القضاء الهولندي يلغي قرار إسقاط الجنسية عن المغاربة المدانين بالإرهاب وينتصر لهم    بعد اعتصام لحراس الأمن وصل 55 يوماً.. "إعفاء" مديرة المستشفى الجهوي ببني ملال    4 سدود تسجل معدل ملء يصل إلى 100 في المائة    الوزيرة السغروشني: التحول الرقمي في التعليم يحتاج إلى تعبئة جماعية وتنسيق فعال    ميناء طنجة المتوسط يتصدر إفريقيا والمتوسط ويعزز موقعه عالمياً    بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولات الثلاثاء على وقع الارتفاع    أسعار الذهب تتراجع مع صعود الدولار لأعلى مستوى منذ أكثر من أسبوعين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    جولة مفاوضات أمريكية أوكرانية جديدة في الرياض اليوم    زلزال عنيف بقوة 6,7 درجات قبالة سواحل الجزيرة الجنوبية بنيوزيلندا    الاتحاد الأوروبي يعزز الدعم العسكري لموريتانيا في إطار مكافحة تهديدات الساحل    أردوغان: الاحتجاجات على احتجاز إمام أوغلو تحولت لحركة عنف    الصين وتايلاند يجريان تدريبات بحرية مشتركة    المغرب في مواجهة تنزانيا لحسم بطاقة المونديال وإعادة الاطمئنان للأنصار..    رئيس الجامعة الملكية المغربية للدراجات يحضر الجمع العام لعصبة جهة الشرق بوجدة    رافينيا يشعل مباراة الأرجنتين والبرازيل.. وليونيل سكالوني يرد    المنتخب المغربي يقترب من تحسين ترتيبه في تصنيف ال"فيفا" العالمي    أسعار النفط ترتفع لليوم الخامس بسبب مخاوف بشأن الإمدادات    ضمنهم محام وأكاديميون.. الإطاحة بشبكة متورطة في تسهيل حصول المهاجرين على الإقامة بإسبانيا    المغرب يستعد لإنتاج أول دواء محلي من القنب الهندي لعلاج الصرع    "تراث المغرب".. سلسلة وثائقية لتثمين الموروث الثقافي للمملكة    طقس غائم مع نزول قطرات مطرية في توقعات الثلاثاء    مدينة أطاليون تستعد للإقلاع.. خطة استراتيجية جديدة من مارشيكا ميد    إيطاليا.. حجز أكثر من 10 كلغ من الكوكايين في مطار فلورنسا    موعد مباراة أسود الأطلس ضد تنزانيا في تصفيات كأس العالم والقنوات الناقلة    أوراق من برلين .. رسالة فرانز كافكا: جروح قديمة ما زالت تنزف    اكتشاف جديد يحدد الأجزاء المسؤولة عن تذكر الكلمات في الدماغ    ملياري شخص غير مشمولين في إحصاءات عدد سكان الأرض    الخلوي: "الدوري الإماراتي تنافسي"    إعفاء مديرة مستشفى بني ملال    بعد عمليات الهدم.. تلاميذ بالرباط يقطعون 30 كيلومترا للتمدرس    نهاية سوق پلاصا جديدة بطنجة    قمة التناقضات: الجزائر وجنوب أفريقيا تدعمان حق تقرير المصير في الصحراء المغربية لكن ترفضان تطبيقه في أراضيهما    بعد 17 شهرا من الزلزال... النشاط السياحي في "الحوز" يتحسن ب48 في المائة بداية 2025    كسوف جزئي للشمس مرتقب بالمغرب يوم السبت القادم    مراكش تحتضن كأس العالم لسلاح سيف المبارزة ما بين 27 و30 مارس    استشهاد صحافي متعاون مع الجزيرة في غارة إسرائيلية بغزة    طنجة.. المصادقة على هدم "البلاصة الجديدة" وتعويضها بمركب تجاري ومرائب وعلى توسعة طرق