وضعت محكمة العدل الأوروبية، بحكمها النهائي حول استثناء مياه الصحراء من اتفاقية الصيد البحري المبرمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، قادة الدول الأوروبية في موقف صعب بعدما اختارت الوقوف بجانب مصالح جبهة البوليساريو وتجاهل المصالح التجارية والاقتصادية والشراكات المتقدمة التي تجمع الرباط والمجموعة الأوروبية. وتزامنا مع شروع القادة الأوروبيين في مفاوضات مع المسؤولين المغاربة لإيجاد مخرج قانوني قبل انتهاء الاتفاقية الموقعة بين الطرفين في يوليوز المقبل، قال سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا بأبوظبي، إن حكم المحكمة الأوروبية "جاء منسجما مع المنطلقات الخاطئة التي انطلق منها القضاة في تبرير حكمهم، وأبرزها أن الصحراء لا تدخل ضمن الاختصاصات القضائية للدولة المغربية، وبالتالي كانت النتيجة متوقعة". ويرى الخبير في العلاقات الدولية، في تصريح لهسبريس، أن أوروبا لن تفرط في المغرب، وسيكون هناك مخرج توافقي يحفظ سيادة البلد على صحرائه، ولفت إلى أن الرباط توجد في موقع قوة ولديها بدائل كثيرة في ظل سياسة تنويع الشركاء المنتهجة خلال السنوات الأخيرة. وأبرز الصديقي أن "هناك الكثير من الشركاء الدوليين في حاجة إلى مثل هذه الشراكات التي تجمع المغرب والاتحاد الأوروبي، كما أن القارة العجوز في حاجة ماسة اليوم إلى الدور الذي تقوم به المملكة لحماية حدودها الجنوبية وأمنها وآفة الهجرة". ولا يعتقد الأكاديمي المغربي أن المحكمة الأوروبية انحازت سياسياً إلى جبهة البوليساريو، أو تآمرت على مصالح الرباط، بل يتعلق الأمر بقراءات خاطئة قدمها القضاء الأوروبي لبعض بنود القانون الدولي. وفي هذا الصدد، أوضح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا بأبوظبي، أن المسؤولين المغاربة قصروا كثيراً في الجانب القانوني والقضائي للدفاع عن قضية الصحراء، مقابل تركيزهم على الجانب الإعلامي والسياسي. وأضاف المتحدث أن المغرب منذ إصدار محكمة العدل الدولية رأيها حول الصحراء سنة 1975 "لم يقدم مرافعات قانونية متينة مثل التي قدمها محامو المملكة في ذلك الوقت"، وشدد على ضرورة أن يكون هناك تكامل بين الجهود السياسية والإعلامية وبين الجهود القضائية والقانونية في المرحلة المقبلة. ويشير الصديقي إلى أن من بين نتائج إغفال هذا الجانب "وجود فراغ أكاديمي باللغات الحية حول قضية الصحراء، يتحدث عن البعد القانوني والقضائي"، ولفت إلى أن أغلب المنتجات العلمية الموجودة تناصر الطرح الانفصالي، سواء كانت دراسات في القانون الدولي أو العلوم السياسية أو الاجتماعية. وأورد المتحدث ذاته أن المحاكم الدولية والإقليمية حينما تُريد أن تبت في قضية ذات بعد دولي فإنها تعود إلى الاتفاقيات الدولية والدراسات العلمية ذات الصلة بالموضوع؛ "لأنها تشكل مرجعا حيا للقضاة، حتى وإن لم يتم ذكر ذلك في نص المنطوق القضائي"؛ وهو الأمر نفسه الذي وقع في الحكم الأخير للمحكمة الأوروبية. ودعا المتحدث المسؤولين المغاربة إلى سد هذه الثغرات عبر الشروع في إنتاج دراسات علمية عميقة بلغات حية، لتكون رهن إشارة المحاكم الدولية والقضاة الذين يبتون في نزاعات المغرب مع الحركة الانفصالية.