برلمانات الجنوب العالمي تعوّل على منتدى الرباط لمناقشة "قضايا مصيرية"    الملك يعين عددا من السفراء الجدد    الرباط.. انعقاد الاجتماع ال 11 للجنة العسكرية المشتركة المغربية-الإسبانية    مشكل انقطاع الكهرباء: إسبانيا تشكر المغرب    "الأخضر" ينهي تداولات البورصة    رئيس الحكومة الإسباني.. استعدنا التيار الكهربائي بفضل المغرب وفرنسا    وزير العدل يعلن نهاية الجلسات العامة في قضايا الأسرة وتحويلها إلى اجتماعات سرية    تداعيات الكارثة الأوروبية تصل إلى المغرب .. أورنج خارج التغطية    مهنيو الصحة بأكادير يطالبون بحماية دولية للطواقم الطبية في غزة    وزير الأوقاف: "دعاية فاسدة من منتسبين إلى الدين تؤدي إلى التطرف"    الكهرباء تعود إلى مناطق بإسبانيا    قضايا الإرهاب .. 364 نزيلا يستفيدون من برنامج "مصالحة"    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    أورونج المغرب تعلن عن اضطرابات في خدمة الإنترنت بسبب انقطاع كهربائي بإسبانيا والبرتغال    دوري أبطال أوروبا.. إنتر يواجه برشلونة من دون بافار    الرياح القوية تلغي الملاحة البحرية بميناء طنجة المدينة    التحالف الديمقراطي الاجتماعي في العالم العربي يؤكد دعمه للوحدة الترابية للمملكة ويرفض أي مساس بسيادة المغرب على كامل ترابه    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    يضرب موعد قويا مع سيمبا التنزاني .. نهضة بركان في نهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية للمرة الخامسة في العقد الأخير    أزيد من 3000 مشاركة في محطة تزنيت من «خطوات النصر النسائية»    منتدى الحوار البرلماني جنوب- جنوب محفل هام لتوطيد التعاون بشأن القضايا المطروحة إقليميا وقاريا ودوليا (ولد الرشيد)    بوتين يعلن هدنة مؤقتة لمدة ثلاثة أيام    توقف حركة القطارات في جميع أنحاء إسبانيا    الدار البيضاء.. توقيف عشريني بشبهة الاعتداء على ممتلكات خاصة    لماذا المغرب هو البلد الوحيد المؤهل للحصول على خط ائتمان مرن من صندوق النقد الدولي؟ محلل اقتصادي يجيب "رسالة 24"    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    لماذا لا يغطي صندوق الضمان الاجتماعي بعض الأدوية المضادة لسرطان المعدة؟    هشام مبشور يفوز بلقب النسخة الثامنة لكأس الغولف للصحافيين الرياضيين بأكادير    فعاليات المناظرة الجهوية حول التشجيع الرياضي لجهة الشرق    انقطاع كهربائي غير مسبوق يضرب إسبانيا والبرتغال    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    403 ألف زاروا المعرض الدولي للكتاب بمشاركة 775 عارضا ينتمون إلى 51 بلدا    مزور يؤكد على التزام المغرب بتعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين في إطار المنتدى الصيني العربي    مصر تفتتح "الكان" بفوز مهم على جنوب إفريقيا    حمودي: "العدالة والتنمية" نجح في الخروج من أزمة غير مسبوقة ومؤتمره الوطني تتويج لمسار التعافي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ندوة توعوية بوجدة تفتح النقاش حول التحرش الجنسي بالمدارس    ترايل أمزميز.. العداؤون المغاربة يتألقون في النسخة السابعة    "البيجيدي" يحسم أسماء أعضاء الأمانة العامة والمعتصم رئيسا للمجلس الوطني    انطلاق جلسات استماع في محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية    خط جوي مباشر يربط الدار البيضاء بكاتانيا الإيطالية    الذهب يهبط وسط انحسار التوتر بين أمريكا والصين    منظمات حقوقية تنتقد حملة إعلامية "مسيئة" للأشخاص في وضعية إعاقة    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    كيوسك الاثنين | قرار وزاري يضع حدا لتعقيدات إدارية دامت لسنوات    ثروة معدنية هائلة ترى النور بسيروا بورزازات: اكتشاف ضخم يعزز آفاق الاقتصاد الوطني    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسم الصالحة للا تعلات ذكرى لمن كان له قلب

تعتبر الولية الصالحة للا تعلات من أشهر العابدات فِي الجنوب المغربِي على الإطلاق، تشكلت محبتها في الوجدان الروحي للسوسيين منذ عهود مضت، بحكم صلاحها، وبركتها، ونالت عند السوسيين درجة لا أبالغ إن قلت بأنه: لا يوجد لها نظير عندهم؛ مقارنة مع باقي العابدات الأخريات، منذ أن تشرفت سوس بالإسلام إلَى الآن.
وجرت العادة أن يُقام موسمها السنوي في الخميس الأول من مارس الفلاحي1 ويصادف هذه السنة 2018-1439 الذكرى 231 لأنها توفيت كما قال المختار السوسي: يوم "الأحد 10 شوال 1207ه، في تَاسْكْدْلْتْ..2" .