رئيسية استعدادا للمونديال    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    بوريطة يتباحث بالرباط مع ستافان دي ميستورا المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء المغربية    الوزارة تؤكد التزاما بالقضاء على داء السل    السعودية تُحدّث الاشتراطات الصحية لموسم حج 2025 لضمان سلامة الحجاج    الإعلان عن تسجيل 4 سدود بجهة الشمال معدل ملء يصل إلى 100 في المائة    تعيين ملكي يضع قياديا سابقا في حزب العدالة والتنمية رئيسا للمجلس الاقتصادي    جلالة الملك يعيِّن محمد بنعليلو رئيسا للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها    الملك يعين مسؤولين على رأس ثلاث مؤسسات دستورية هامة    منظمة الصحة العالمية تحذر من تنامي معدلات السل لدى الأطفال في أوروبا    بدر سلطان يلتقي جمهوره في بروكسيل    المعارضة تشكو الحكومة ل "الهاكا" وتتهمها بخرق قواعد الاتصال السمعي البصري    جدل "إهانة طبال" .. هذه كواليس حفل سلمى الشنواني في فاس    سعد موفق ل" رسالة 24 ": على الممثل أن يختار أدواره بعناية لتجنب النمطية    مسلسل "الدم المشروك"… يثير الجدل بسبب بطء أحداثه    مهرجان باريس للكتاب.. تفاصيل البرنامج الخاص بالمغرب    دوري الأمم الأوروبية: المنتخب الفرنسي يتأهل لنصف النهاية على حساب نظيره الكرواتي (ض.ت 5-4)    بودشيش يدعو إلى تأطير المحتوى الرقمي    المجلس العلمي يحدد قيمة زكاة الفطر بالمغرب    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفلا قرآنيا لتكريم الفائزين بالمسابقة القرآنية المحلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمازيغية والديمقراطية المَحلية
نشر في هسبريس يوم 16 - 02 - 2018

هل يُعقل أن تكون الأمازيغية هي اللغة الأكثر انتشارا في المغرب وتُقصى من البرلمان؟ هذا يُناقض شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان الذي تتبجح به الدولة. توَغُّل هذا الإقصاء ليشمل المجالس المحلية من شأنه، في المستقبل القريب، زعزعة الاستقرار وفتح الباب على احتمالات غير مرغوب فيها. الاستمرار في ترويج خزعبلات من قبيل أن الأمازيغية عيبٌ ونقيصة لن يؤدي سوى إلى طمس الهوية الرئيسية للمغرب وبالتالي تفجير الوعي بضرورة العمل الميداني للتخلص من المستفيدين من هذا الترويج وفي مقدمتهم العروبيين والإسلاميين.
لا ديمقراطية بدون الأمازيغية، لكن نرى أن مؤسسات الدولة تُعارض هذه القاعدة وتُهاجم الأمازيغية، ثقافة ولغة غالبية المغاربة، فتُعرقل بذلك ولوج شرائح هائلة من الشعب إلى الوعي بالمواطنة الحقة التي تستلزم الاعتزاز بالنفس وبالأجداد والاستقلال بالرأي والتحرر من عقال الأيدولوجيات المُستوردة.
تصحيح هذا الوضع صعب جدا على المستوى المركزي، لكنه سهل على المستوى المحلي، أي على مستوى الديمقراطية المحلية، إذ على هذا المستوى تتحقق شروط النهوض ورد الاعتبار للأمازيغية، لذلك يجب الانطلاق منه كأساس لمأسسة الأمازيغية وجعلها عِماد الدولة الوطنية الديمقراطية المُرتقبة.
الأمر منطقي وسهل إذ استحضرنا أن الملكية المغربية هي في عُمقها تجسيد مُعين للطموح الأمازيغي في بناء دولة قوية، وبالتالي فهذا الطموح وذاك التجسيد لا يتعارضان من حيث الجوهر بل يدخُلان معاً باستمرار في علاقات جدلية وفي بعض الأحيان في صراعات عندما تخضع الملكية بشكل مبالغ فيه لهيمنة أيديولوجية خارجية لغوية كانت أو دينية، لكن تنتهي تلك الصراعات غالباً بتجديد التفاهم والمؤالفة.
الأمازيغية، إذن، هي إحدى دعائم الدولة الملكية. دوام الملكية وقوتها من دوام الأمازيغية وقوتها. هنا إذن مُقايضة: على الملك المحافظة على الثقافة الأمازيغية حتى لا يطمسها القانون العام (الشرع)، مقابل البيعة والتفويض للقيام بذلك حسب ما يراه من رأيٍ سديد.
إعادة القضية الأمازيغية إلى المستوى المحلي يستوجب إعادة هذا التفويض إلى أصحابه لكي يبادروا إلى تدبيرها انطلاقا من المستوى المذكور ثم التدرُّج عبر الهيئات المختلفة، بحيث تتكفل الهيئة الموالية بما لم تستطع حسمه الهيئة التي سبقتها وهكذا حتى نصل إلى الهيئة المَلكية إن اقتضى الأمر. صيغة هذا التدرج، حدوده، مدته، إلخ، كل ذلك يُحرَّر في وثيقة نسميها الميثاق الأمازيغي المحلي.
في كلامي هذا استمرار وقطيعة مع يجري حاليا من إصلاحات وتدابير: استمرار بالنظر إلى تنزيل مفهوم الجهوية الموسعة وسياسة القرب، قطيعة بالنظر إلى ضرورة تغيير التصور الحالي المبني على النزعة الإدارية المَحضة التي تهدف فقط إلى تخفيف العبء على المركز وتشجيع المبادرة في الأطراف.
ثم علينا ألا ننسى أن الدولة المركزية مُطوَّقة بالأيدلوجية العروبية الإسلاموية. ولتخفيف تبعات ذلك التطويق في أفق مَحوِه لابد من تحرير القضية الأمازيغية من قبضة الدولة المركزية، أي لا بد من عكس الاتجاه. لماذا؟ لأن الحركات الاحتجاجية أصبحت تتأصل في الهوية الأمازيغية، وهذا التأصيل مُرشح للانتشار والتمدُّد إلى كل الجهات، لدوافع داخلية قبل أن تساندها قوى خارجية، بل يزداد تمكيناً بتوَسع نطاق التربية النظامية في شكلها الحالي، المُتضمنة لأيدلوجية التعريب والأسلمَة. هذا أمر نعيشه يوميا وواضح لكل مُهتم بشؤون المغرب.
الحلُّ إذن هو تبني موقف جديد تُجاه السلطة المحلية، لكن هذه المرة، بمنظور مستقبلي. الحالة الخطيرة التي تعيشها الأمازيغية اليوم، والتي أنتجتها سنوات طويلة من سياسة القطيعة والإهمال حتى أصبحت الأمور تنذر بالمواجهة، قد تتحول إلى قوة مُساندة للديمقراطية وللتنمية إذا تعاملنا مع الحركة الأمازيغية التعامل الصحيح، أي التعامل الذي سيفضي إلى إعادة الأمازيغية إلى أيدي أصحابها، أولائك الذين تهمُّهم حقّاً في حياتهم اليومية، أي الأمازيغ الساكنين، مثلا، في مدينة كلميمة و يريدون ان يتعاملوا بلغتهم في المحكمة المحلية، في المستشفى المحلي، في الإدارة المحلية في المدرسة المحلية في صياغة مطالبهم الاجتماعية والسياسية المحلية الخ...
هذا هو المُنطلق وهذا هو أساس الديمقراطية المحلية، تلك الديمقراطية التي ستحُل كثيرا من الملفات الصعبة للدولة المغربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.