اختارت مليكة الدهيل أغيار، المتيمة بالألوان و الابداع و إحدى أبرز رواد القصص المصورة بالمغرب، مدينة ماناوس الواقعة شمال البرازيل لتستقر بها منذ ما يزيد عن سنتين، حيث وجدت هناك فضاء خصبا لتساير إلهاما، جلب لها الاعتراف و الاحترام في المغرب كما في أوروبا. و قد أنجزت مليكة، التي اقترنت برسام برازيلي يشاطرها الموهبة نفسها، قصة مصورة تعكس غنى الثقافتين المغربية و البرازيلية، تحمل اسم "جوج أوبوستوس"، و هي قصة تروي تجربة أسية، تلك الشخصية المتضخمة الأنا بسبب جمالها و التي سينقلب العالم أمامها رأسا على عقب عندما تلتقي ساحرا كبيرا بالمغرب سيحولها إلى كيان هو أكثر شيء تبغضه. و قد عرضت مليكة و زوجها، و هما وجهان مألوفان في المشهد الثقافي بعاصمة ولاية الأمازون، أعمالهما خلال "كوميك كون إكسبيرينس"، و هو معرض مخصص للقصص المصورة نظم خلال شهر دجنبر الماضي بساو باولو. و بالإضافة إلى إنجاز القصص المصورة فإن مليكة تعمل، أيضا ،رسامة كاريكاتير لصحيفة "إم تيمبو"، وهي مهنة مكنتها من تسليط الضوء على حسها الفني وجعلتها نجمة محلية. و بالعودة إلى بداياتها فإن هذه الفنانة لا تخفي شغفها بالفن التوضيحي، مؤكدة أن امتهان المرأة لهذا النوعمن الفنون له جوانبه الإيجابية والسلبية أيضا. و قالت مليكة، في تصريح صحافي، "لم أجد صعوبة كبيرة في اللحاق بعالم القصص المصورة و الرسوم التوضيحية، و التواجد ضمن النساء القليلات في هذا المجال أثار الاهتمام بشكل إيجابي جدا"، مشيرة إلى أن عالم القصص المصورة ليس مفروشا بالورود ولكن مع ذلك يبقى مجالا مرضيا. و أضافت ابنة الوليدية، التي عاشت في هذه المدينة رفقة والديها وأشقائها الأربعة حتى بلغت 23 ربيعا، "من السهل على المرأة أن تجد لها مكانا بين أندادها من الرسامين إذا كانت تمتلك الموهبة والإرادة". و من جهة أخرى، أبرزت مليكة أن الرسامين الشباب يدفعون ثمنا باهظا من أجل فنهم، الذي لا يكافأ بأجور مناسبة، مضيفة أن المواهب الناشئة في بعض الأحيان تكون ضحايا تعاقد فني يقوض مؤهلاتها. وحينما كانت في ال 14 من العمر، اتخذت مليكة، التي عرفت بعشقها للرسم منذ نعومة أظافرها، قرارا بأن تتخذ من هذا الفن مهنة لها ودرست الفنون الجميلة بثانوية محمد الخامس بالصويرة. والتحقت بعد تخرجها بمدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء، قبل أن تجد نفسها مضطرة إلى تعليق دراستها بسبب نقص مواردها، واستفادت من لقائها بالمدرسة ذاتها مع السيناريست الفرنسي جان فرانسوا شونسون الذي ساعدها على دخول عالم القصص المصورة من خلال مشاريع فنية مشتركة بين فنانين من أوروبا والمغرب وافريقيا. وواصلت مليكة تعميق معرفتها الفنية بمساعدة أستاذها في القصص المصورة، عبد العزيز مريد، الذي أنجزت تحت إشرافه عملها الأول الذي نشر ضمن قصة مصورة بعنوان "العبور .. في جحيم الحريك". وهذا العمل الذي يتوزع على 69 صفحة بمثابة ثمرة تعاون بين 18 فنانا للقصص المصورة عالج كل منهم بطريقته موضوع الشباب الذين يحاولون العبور بشكل غير قانوني إلى أوروبا انطلاقا من شمال المغرب باستخدام القوارب. وفي 2013، شاركت في إطار شراكة مع السيد شونسون في إنجاز قصص مصورة باسم "سويتشير"، التي استلهمتها من سلسلة مغربية رقمية تحمل الاسم ذاته. وبعد عام، أنجزت مليكة "لمساري وكنز الاوداية" وهي قصة مصورة نشرتها دار النشر "لارماتان"، ويتمحور هذا العمل حول مفوض الشرطة رشيد لمساري الذي سينجح في كشف خيوط قضية تتمحور حول رغبة أحد الأشخاص في وضع يده على كنوز ذهبية بالاوداية. وبفضل هذا العمل تمكنت مليكة من شق طريقها في عالم القصص المصورة وأصبحت أول فنانة في هذا المجال تنشر أعمالها بفرنسا. وفي 2016، قدمت مليكة "كابوس المهدي" خلال المهرجان الدولي للقصص المصورة بتطوان، في إطار مسابقة "أفضل مشروع ألبوم لسنة 2016". وضاعفت الرسامة المغربية من أعمالها ومعارضها إلى اليوم الذي ستلتقي بنظراء لها من البرازيل في إطار مشروع يسمى "ليينداس" (الأساطير)، الذي يتمحور حول معالجة أساطير عدد من البلدان. وكان من الطبيعي في هذا الإطار أن تقدم هذه الثلاثينية عملا يتركز حول الشخصية الأسطورية "عيشة قنديشة", وقد تكلل هذا العمل بالنجاح. * و.م.ع