البطولة: نهضة بركان يواصل نتائجه الإيجابية بالانتصار على شباب المحمدية المكسور    كتاب "التشادي 'مبعوث داعش' إلى المغرب يطلب الصفح" في ضيافة النقابة الوطنية للصحافة المغربية    انخفاض كميات مفرغات الصيد البحري بميناء آسفي    رئيس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء: الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    حماس وإسرائيل تتبادلان الاتهامات بتعطيل اتفاق الهدنة وإطلاق سراح الرهائن    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    نجاة 32 شخصا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان    الاتحاد الاشتراكي يعلن اعتزازه بالمسار الذي اتخذه ورش مراجعة مدونة الأسرة بما يليق بمغرب الألفية الثالثة    "سرقة البطولة" من الجيش تثير مواجهة مفتوحة بين رئيسي الوداد البيضاوي والرجاء البيضاوي    أخبار الساحة    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024        حافلة "ألزا" تدهس شابًا وتُنهي حياته بطنجة    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    الحصيلة السنوية للأمن الوطني: أرقام حول الرعاية الاجتماعية والصحية لأسرة الأمن الوطني    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان        بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    الوداد يطرح تذاكر مباراته أمام المغرب الفاسي    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية        نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    قياس استهلاك الأجهزة المنزلية يتيح خفض فاتورة الكهرباء    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث        ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد القجيري، عضو اللجنة التحضيرية للحركة من أجل الحكم الذاتي للريف في حوار مع جريدة أمنوس
نشر في أريفينو يوم 16 - 09 - 2008

كيف تقيمون الوضع الحالي للحركة الامازيغية على ضوء المستجدات التي عرفتها الساحة السياسية المغربية ؟
لعل من المفيد ذكر هنا أن الحركة الأمازيغية تشكل اليوم أحد أهم الحركات الإجتماعية و السياسية القوية في المغرب..
...والمعارضة للنظام العروبي الحاكم و حكومته الشكلية و الفكر العروبي عامة، و هو ما يجعلها تعيش واقع الهامش و حالة الحصار و القمع من طرف القوى العروبية المختلفة في هذا البلد الأمازيغي ، و هذا ما يمكن ملاحظته بسهولة من خلال سياسة الإعتقالات و المحاكمات التي يباشرها الجهاز المخزني حاليا اتجاه مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية بالجامعات ، و منع العديد من الجمعيات و التنظيمات الأمازيغية من حقها في الوجود القانوني ، وكذا سياسة المضايقات المتكررة اتجاه نشطاء الحركة الأمازيغية ، اضافة الى منع العديد من الأنشطة الثقافية و السياسية للحركة الأمازيغية ، و وضع عراقيل أمامها بهدف التقنين من تحركاتها النضالية كما يتجلى ذلك على سبيل المثال في المنع الذي يطال ويباشر العديد من الجمعيات الأمازيغية من القاعات لتنظيم أنشطتها ، أو إفشالها إن إقتضى الحال و الأمر ، كما هو حال مؤتمر الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي الذي إنعقد في أحد شوارع مراكش. و أخيرا تم حل و إبطال هذا الحزب الأمازيغي من عمله المشروع بواسطة ترسانة من القوانين المخزنية العروبية العنصرية التي تمنع تأسيس أي حزب أو تنظيم سياسي تأسس خارج نطاق العروبة ، حيث ان هذه السياسة الفاشيستية هي التي يحاول اليوم النظام العروبي العنصري انتهجها ضد أي تنظيم سياسي يراه المخزن يشكل عليه خطر و قوة سياسية جديدة في الساحة السياسية بالمغرب. و تنظيمات الحركة الأمازيغية هي المستهدفة الأولى من هذه السياسة العنصرية القمعية ، بيد أنه كلما ظهر تنظيم قوي و نضال حقيقي للحركة الأمازيغية إلا و عمل المخزن العروبي على محاصرته و الحد منه و قمعه عن طريق عدة وسائل و آليات المعروفة في السياسة المخزنية انتهجها ضد معارضيه.