ذكرى موسم تعلات هذه السنة 2018 يصادف الذكرى 184:
أخبرنِي فقيه مدرسة تعلات سيدي الحاج محمد؛ أن الاحتفال بموسم تعلات بدأ العمل به بعد وفاتها ب: 48 سنة، والصالحة المذكورة ماتت سنة 1207 هجرية، فيتعين -وَفق هذا التقدير- أن يكون أول احتفال بموسم تعلات وقع سنة 1255 هجرية، واستمر -حسب شهادات المؤرخين- دون انقطاع منذ ذلك الحين إلى الآن، فاقتضى النظر؛ أن تصادف مناسبة هذه السنة (1439-2018) الذكرى 184؛ لتأخر بداية الاحتفال بالموسم، عن وقت الوفاة بنصف قرن تقريباً.
أصلها ونبذة من كراماتها:
هي فاطمة بنت محمد، من بني علا الهلالية، وأصلها من بني عبلة، فرع من "بني الحسن" قرية تَاسْكْدْلْتْ -إقليم اشتوكة أيت باها- توفيت عام 1207ه، الموافق ل: 1793 ميلادية، قال عنها معاصرها العلامة سيدي امحمد الحضيكي فِي كتابه الطبقات: "رابعة زمانها كانت رضي الله عنها اليوم من الصالحات، القانتات، الصابرات، الخاشعات، الذاكرات لله كثيراً.. قد انتشر صيتها، وعم بلاد السوس والغرب، وأثنى عليها الناس، وفشا وذاع ذكرها بالولاية والصلاح عند الخاصة والعامة في جميع الناس..3".
وإن تعجب من ذيوع صيتها؛ فعجب تأخرها عن وفاة الحضيكي ب: 18 سنة، ورغم ذلك ترجم لها، فخلد ذكرها، مما يدل على شدة شهرتها فِي الصلاح منذ وقت مبكر من حياتها، مع العلم أنه رحمه الله ترك كثيراً من كبار العلماء المشهورين، والصلحاء الأتقياء المعاصرين له، لم يترجمهم.
فقد أشار صاحب الطبقات كذلك إلى بعض كراماتها، فقال عاطفاً عليها: "حتى إنها تحضر مع الأولياء الصالحين، والصالحات في بيعة بعض ملوك المغرب..4" ولا شك أنها عالمة وفقيهة، لأن مؤرخ "ئلالن" (هلالة) العلامة المرحوم سيدي محمد البقدوري ذكر فِي كتابه: تاريخ قبائل هلالة "أن لها قصائد شعرية كثيرةً باللغة الأمازيغية السوسية فِي موضوع التوسل، والنصائح، ومدح الرسول..5".
من هم السلاطين الذين عاصرتهم للا تعلات ؟
وُلدت الولية الصالحة فاطمة للا تعلات في الربع الأول من القرن الثاني عشر الهجري، فعاصرت بذلك ثلاثة من سلاطين الأشراف العلويين على طول النصف الأخير من القرن المذكور، وصدراً من الذي يليه، بدءً بالسلطان عبد الله بن إسماعيل [1141-1171ه] ومروراً بابنه السلطان سيدي محمد بن عبد الله [1171-1204 ه] في حين أدركت في آخر حياتها أوائل عهد السلطان سليمان بن محمد بن عبد الله [1206-1238ه]6 وتوفيت في السنة التي تلت اعتلاءه للحكم .
ولئن كانت وفاتها سنة 1207 هجرية، وافترضنا رجماً بالغيب أن عمرها ما بين الستين والسبعين؛ فستكون ولادتها سنة 1137 هجرية أي: في أواخر عصر السلطان مولاي سليمان العلوي [1082-1139 ه] فتكون بذلك عاصرت أربعة سلاطين ظناً7 وثلاثة يقيناً.
مستجدات موسم للاتعلات هذه السنة 2018 :
جرت العادة في كل المواسم أن تقع فيه بعض المخالفات، مصحوبة ببعض الظواهر الغريبة التي تعكر جمال تنظيمه، فيلتقط المشرفون تلك الإشارات، ويدَوِّنونها لتُستدرك في المواسم المقبلة، ويقننوا لها شروطاً جديدة لتفادي الأخطاء السابقة، والتصدي للتصرفات الطائشة "ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حيي عن بينة8".
وقد أفادنِي قبل أيام بعض المشرفين على تنظيم موسم الصالحة للا تعلات بمعلومات مفادها؛ أن هذه السنة عرفت ست مستجدات أربع منها تتعلق بموسم الطلبة، وأخرى تتعلق بموسم خاص للنساء الخميس المقبل 22 مارس 2018 وهاك ملخصها:
الأولى: طبع البرنامج الخاص باللائحة التي يضم المدارس المشاركة في الموسم، ويوزَّع على مقدمي جميع تلك المدارس، جمعاً بين اطلاعهم على المدارس المشارِكة للتعارف والتآزر، ومعرفة ترتيب مدرستهم في نوبة "تاحْزّابْتْ" وعادة ما تتقدم مدرسة تسكدلت هذه اللائحة باعتبارها معقل الولية الصالحة، ثم تنالت.. وهلم جرا.
الثانية: تمييز الفرق بين المدرسة والمجموعة، لأن كثيراً منها تعتبر نفسها مدرسة، فيخيل للمنظمين أنها مدرسة عتيقة يشرف عليها فقيه مشهور، له طلبة علم يدرسون عنده، فتبين بعد البحث والتقصي؛ أن تلك المجموعات عبارة عن تلاميذ وطلبة "مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء9" فيتجمعون هناك، ويتفقون على اسم محدد فيُسَمّون لأنفسهم: "المدرسة" بالوضع، وإذا لم يعجل المشرفون بالتمييز بين المجموعة والمدرسة؛ فسيكون أقسامه ثلاثة مستقبلاً.
الثالثة: أن هذه السنة انضافت إلى تلك اللائحة مدرستان علميتان عتيقتان في إقليم طاطا لأول مرة، وهكذا تتسع شهرة موسم تعلات، لتتغلغل في العمق الصحراوي، علماً بأن السنة الماضية 2017 شاركت مدرسة علمية عتيقة من العيون، ومن السابق لأوانه منذ الآن الحديث عن مشاركة باقي المدارس العتيقة بالداخلة، وأوسرد، في السنوات المقبلة، وكيف لا وما من عام والحمد لله؛ إلا والذي بعده خير منه.
الرابعة: أن بعض المحسنين بأيت باها دأبوا لسنوات طوال على استقبال طلبة مدرسة تنالت وغيرها من المدارس المجاورة لها، فيستضيفونهم بما جرت به العادة من الكرم والإحسان، وهذه السنة قرروا أن يقسموا ريع تلك المناسبة نقداً على جميع المدارس المشاركة في موسم تعلات.
سبب استحداث موسم للا تعلات:
يغلب على الظن الموشك لدرجة اليقين؛ أن الموسم استُحدث أصالة بسبب المكانة الروحية للصالحة للا فاطمة تعلات عند عامة الناس، بحكم صلاح حالها، وورعها، ومن ثم يتداوله الخلف عن السلف، فشاعت محاسنها وفضائلها، وتواترت كراماتها بين العباد فِي البلاد، فبدأت تدور على الألسنة، فصادف ذلك هوى في نفس فضلاء الهشتوكيين وعلمائها فتمكنا، وكان قصدهم بالجملة أن يكون موسماً قرآنياً خاصاً بحفظة كتاب الله، يرثون فيه من بركة ميراث الصالحة للا تعلات بالفرض والتعصيب، فكأن لسان حالهم يصدق عليه معنى قوله تعالى: "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين10".
فتواردت هذه الخواطر، ووقع الحافر على الحافر، ليندفع أهل هشتوكة طراً إلى استحداث هذا الموسم، فسنوا هذه السُّنّة الحميدة المندرجة تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم "من سن سنة حسنة فله أجرها..11" وما زالت باقية إلَى اليوم والحمد لله، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله.
وقد كان الموسم يعج بكبار القراء في المغرب، ويتنافسون فيه صقلاً لمواهبهم، واستنهاضاً لهممهم، وتحفيزاً لهم على مزيد من الطلب والتحصيل، وربما يمتحنون أثناء القراءة لتمييز "أوْرَّاشِيْ" عن "إِمْزّْوِي"12 وهذا ما نبه إليه صاحب المعسول لما قال عن موسم تعلات، وسائر المواسم الدينية المقامة بهشتوكة: "فصارت تلك المواسم للطلبة؛ مثل الامتحانات كل سنة في هذا العصر الحاضر..13".
مشاركة مدارس قرآنية بمدينة العيون سنة 2016:
من الأخبار السارة التي تثلج الصدور؛ أن المدارس القرآنية الجديدة تتزايد، فقد جرت العادة مشاركة عدد من المدارس القرآنية والعلمية بجهة أكادير بمدنها الخمس، بل امتدت المشاركة لتشمل جهة مراكش أسفي، كمدرسة بوعنفير بشيشاوة، والصويرة، والحوز، وبلغ تأثير هذا الموسم أقصاه لما امتد إلَى مدارس دكالة، وعبدة، وورززات، والدار البيضاء.
بل انضمت في سنة 2016 مدارس في العمق الصحراوي فشاركت في نوبة "تحزابت" وكم هو جميل يا جميل أن ترى مدرسة قرآنية سجلت نفسها في اللائحة الرسمية تحت رقم 81 باسم مجموعة طلبة ولاية عيون الساقية الحمراء ووادي الذهب، لابسين أقمصة صحراوية، ويقرؤون بطريقة جماعية، تتخللها نغمات عذبة، وزاد من جماليتها تلكم اللكنة الصحراوية الظاهرة، تتعالى عنان السماء، في تمازج قرآني بديع، تلتقي فيه أصالة الأعراف الصحراوية بأنصع صورها، ومعاصرة تلاقحها بالتقاليد السوسية بأبهى مظاهرها.
