لأول مرة تضع الرباط النقاط على الحروف بخصوص مستقبل النزاع حول قضية الصحراء، وأكد رئيس الدبلوماسية المغربية، خلال اللقاء الذي عقده مع الموفد الأممي، هورست كولر، بلشبونة، أن مسلسل المفاوضات يجب أن يضم الراعي الرسمي لجبهة البوليساريو، أي الجلوس مع دولة الجزائر التي تعتبر الطرف الحقيقي للنزاع منذ تأسيس الكيان الانفصالي. وتُعارض جبهة البوليساريو هذا الطرح، إذ تزعم أنها "ليست تلميذا لدى الجزائر، وأن التفاوض يجب أن يكون معها بشكل مباشر". مصدر دبلوماسي قال في تصريح لهسبريس إن "موقف الجزائر خلال سبعينيات القرن الماضي كان واضحاً من قضية الصحراء، إذ كانت تؤكد دائماً أنه لا يمكن حل النزاع بدون وجودها كطرف رئيسي؛ بينما بات اليوم موقفها غامضاً، رغم تأكيدها ولو على الصعيد الرسمي أنها ليست طرفاً في النزاع المفتعل". وردا على المقررات الأخيرة الصادرة عن قمة الاتحاد الإفريقي ومحاولة الجزائر والبوليساريو إشراك هذه المؤسسة القارية في النزاع لإحراج المغرب بعد عودته، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، للمبعوث الأممي، أن الأممالمتحدة هي الجهة الوحيدة المخول لها الإشراف على نزاع الأقاليم الجنوبية، دون تدخل لأي هيئة أخرى إقليمية أو دولية. ويأتي توجه الرباط هذا تماشياً مع المقررات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، والتي تنتهي دائماً بعبارة تأكيد مفادها أن "المنظمة الأممية هي الجهة الوحيدة التي ترعى النزاع حول الصحراء". في الصدد ذاته قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، بعد نهاية اللقاء، إن "المناقشات مكنت الوفد المغربي من التذكير بنشأة هذا النزاع الإقليمي والاعتبارات السياسية، والقانونية والجيو استراتيجية التي أدت إلى نشأته خلال سنوات السبعينيات"، وجدد تأكيده في تصريحات صحافية أن "الأمر لا يتعلق لا بمسلسل للمفاوضات ولا بمفاوضة، بل باتصال لمناقشة تطور ملف الصحراء المغربية". وأورد المسؤول المغربي أن المناقشات الثنائية مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كانت "غنية" و"مثمرة"، وجرت في "جو من الثقة وطبعتها الجدية والاحترام المتبادل". وتطرق بوريطة في الاجتماع إلى الجهود التي يُبذلها المغرب في صحرائه، خصوصا بعد تفعيل النموذج التنموي الجهوي في الأقاليم الجنوبية، بالإضافة إلى عرض تفاصيل مبادرة الحكم الذاتي بشكل مفصل، والتي تقرها المملكة كأرقى حل لإنهاء النزاع. وأوضح بوريطة خلال هذا اللقاء الثنائي أن المغرب جاء إلى الاجتماع متسلحاً بالمرجعية المتضمنة في الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس للأمة بمناسبة الذكرى ال42 للمسيرة الخضراء يوم 6 نونبر 2017. ويرتكز الموقف المغربي، كما حدده الجالس على عرش المملكة على أنه أولاً: لا لأي حل لقضية الصحراء خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها. وثانياً، الاستفادة من الدروس التي أبانت عنها التجارب السابقة، ومفادها أن المشكل لا يكمن في الوصول إلى حل، وإنما في المسار الذي يؤدي إليه. لذا يتعين على جميع الأطراف، التي بادرت إلى اختلاق هذا النزاع، أن تتحمل مسؤوليتها كاملة من أجل إيجاد حل نهائي له. وثالثا الالتزام التام بالمرجعيات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي لمعالجة هذا النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره الهيئة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية. ورابعا الرفض القاطع لأي تجاوز، أو محاولة للمس بالحقوق المشروعة للمغرب، وبمصالحه العليا، ولأي مقترحات متجاوزة للانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المعتمدة، أو إقحام مواضيع أخرى تتم معالجتها من لدن المؤسسات المختصة. وشارك في هذا الاجتماع أيضا عمر هلال، الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأممالمتحدة، وحمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، وينجا الخطاط، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب.