد شراكات مع المنظمات الدولية والإقليمية لحماية حقوق المستهلك٬ في ظل توجه حكومي لتنزيل مقتضيات القانون المتعلق بحماية حقوق المستهلكين. ويضمن هذا القانون الحقوق الأساسية في مجال العلاقة الرابطة بين الزبون والمورد٬ كما يعيد التوازن إلى هذه العلاقة٬ والتي بموجبها ألغى القانون كل الشروط أو البنود غير العادلة بما في ذلك العقود المبرمة قبل تاريخ صدور هذا القانون. ويوجد من بين الحقوق المكفولة للمستهلك٬ على الخصوص٬ الحق في الاختيار وأيضا في الحصول على المعلومات وكذا الانسحاب والاستماع والتمثيلية والحق في حماية مصالحه الاقتصادية. ولتكريس هذه الحقوق٬ يفخر القطاع الوزاري المكلف بهذا الملف بكونه أعد ووضع في مسار الاعتماد تشريعات تنفيذية للقانون 31-08. ويتعلق الأمر٬ على الخصوص٬ بالمرسوم الذي يحدد الوضع النموذجي لجمعيات حماية المستهلك المعترف لها بالمنفعة العمومية٬ وكذا مشروع مرسوم يتعلق بإحداث الصندوق الوطني لحماية المستهلك ومشروع قانون لإنشاء مجلس استشاري أعلى للاستهلاك. ولتقديم خدمة أفضل للمستهلكين٬ أطلقت الوزارة بوابة إلكترونية (دوبلفي دوبلفي دوبلفي.خدمة المستهلك.ما)٬ وترمي هذه المبادرة إلى توجيه وتثقيف وإخبار المستهلك٬ وخلق فضاءات لاستقبال وتوجيه شكاوى المستهلكين إلى السلطات المختصة وتمكين المستهلك من التواصل بجمعيات حماية المستهلك. وتسعى البوابة أيضا إلى المساهمة في الحد من المخاطر التي يتعرض لها المستهلك على المستويين الصحي والاقتصادي٬ وتمكينه أيضا من التوجه إلى شباك وحيد. وبالنسبة لرئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات المستهلك فإن حماية المستهلك تعني من جهة أخرى إقناعه بضرورة ترشيد استهلاكه باعتباره محركا للتنمية المستدامة عبر تطويره لآليات الحصول على المعلومات والتوعية. وقال إن من بين مهام الجمعيات الاستهلاكية٬ تحسيس المستهلك بالوسائل المتاحة لكي يكون على علم جيد بالمنتجات والخدمات المطابقة لمعايير الجودة٬ ولكي يتمكن من الاضطلاع بدوره كحلقة في سلسلة الاقتصاد الوطني. ونفس التوجه عبر عنه رئيس الفيدرالية المغربية لحقوق المستهلك٬ بوعزة الخراطي٬ الذي أشار إلى أن جمعيته جعلت من 2013 سنة ترشيد الاستهلاك وترسيخ ثقافة استهلاك مسؤول بدون إفراط. وفي هذا الصدد٬ أكدت الوزارة الوصية التزامها بالعمل بشكل وثيق مع هذه الجمعيات٬ خصوصا في مجال التحسيس والإعلام كجزء من برامج-عقود٬ ومدها بالدعم لتمكينها من القيام بدورها كاملا.