قالت فدرالية اليسار الديمقراطي إن مشروع "الرباط عاصمة الأنوار"، الذي أشرف على إطلاقه الملك محمد السادس قبل أربع سنوات، ورُصدت له ميزانية تناهز 9 مليارات درهم من المال العام، يفتقر إلى الحكامة ولا يتوفر على رؤية مستقبلية للعاصمة. ويطمح هذا المشروع إلى جعل العاصمة قطباً للإشعاع الثقافي من خلال الارتقاء ببنياتها التحتية، وتطوير الإنارة العمومية والمرافق الإدارية والثقافية والترفيهية بها. كما يسعى إلى تثمين التراث وحماية الفضاءات الخضراء وتحسين الولوج إلى مختلف الخدمات بهذه المدينة. وكشفت الفدرالية، في ندوة صحافية نظمها مستشاروها الجماعيون بمجلس مدينة الرباط، أنها رصدت خروقات كثيرة في المشروع الذي تنفذه "شركة الرباط للتهيئة". وقال عمر الحياني، وهو مستشار جماعي بمجلس المدينة عن فدرالية اليسار، إن مؤاخذات الفدرالية على المشروع تتضمن أربع مؤاخذات، تهم الحكامة والاختيارات والصفقات العمومية وإهمال مجالات مهمة. وأوضح الحياني، في الندوة التي احتضنها مقر حزب الطليعة بالرباط، أن مضمون برنامج "عاصمة الأنوار" لم تتم مناقشته من طرف المنتخبين الذين يمثلون السكان. وأضاف أن مستشاري مجلس الرباط "لا علم لهم بتفاصيل المشاريع المقررة، رغم الطلبات المتعددة التي وجهت إلى رئاسة مجلس المدينة، وإلى شركة الرباط للتهيئة". وبخصوص مؤاخذات فدرالية اليسار على المشروع أشار الحياني إلى "برمجة أشغال جد مكلفة لا تكتسي أولوية بالنسبة إلى المدينة من قبيل إعادة ترصيف حيي الرياض وحسان، في الوقت الذي تفتقر أحياء بكاملها بمقاطعتي يعقوب المنصور واليوسفية إلى أرصفة في حالة مقبولة". كما رصد "عدم احترام معايير السلامة الطرقية في تصميم الطرقات، وهو ما أدى إلى ارتفاع السرعة المتوسطة للسيارات بوسط المدينة، وبالتالي التسبب في حوادث عديدة راح ضحيتها الراجلون على الخصوص". وقال الحياني إن تنفيذ هذا المشروع عرف "إنشاء مدارات عديدة عوض الإشارات الضوئية بدون أساس علمي، وهو ما أدى إلى ارتفاع الازدحام ببعض التقاطعات، وحتّم وجود شرطي في أوقات الذروة". وكمثال عن ذلك أشار الحياني إلى تقاطع شارع عبد الرحيم بوعبيد بشارعي النخيل والمليا، ومدار مسجد لالة سكينة. وحسب مستشاري فدرالية اليسار، فقد تم الترامي، ضمن أشغال البرنامج، على ملك مشترك خاص بإقامة حي الانطلاق بشارع الحسن الثاني عبر استعمال القوة العمومية، رغم صدور حكم قضائي ضد مصادرة هذه الملكية الخاصة لأجل المنفعة العامة. وفيما يخص الأشجار والمساحات الخضراء، قال الحياني إن السلطات لجأت إلى زرع العشب الأخضر بكثرة، رغم أن ذلك يتطلب كمية كبيرة من مياه السقي. كما تم اللجوء بشكل مكثف إلى زرع أشجار النخيل في مختلف شوارع الرباط، رغم عدم ملاءمتها لمناخ المدينة، يضيف الحياني. أما فيما يتعلق بالإنارة، فقد كشف مستشار فدرالية اليسار أنه تم استبدال أعمدة الإنارة القديمة بأعمدة إنارة عادية عوض تلك المزودة بمصابيح اقتصادية، وهو ما أدى إلى زيادة فاتورة الكهرباء لمجلس الرباط بأكثر من 40 في المائة في سنة واحدة، ويتوقع أن ترتفع خلال السنة الحالية بنسبة 100 في المائة. وكشف الحياني أن تنفيذ هذا البرنامج لم يعرف احترام دفتر تحملات تجهيز كورنيش الرباط بأعمدة كهربائية مضادة للصدأ، وهو ما أدى إلى تلاشيها بعد أقل من سنة على إنشائها. وبخصوص موضوع الصفقات، قال الحياني إن العديد من صفقات الأشغال منحت لشركات بعينها، اثنتان منها مملوكتان لرئيسي جهتين ينتميان إلى حزب الأصالة والمعاصرة، فيما منحت صفقات الإنارة لشركة مملوكة لوالٍ ووزير سابق، دون أن يذكرهم بالاسم. وفيما يخص الرؤية المستقبلية، أوضح الحياني أنه رغم الميزانية الضخمة المرصودة للبرنامج، فإن هناك غياباً تاماً لبرمجة مشاريع أصبحت أساسية في كل المدن الكبرى في العالم، من قبيل الممرات الخاصة بالدراجات التي تساعد على حماية أصحابها من حوادث السير. بالإضافة إلى غياب مشاريع خاصة بالإشارات الضوئية الذكية التي تساعد بشكل كبير على التخفيف من الازدحام في الطرقات. وبسبب ما اعتبرته خروقات عدة في تنفيذ هذا البرنامج الضخم، الذي تعادل ميزانيته ميزانية الرباط عشر مرات، سبق لفدرالية اليسار الديمقراطي أن راسلت المجلس الأعلى للحسابات، لكنها لم تتوصل بأي رد، حسب ما كشف عنه الحياني في الندوة الصحافية.