ومن المرتقب هذه السنة أن تنضاف مدارس أخرى جديدة فِي الشمال، وسيكتمل بذلك عِقد المدارس القرآنية بالمغرب بأكمله، مما سيجعل من موسم تعلات *الموسم الوطنِي للقراء* بعد أن كانت حكراً ولفترات طوال؛ على جهتي سوس ومراكش، ومن شأن ذلك أن يلهب أسعار الكراء إلَى درجة تفوق الخيال أحياناً، لتزايد الزوار، وتكاثر الضيوف، وضيق المكان.
أثمان كراء المحلات والأراضي بتاعلاط سنة 2017:
استقيت من معلومات محلية ما يفيد أن المشرفين على الطلبة كالفقهاء، والمقدَّمين يكترون منازل متوسطة بثمن قدره 3000 درهم، تمتد لثلاثة أيام؛ الأربعاء، والخميس، والجمعة، وإن كانت كبيرة ف 4000 درهم، وما كان الله ليضيع إيمانهم، أما دون هذين الثمنين فكثير، بل هناك من يكتري أراضي خاوية على عروشها دون بئر ب 1500 درهم، ويضع عليها المكتري خيمة طيلة مكثه في الموسم، وينتفع القاطنون هناك في هذا الموسم مادياً، ومنهم من يسلم منازله وأراضيه مجاناً دون مقابل؛ رجاءً لبركة الولية الصالحة.
موسم تعلات بين الأمس واليوم:
كان موسم للا تعلات يكتظ بالقراء، والمحزبين حتى ضاقت بهم رحاب المسجد، فيتناوبون فِي قراءة الأرباع المعهودة بالتتابع، وربما يصادف أن تفتتح مجموعة القراءة، وبجانبها أخرى سبقتها، ولا تريد كل منهما أن تتراجع، فيقع نوع من الاختلاط فِي الأصوات، فيَفْقِد المستمعون حلاوة القراءة الجماعية.
ولقد أتى على الطلبة السوسيين حين من الدهر لم يكن ما عهدوه شيئاً مذكوراً، واستمروا على ذلك في العصور الأخيرة، بل ربما تنتظر مجموعة نظيراتها فِي زاوية بعيدة قد لا تصلها النوبة إلا في وقت متأخر من الليل؛ فتسعى هي الأخرى إلَى القراءة، ومن ثَم تتسابق أصوات المحزبين في المقصورة، وتتناغم من جهة أخرى مع تلك الأصوات الروايات القرآنية الأخرى برواية ورش، وكذا رواية المكي، والبصري، وحمزة، بالجمع غالباً، وبالإفراد نادراً14.
وكل هذا جعل البعض يرى عدم جواز ذلك شرعاً، لاختلاط الأصوات، مما مهد الطريق لظهور أقوال أخرى ترى بأن قراءة القرآن جماعة بدعة منكرة، ومن لغا فلا موسم له، فناسب أن يجتمع عقلاء القوم، وأعيان المنطقة، ومشاهير علمائها لإيجاد صيغة توافقية تعيد النظر فِي الأعراف السائدة والتقاليد المرعية للبنية العامة لتحزابت بموسم للا تعلات.
تحزابت بموسم تعلات من التقليد العرفِي إلَى التقنين النظامي:
استقيت معلومات من المشرفين على الموسم مفادها؛ أن تقنين تحزابت بدأ العمل به حوالَي سنة 2013 وإن كانت إرهاصاتها بدأت منذ سنة 2009 وما زال العمل بذلك ساري المفعول إلَى الآن، وطريقة تنظيمه؛ أن يعلن المشرف على ترتيب تلك المدارس أمام الملأ عن اسم المدرسة التِي ستبدأ في ربع الحزب الذي انتهى به التفويج في الموسم الماضي، حسب تتابع ربع الأحزاب وفق الترتيب القرآنِي .
وتبتدئ قراءة تحزابت من أذان صلاة العشاء ليوم الخميس، وتستمر على طول الليل على طريقة التفويج فرقة عن فرقة، مستمرين على ذلك بكرة وعشياً، مصبحين وبالليل حتى أذان صلاة الصبح ليوم الجمعة آنذاك تنتهي تحزابت.
ومن طرائف ما وقع فِي سنة 2015 أن إحدى المجموعات تتلهف بشوق وشغف أن يصل دورها، وما إن وصل حتى فوجئوا بأذان صلاة الصبح، بمعنى أن باب تحزابت قد سد، إلَى العام المقبل، وأن المشرف العام على المجموعات قد ألقى وراءه إشراف التنظيم إلقاء موسى للألواح.
لكن مقدم المجموعة لَم يتمالك نفسه فسارع على خلاف العادة محزباً قوله تعالَى: "فيلقاتل"15 بعد رفع الأذان، والمصلون بعد أداء رغيبة الفجر واقفون فِي الصف ينتظرون انتهاءهم من تحزابت قصد أداء فريضة الصبح، لأن انتظار النوبة إلَى العام المقبل في نظر تلك المجموعة ربما قد لا يصل دورهم، لأن برنامج المجموعات يلغى تلقائياً في كل سنة، ولا عبرة بترتيب السنة الماضية، لأن كل عام يتجدد فيه الترتيب.
