كشف مستشارو فيدرالية اليسار الديمقراطي بمجلس مدينة الرباط، اليوم الجمعة، اختلالات بالجملة في أكبر برنامج تنموي أطلقه الملك محمد السادس قبل حوالي أربع سنوات، والمتعلق ببرنامج "الرباط مدينة الأنوار"، الذي بلغت تكلفته الإجمالية 9 ملايير و425 مليون درهم. وأكد مستشارو فيدرالية اليسار، في ندوة صحافية خصصت للحديث عن الاختلالات الكبرى في تنفيذ هذا المشروع الكبير، وطلب تدخل المجلس الأعلى للحسابات لفتح تحقيق عاجل في الموضوع، أن "رائحة الفساد تفوح من هذا المشروع الملكي، خصوصا أنه تم منح العديد من صفقات الأشغال لشركات بعينها، اثنتان منها مملوكتان لرئيسي جهة، وأخرى مملوكة لوال ووزير سابق". وقال النائب البرلماني والمستشار الجماعي عمر بلافريج إن عمدة الرباط الذي يسير المجلس "تهرب طيلة المدة السابقة من الجواب على جميع أسئلة المستشارين حول مشروع "الرباط عاصمة الأنوار""، ولفت إلى أن "عمدة البيجيدي لا يستطيع الحديث أو طرح الأسئلة حول المشروع خلال المجلس الإداري المكلف بتنفيذ البرنامج، والذي يترأسه والي الرباطسلاالقنيطرة". وأشار بلافريج إلى أن غياب المعلومة حول المشروع الضخم يُثير الكثير من التساؤلات المشروعة، وأضاف أن جميع المسؤولين يرفضون الجواب ويختبئون وراء جملة "هذا مشروع ملكي"، وتابع بأن "المسؤولين من خلال جملة من الاختلالات المفضوحة في هذا المشروع، الذي رصدت له ميزانية ضخمة، فوتوا الفرصة على العاصمة الرباط لتكون مدينة نموذجية". وطالب بلافريج إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، بفتح تحقيق في البرنامج التنموي لرصد الاختلالات والعيوب، كما وقع مع تحقيق "الحسيمة منارة المتوسط"، الذي أطاح بوزراء ومسؤولين. عمر الحياني، مستشار عن فيدرالية اليسار بالمجلس ذاته، انتقد عدم إشراك المنتخبين الذين يمثلون السكان في هذا البرنامج، وقال: "لا علم لمستشاري مجلس مدينة الرباط بتفاصيل المشاريع المقررة، رغم الطلبات المتعددة التي وجهت إلى العمدة وإلى شركة الرباط للتهيئة". وكشف الحياني أنه لم يتم نشر نتائج طلبات العروض على موقع الصفقات العمومية كما تنص على ذلك المادتان 54 و147 من القانون المتعلق بالصفقات العمومية. ولاحظ مستشارو الفيدرالية وجود مشاريع كثيرة في هذا البرنامج "غير مهمة أو ليست ذات أولوية، الأمر الذي قد تكون له علاقة بإهدار المال العام ب"النفخ" في الصفقات ومنحها لأصحاب النفوذ". في مقابل ذلك، أوضح عمر الحياني "برمجة أشغال جد مكلفة لا تكتسي أولوية بالنسبة للمدينة، مثل إعادة ترصيف أرصفة حي الرياض وحسان، في حين تفتقد أحياء بكاملها بمقاطعتي يعقوب المنصور واليوسفية لأرصفة في حالة مقبولة، بالإضافة إلى عدم برمجة أي مشروع لإعادة تهيئة حي أكدال (الطرق، الأرصفة أو المنشآت)، رغم الحالة المهترئة التي يعرفها". وشدد المستشار الجماعي على أن الأغلبية التي تسير مجلس الرباط، وضمنها حزب العدالة والتنمية، "قامت بمصادرة حق المستشارين الدستوري في الحصول على المعلومة، رغم وجودهم في الواجهة مع المواطنين الذين يشتكون اختلالات المشروع وبعض اختياراته غير المفهومة". وبخصوص إصلاح الطرق، جاء في الرسالة الموجهة إلى المجلس الأعلى للحسابات، أنه لم يتم احترام معايير السلامة الطرقية في تصميم الطرقات، "ما أدى إلى ارتفاع السرعة المتوسطة للسيارات بوسط المدينة، وأدى إلى وفاة 5 أشخاص على الأقل بشارع الحسن الثاني مثلا". وسجل أعضاء فيدرالية اليسار أن السلطات عمدت في تنفيذ هذا البرنامج التنموي إلى "الترامي على ملك مشترك خاص بإقامة حي الانطلاق بشارع الحسن الثاني، باستعمال القوة العمومية، رغم صدور حكم قضائي صريح ضد مصادرة هذه الملكية الخاصة لأجل المنفعة العامة". وأورد الحياني أنه رغم انخراط المغرب في محاربة التغيرات المناخية وتنظيم القمة العالمية للمناخ (كوب 22)؛ فإن السلطات تقوم بقطع أشجار عمرها أزيد من 20 سنة بعدة شوارع بمدينة الرباط، "ما يمس بالطابع الأخضر للمدينة ويحرم سكانها من منافعها". وشدد مستشارو الفيدرالية على ضرورة تدخل الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات لتحديد المسؤوليات، تفعيلا للمبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة.