تمكن عدد من الباحثين المغاربة من اكتشاف مواقع جديدة تضم تراثاً ذا أهمية قصوى من رسوم صخرية تعود إلى ما قبل التاريخ، ما يجعل إقليم زاكورة يتربع على المرتبة الأولى وطنياً في احتضان هذه الآثار، متقدماً على إقليمطانطان. وجاء هذا الإعلان من قبل المجيدي عبد الخالق، الباحث في علوم آثار ما قبل التاريخ، خلال فعاليات الملتقى الدولي الخامس للواحات والتنمية المنظم بزاكورة، مشيرا أن أبحاثا استمرت ل12 سنة تكللت باكتشاف "ملاجئ" جديدة، فبات عددها بالإقليم يبلغ العشرين. ويقصد بالرسوم الصخرية تلك الرسوم التي استعملت فيها مواد عضوية ومعدنية، وأغلبها تكون باللون الأحمر، وتكون عبارة عن رسوم متعددة المواضيع والأشكال، معبرة عن أساليب العيش والمعتقدات، وتوجد خصوصاً في المغارات التي كان يقطنها إنسان ما قبل التاريخ، ويمكن أن يعود تاريخها إلى 7000 سنة قبل الميلاد. وقال الباحث عبد الخالق المجيدي، الذي أشرف على فريق العمل الذي ضم كلا من عادل مومن، ومحمد الكاعودي، وعبد الهادي فاك، إن إقليم زاكورة يتضمن تراثاً من النقوش والرسوم الصخرية يشكل أهمية علمية قصوى من حيث عدد المواقع المنجزة بالصباغة. وأشار المجيدي، في حديث إلى هسبريس، إلى أن العدد السابق كان لا يتجاوز خمسة مواقع، لكنها اليوم باتت تبلغ عشرين بفضل جهود شباب باحثين بدؤوا مشوارهم في البحث العلمي الميداني، ومنهم أساتذة ممارسون وآخرون يتابعون دراستهم في سلك الدكتوراه. وأوضح الباحث ذاته أن هذه الاكتشافات تفتح آفاقا جديدة في البحث العلمي، وأضاف: "هذه الملاجئ الصخرية ذات الصباغات والرسوم التي تعود إلى ما قبل التاريخ تفتح آفاقا فريدة في شمال إفريقيا، لأنها غير ملوثة ولا تعرف زيارات سياحية مكثفة". وأشار المجيدي إلى أن هذه الصباغات قد تتضمن مواد عضوية تسمح بتأريخ مطلق لها عن طريق قياس "ذرات إشعاع الكاربون 14 غير المستقر"، والذي يسمح بمعرفة تاريخ إنجاز الصباغات، وهو ما سيسمو بموقع المغرب في مجال البحث الأثري. ولفت المتحدث ذاته إلى أن المغرب يملك حالياً تراثاً فنياً صخرياً منجزا بالصباغة يفوق ثلاثين موقعا، إلى جانب المواقع المكتشفة في منطقة طانطان، وهو ما سيسمح بإنجاز سلم كرونولوجي لترتيب ظاهرة الرسم على الصخور، وقال: "النقوش لا يمكن أن نؤرخها بشكل مطلق لأنها بلورية، لكن حين تكون الصباغة نقوم بتحاليل كيميائية؛ وهناك حظوظ أن تشمل مواد عضوية تسمح بالتأريخ في المختبرات المختصة". وعمل الفريق الشاب طيلة 12 سنة بتنسيق تام مع المركز الوطني للنقوش الصخرية التابعة لوزارة الاتصال والثقافة، ليتمكن من اكتشاف هذه "الملاجئ" الجديدة ذات الصباغات الصخرية بإقليم زاكورة، لتضاف إلى "الملاجئ" ال11 الموجودة في إقليمطانطان.