وقد جرت العادة قديماً -كما سبقت الإشارة- أن تفتتح مدرسة "تَاسْكْدْلْتْ" موسم تعلات لعراقتها وقربها من الضريح، وحلت محلها الآن مدرسة تعلات، وهي التِي تفتتح باب تحزابت بمفاتيح استلهمتها من قدسية مكانها، ثُم بعدها مدرسة تنالت، تفاؤلاً ببركة العارف بالله سيدي الحاج لحبيب التنالتي، ومكانته الروحية والاجتماعية.
أما الآن فتضع اللجنة المشرفة لائحة تتضمن جميع المدارس التِي أبدت رغبتها في المشاركة بالتفويج داخل المقصورة، وسجلت مدرسة "إداومنو" في السنة الماضية في الرتبة الثالثة بعد تعلات و"تنالت"، ثُم مدرسة "ئِكُونْكَا"، و "سيدي سعيد أومسعود" أيت ميلك، و "سيدي بوسحاب"، و "سيدي بورج إداوبوزيا"، و "سيدي سعيد الشريف"، و "سيدي بومزكيد"، و "سيدي عبد الله البوشواري"، و "سيدي إبراهيم أوعلي أيت وادريم"، و "تمزكيدا واسيف"، و "أيت اعزا"، و "المسجد الكبير تيكوين"، وهكذا حتى انتهت اللائحة بمدرستَيْ زاوية أموال امتوكة بشيشاوة، وأزرو بأيت ملول، تحت رقم قياسي وصل إلَى 94 مدرسة، وذلك وفق جدول زمني دقيق يتم التناوب عليه طيلة ليلة الجمعة.
لكن عدد المدارس التِي حضرت السنة الماضية تفوق 170 مجموعة، مما يدل على أن التسجيل الرسمي شمل فقط نصف المجموعات وزيادة؛ أما الأخرى فتُفضل القراءة خارج المقصورة فِي البيوت، والمنازل، والخيام.
استئناف التفويج عن طريق تحزابت هذا الموسم:
لا غرو أن المجهودات لتحيين لوائح السنة الماضية 2017 جارية على قدم وساق، ومن المتوقع أن تفتتح مدرسة تعلات هذا الموسم بحزب "الله لا إله إلا هو"، أو (جلالة) بتعبير القراء، وبه استفتحوا السنة الماضية، لأن العام ما قبل الماضي 2016 بدؤوا بالموطن الذي وصله التفويج سنة 2015 وهو ربع "فطاف" واستمرت تحزابت بالتفويج طبقاً عن طبقاً حتى انتهت بصلاة الصبح عند قوله تعالَى "فليقاتل" ومن ثَم ستبدأ هذه السنة بحزب: "إنما السبيل".
القراءة الجماعية طيلة الموسم فِي أرقام:
اتضح أن العام ما قبل الماضي 2016 قرأ الحزابون 13 حزباً إلا ربع واحد، بمعدل أربعة أرباع لكل حزب16 فتحصل مما ذكر؛ أن 13 حزباً قرأته 52 مجموعة، ولابد أن ننقص من الجميع ربع واحد لنحصل على عدد المجموعات بالتحديد التِي التزمت بتفويج تحزابت في السنة ما قبل الماضية 2016 وهي 51 مجموعة، مع العلم أن عدد المجموعات المسجلة بالجملة هي 91 مجموعة، بمعنى أن ما يقرب من نصف المجموعة لم يشاركوا، ولذلك يفضل غالبهم المنازل والخيام، وحبذا لو استدرك المشرفون ذلك هذه السنة، ويعتمدون ثُمن الحزب بدل الربع، لمشاركة الجميع، وهناك بعض المدارس القرآنية الكبيرة تتعمد ختمه طيلة الموسم عن طريق تحزابت.
وأخبرني والدي17 هذه السنة 2018 بأن موسم الطلبة بسيدي أبو الفضائل في بلدنا الساحل الذي مر قبل أيام، قرأ فيه الطلبة عن طريق تحزابت 42 حزباً، حيث بدؤوا بحزب (ربما) وختموا السلكة، فشرعوا في أخرى حتى وصلوا إلى حزب (يستبشرون) بمعنى أنهم قرؤوا 42 حزباً، وعددهم 545 طالباً، مع العلم أن عدد الطلبة في تعلات تجاوز موسم أبو الفضائل بأضعاف مضاعفة، يعدون بالآلاف أو يزيدون، ورغم ذلك قرؤوا 13 حزباً، فاقتضى الحال على أقل تقدير أن يختموا فيه السلكة في كل موسم، لأن العبرة بدقة التنظيم، لا بكثرة العدد.
وتشير بعض الإحصائيات إلَى أن عدد الطلبة في السنوات الماضية بموسم للآ فاطمة تعلات وصل إلَى 15 ألف طالب، هذا دون عَدِّ الزوار، والضيوف، وأصحاب الحرف، وعامة الناس، ولا يبعد أن يصِلوا هذه السنة إلَى سقف 20 ألف طالب.
الدعاء الأول: وآخَر فِي الثلث الأخير من الليل:
كثيرون خفي عليهم أن الدعاء يكون مساء الخميس ليلاً، الأول: فِي الثانية عشرة ليلاً، والثانِي: بعده بساعتين فِي الثلث الأخير من الليل، ويعمد المشرف على تفويج المجموعات إلَى إشعار السادة القراء بالدعاء، وهي عادة قديمة جداً دأب عليها السادة العلماء خلفاً عن سلف، فيلْتَئِم الجميع متخشعين متضرعين رافعين أكفهم إلَى الباري جل وعلا أن ينصر أمير المؤمنين، وسائر الأسرة الملكية ليشمل الدعاء بعد ذلك عامة الناس، والزوار، والمحبسين والضيوف.
ثم تستأنف تحزابت حتى الثلث الأخير من الليل، فيقومون للدعاء الثانِي، وغالباً ما يدعو فقيه مدرسة تعلات سيدي الحاج محمد لعوامي، أو من يقدمه السادة الحاضرون ممن أنسوا منه إجابة الدعاء، فيجب على السادة الزوار أن يغتنموا هذه الأوقات المباركة، لأن فيها ينزل ربنا إلَى السماء الدنيا فيقول: "هل من تائب ؟ هل من سائل ؟هل من داعٍ ؟ حتى ينفجر الفجر18" والملائكة تحف المجلس، والسادة القراء محيطون به من كل جانب، ولا ينبغي للعاقل أن يبتعد على مثل هذه المجالس .
موسم للا تعلات بين المنفعة الدنيوية والأخروية:
لم تقف العوائد الجارية في موسم للا تعلات عند حد قراءة القرآن الكريم وتدريسه ومدارسته؛ بل هو مناسبة كذلك لشراء مستلزمات الطلبة السنوية كالكتب، والمصنفات الطوال حيث تكثر في الموسم مصورات ''الأرجاز'' و''الأنصاص''، و''دفاتر لأسطار أوفلا''، و''كنانيش تنصين''، و''رموز القراءات''، و''جمع القرآن لأعجلي''، وكتاب: الطب لمحمد بن علي البعقيلي المشهور ب: ''الطب البعقيلي''، فضلاً عن ''الصلصال''، و''الدواة''، و''السمخ''، و''أقلام القصب''، والكرار المعروف محليا ب: ''تمكراجت'' أو أكراج، وكذلك المتفقهة يقتنون تقارير المتون العلمية كالآجرومية، وابن عاشر، والزواوي، والجمل، والألفية، وغيرها من المتون المتداولة فِي المدارس العتيقة، وإذا جاد المحسنون يجود الطالب على نفسه، فيزيد ليقتني أثواب الجلابيب، أو الأقمصة دون نسيان التمر، والحلاوى التي تهدى للأحباب والعائلة، وتؤكل هذه المكسرات بنية التبرك بالمكان، وتفاؤلاً بمكانة الصالحة للا تعلات.
الطرق الصوفية في موسم للآ تعلات بين الامداد والاستمداد:
يخطئ من يظن أن موسم تعلات خاص بالطلبة والقراء فحسب؛ بل لأشقائهم الصوفية فيه منهم نصيب، ذلك أن موسم السادة الناصريين يبتدئ يوم الخميس الأول من فبراير الفلاحي، وبينه وبين موسم الطلبة شهر تقريباً، حيث يجتمع فيه عدد منهم سيما من أيت باها، وباقِي مداشر وقرى اشتوكة، بشكل عام، وجهة أكادير بشكل أعم.
وقد اجتمعوا كعادتهم السنة الماضية (2017) على أوراد قارة مستمدة من الأذكار النبوية، وينشدون أنواعاً من التوسلات، ويسردون قصائد ''أَوْزَالْ19''، ويلهجون بابتهالات خاصة ممزوجة بالوعظ الشلحي الموزون، كل هذا مع رقائق مؤثرة مستلهمة من سِيَر الصالحين والعارفين، قَلَّ ألا تذرف عينُ من سمعها بالدموع، ومَجْمَعهم مجمع الخير والإفادة، يمتزج فيها ترقية السلوك، بتزكية النفوس، وتتلاقح فيه الأرواح، كل هذا مع ضيافة حسنة، وكرم حاتمي.
وبالجملة فمجالس السادة الصوفية فيها المديح والإصغاء، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، ولو تجاوزنا عرضاً عن هذه الفوائد، وننتقل وباستحياء إلَى أخبار الموائد؛ لوجدنا أن هذه السنة عُدّت لهم موائد كبيرة تجاوزت سبعين فِي مجمع بهيج ضم حوالَي 600 مريد، والقصد من إيراد كل هذا التعريف به، وربما يعده البعض حشواً وفضولاً، وإنما أثرته؛ لأن التاريخ السوسي سيحتاج مستقبلاً هذه المعلومات الدقيقة، والتفاصيل الجزئية.
موسم النساء للا تعلات: الخميس 22 مارس 2018 .
للنساء عادات خاصة، وتقاليد محددة في زيارة موسم الصالحة للا تعلات، حيث يتوجهن أفراداً وزرافات إلى الضريح أولاً، المزركش ببناء معماري بديع "يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار20" ويصلين فيه ركعتين، ثم يجلسن قبالته أكثر من ساعة غالباً، وأقلها نادراً، ويتضرعن إلى الله سبحانه أن يفرج غمهن، ويعفو عنهن، ويقضي أغراضهن، و "لكل امرئ ما نوى21" هكذا أخبرتني بعض المشرفات والمؤطرات اللآتي يسهرن على تنظيم أفواج النساء داخل الضريح، "ولا ينبئك مثل خبير22" .
ولا تسأل عن أنواع الصدقات، وصنوف الإحسان التي توضع في صندوق الضريح، وإغداقهن بملء اليدين الملاحف النفيسة، والأغطية الفاخرة فوقه، ويأتين من أماكن بعيدة مصحوبات بهبات، وصدقات، أما الشمع، والسكر، والدراهم فحدث عنها ولا حرج، مع أن الصدقات المرسلة بالنيابة أكثر من الرسمية، غير أن لهيب إحساسهن يشتد أكثر أثناء زيارة مقامات الصالحين، ومزارات الأولياء، وما كان ذلك كله ليكون؛ لولا رسوخ اعتقاد النساء في بركة الصالحات، وانغراس محبتهن في وجدانهن الروحي:
عرفْتُ هواها قبل أن أعرف الهوى ** فصادف قلباً خالياً فتمكنا
وربما تستغل بعض المشعوذات عاطفتهن فيتعمدن إلى الدعاء لهن، والتظاهر بقضاء حوائجهن، وإظهار دفع الضرر عنهن، أو جلب المصالح لهن، سيما وأن الزائرات يصحبن معهن عادة الفتيات غير المتزوجات، ويأخذن زينتهن، ويتفاءلن بقرب زواجهن.
ولئن كانت المرشدات الدينيات والمؤطرات التي ترسلها المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية بمدينة ببوكرى يشرفن على نظام سير الموسم داخل الضريح؛ فإنهن كذلك يقمن بإرشادات دينية لتوعية النساء، وتوجيههن بما ينفعهن في دينهن ودنياهن، مع تنبيههن على آداب الزيارة، علاوة على سرد نبذ يسيرة حول مكانة للا تعلات ودورها في الحفاظ على الأمن الروحي، دون إغفال تذكيرهن بمشروعية التوسل وشروطها، وبمثل هذه الإرشادات النيرة تندرس بعض المخالفات شيئاً فشياً، ولله في خلقه شؤون، وللناس فيما يعشقون مذاهب .
موسم للا تعلات ميول عاطفي أم جذب روحي ؟
منذ شهر فبراير الماضي، نسمع أحاديث الناس هنا وهناك؛ ذهب فلان لتعلات للاستعداد للموسم، وفلان اكترى أرضاً بكذا، وثمن استئجار الدُّور في تعلات كذا، هذا قبل وصول الموسم بأكثر من شهر؛ في حين نسمع بين الفينة والأخرى في خاتمة أحاديث الناس في الهاتف، أو مسامراتهم في المجالس: حتى نلتقي في تعلات، أو موعدنا تعلات، تعددت المسميات واللقاء واحد.
وكذا النساء يتحدثن عن موسمهن الذي سينظم في الخميس المقبل 22 مارس *موسم للا تعلات للنساء* أما الفقراء والصوفية؛ فجرت العادة أن يجتمعوا قبالة ضريحها في شهر فبراير من كل سنة كما سيأتِي، وكأن للناس على مختلف طبقاتهم ميول عاطفي حول الصالحة للا تعلات، وإن شئت قلتَ جذب روحي، ولا مشاحاة في الاصطلاح.
إن جسور التواصل والتزاور بين الناس، وصلة الرحم في موسم تعلات ممتد عبر عقود كثيرة ولهذا قام العلامة المصلح سيدي محمد بن علي بن سعيد اليعقوبي الهلالي -الإيلالنِي- بإصلاح الطريق المؤدية إليها، قال المختار السوسي في ترجمته بعد ذكر جملة من أعماله الاجتماعية: "كما أصلح الطريق التي تؤدي إلى مشهد السيدة فاطمة (تاواعلات)23 حيث يقام الموسم السنوي على هذه السيدة.. وكثيراً ما ينفق من أمواله هذه على المصالح العامة.. وكان يستخدم في ذلك عبيده، والطلبة، وكل من يرجو الخير..24".
وبالجملة فإن موسم الصالحة للا تعلات يجدب النفوس، ويستميل العقول، وتلين له قلوب المحبين، فيحسون بخشوع خاص تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم؛ أما المخالفون فلهم رأي آخر يفسقون، ويبدعون، وأعانهم على ذلك قوم آخرون، وما أحسن قول الشاعر في حسم هذا الخلاف لما قال:
نحن بما عندنا وأنت بما ** عندك راضٍ والرأي مختلف
لكن السواد الأعظم من الفقهاء، وحشد من الطلبة، ومشاهير الرؤساء، وأكابر القوم يندفعون نحو الزيارة تشجيعاً لحفظة كتاب الله، لتوطيد صلة الأرحام، وتجديد الطلبة الصلة بشيوخهم، وإطعام الطعام، وصرف الصدقات على الفقراء، وبذل وجوه الإحسان على المحتاجين، وكل هذه الخصال الحميدة تفضي إلى غاية واحدة؛ وهي تشجيع حملة القرآن وأهله، قصد التنافس في حفظه والاجتهاد في تدريسه، والتفاني في مدارسته.
دعاء الختم:
وفقا لما جرت به العوائد؛ يبتدئ الدعاء صباح يوم الجمعة على الساعة الثامنة صباحاً بساحة المسجد، حيث يجتمع الفقهاء، والطلبة، والزوار، ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم جماعة، فيكون ذلك علامة لقرب الدعاء، ومن ثَم يتقاطر السواد الأعظم من الضيوف، وما هو إلا كلمح البصر أو هو أقرب حتى تكون الساحة غاصة بهم، فيتقدم فقيه المدرسة للدعاء لأمير المؤمنين محمد السادس أعزه الله، ثُم يدعو لعامة المسلمين.
وجرت العادة أن يتقدم بعد ذلك للدعاء سيدي الحاج الطيب، فقيه مدرسة "إمي واداي" بتارودانت، ويبالغ في الدعاء لكافة الشيوخ والعلماء، والقراء، والمحسنين، ويحيط به حشد كبير من الناس في محفل ديني بهيج تضيق به عادة رحاب المدرسة، فتراهم رافعين أكف الضراعة إلَى الباري جل وعلا أن يتقبل دعاءهم، ويقضي أغراضهم، ويؤمنون على دعائه بنيات صادقة، وقلوب منكسرة "فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم25" فتسمع لصوت واحد ومتحد يدوي في ساحة المدرسة: آمين، آمين، وكلما طال الدعاء ازداد شوقهم، لاختلاف رغباتهم، وفي مثلهم يقول الشاعر:
آمين آمين لا أرضى بواحدة * حتى أضيف إليها ألف آمينا.
وحرره ببوكرى الراجي رحمة ربه الحسين أكروم
ليلة الأربعاء 25 جُمادى الآخرة 1439ه.
الموافق ل: 13 مارس 2018م .
الهوامش:
1 - والذي يصادف كما هو معروف 14 من كل شهر ميلادي، فموسمها إذن يبتدئ من يوم الأربعاء إلى الجمعة 14- 15 – 16 مارس 2018 .
2 - المعسول للمؤرخ العلامة المختار السوسي )17/ 226( نشر مطبعة النجاح الطبعة الأولى/ 1380 ه.
3 - طبقات الحضيكي )2/ 592( تحقيق أحمد بومزكو نشر مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء/ 2006.
4 - الطبقات )2/ 592( .
5 - تاريخ قبائل هلالة للأستاذ محمد بن أحمد البقدوري )ص/ 289( نشر مطبعة النجاح الطبعة الأولَى/ 2001.
6 - أخذت هذه التواريخ في كتاب: الدرر الفاخرة بمآثر الملوك العلويين بفاس الزاهرة لابن زيدان نشر شركة نوابغ الفكر القاهرة الطبعة الأولَى/ 2008.
7 - على تقدير أنها معمّرة.
8 - سورة الأنفال من الآية 42 .
9 - سورة النساء من الآية 132 .
10 - سورة القصص من الآية 5 .
11 - جزء من حديث رواه مسلم فِي كتاب العلم باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلَى هدى أو ضلالة تحت رقم [1017].
12 - وإمزوي مصطلح أمازيغي بمعنى إِزْوَا، أي لا يعرف شيئاً، ويقال له في دكالة وجبالة: الْمْشْلل.
13 - المعسول للمؤرخ العلامة المختار السوسي )3/ 270( .
14 - راجع وجوباً المعسول للمؤرخ العلامة المختار السوسي )17/ 246( .
15 - وهو الربع الأخير من الحزب.
16 - يعني: أن كل 4 مجموعات تقرأ حزباً واحداً.
17 - وهو سي أحمد بن محمد الساحلي المعروف ب: بوكيوض وهو من القراء السبعيين، ترجمت له ترجمة مطولة يسر الله نشرها.
18 - جزء من حديث رواه مسلم فِي كتاب العلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، والإجابة فيه، تحت رقم [758].
19 - نسبة إلَى إِنْدُوزَال قيبلة من قبائل سوس، وهو كتاب لِسيدي مْحْمْدْ أُوعلي الهوزالِي الناصري [ت1162ه] وأصله ترجمة لمختصر خليل بلسان قومه، (الشلحة) ترجم له تلميذه امحمد الحضيكي فِي طبقاته )2/ 292 (وابن القاضي فِي درة الحجال )2/ 333 (.
20 - سورة النور من الآية 43 .
21 - جزء من حديث أخرجه البخاري في صحيحه كتب بدء الوحي باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ رقم الحديث [1] .
22 - سورة فاطر من الآية 14 .
23 - كذا في الأصل [تواعلات] وهذا الموطن هو الوحيد الذي كتب فيه المختار السوسي تواعلات بزيادة الواو بين التاء والألف، وكتبها في مكانين منفصلين ب: [تاعلات]. ينظر المعسول )5/ 321( . وكذا )17/ 25( .
24 - المعسول للمؤرخ العلامة المختار السوسي )17/ 226( بتصرف يسير.
25 - من الآية 18 من سورة الفتح.
*خريج المدارس العتيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.