و بغض النظر عن كل هذه الظروف غير الطبيعية الصعبة و العصيبة التي تعيش في ظلها الحركة الأمازيغية ، فإنها لازالت تؤرق القلاع العروبية و يضرب لها ألف حساب على الساحة السياسية بالمغرب ، و في خطى نضالية تصاعدية و لو بغير الشكل الذي ننشده ، حيث هناك عدة تحركات نضالية لتنظيمات الحركة الأمازيغية من تنسيقيات و تكتلات و بوادر لإنشاء و تأسيس تنظيمات سياسية جديدة بحثا عن أداة أخرى أكثر قوة و تأثيرا و ضغطا على النظام العروبي الحاكم بهدف تحقيق مطالب الشعب الأمازيغي التي ترفعها الحركة الأمازيغية.
و على هذا الأساس ، يندرج كذلك ظهور عدة تحركات أمازيغية على الواجهة الدولية للبحث عن تنسيقيات و تحالفات جديدة قوية ، و خاصة مع أمازيغ الشتات ، و هو ما سيشكل قفزة نوعية في استراتيجية النضال الأمازيغي ، و في صالح القضية الأمازيغية إذا كان هناك تنسيق محكم و مدروس و فعال و حقيقي بين كلا الطرفين للعمل سويا عن طريق الجبهتين الداخلية و الخارجية للضغط على النظام المغربي العنصري الحاكم .
و على صعيد آخر ، هناك عدة تحركات مخزنية موازية لتحركات الحركة الأمازيغية بغية الحد من إنتشار حركيتها النضالية و كبحها و حصارها ، وكذا إختراق بعض تنظيمتها كمحاولة مخزنية فاشلة لإضعاف الحركة الأمازيغية ، وهذا ما أدى بالنظام المخزني الى البحث عن أدوات و بدائل أخرى أكثر مجدية من خلال إنشاء بعض المؤسسات الشكلية التي لا سلطة لها للحيلولة دون إتساع رقعة الحركة الإحتجاجية الإجتماعية بالمغرب مثل مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية و المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان و هيئة الإنصاف و المصالحة و المجلس الإستشاري للشؤون الصحراوية و مجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج و غيرها كمحاولة لإسكات مزيد من معارضيه و إستقطابهم الى خندقه.
و لعل التحركات الأخيرة للمخزني عالي الهمة ، صديق الملك و صاحب “حركة لكل الديمقراطيين” المثيرة للسخرية و السخفة و لا علاقة لها بالديمقراطية التي نظرت و خلقت في كواليس و أروقة قلاع المخزن للدفاع عن مؤسسات المخزن الشكلية غير الديمقراطية و الإستبداد المخزني ، خير مثال على هذه السياسة المخزنية الجديدة.
إن هذه الحركة لكل المخزنيين الجدد قد بدأت هي أيضا في تحركتها المشبوهة في محاولة منها إستقطاب و إحتواء و إختراق بعض تنظيمات المجتمع المدني ، كما هو حال بعض التنظيمات المحسوبة على الحركة الأمازيغية بغية إحتوائها ببعض الإمتيازات و الوعود الفارغة و لاسيما عندما تصدر من ألذ أعداء القضية الأمازيغية كما هو الشأن لصديق القصر ، عالي الهمة الوزير السابق المنتدب في وزارة الداخلية السيئة الذكر و الشخص الذي يثق فيه القصر ، و المكلف دائما بحل القضايا التي تؤرق سياسة الدولة الأمنية ، و أيضا من أجل إختراق و إسكات بعض الحركات الإجتماعية بالمغرب و منها الحركة الأمازيغية ، و خاصة عندما تكون تشكل خطرا أكبر على سياسة النظام الظالم الحاكم.
و بغض النظر عن كل هذا ، و عن تحركات المخزن المتتالية ضد معارضيه و نجاحه في إحتواء و إستقطاب بعض ممن كانوا يحسبون أنفسهم سابقا على اليسار الجذري و الحركة الأمازيغية و غيرها ، فإن معظم تنظيمات و إطارات الحركة الأمازيغية بعيدة عن الفيروس المخزني ، و لازلت تشكل القوة الأكثر ضغطا و تحركا و معارضتا من داخل المجتمع المدني للنظام العروبي الحاكم بعد إحتواء العديد من التنظيمات اليسارية و الإسلاموية و إدخالها في لعبة المخزن الذي يحسن هذا الأخير اللعب في لعبته و التحكم في بيادقه.
و مما لاشك فيه ، فإن الحركة الأمازيغية بعيدة عن هذه اللعبة المخزنية رغم إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية و رغم المحاولات الأخرى المتكررة و الفاشلة في معظمها اتجاه تنظيمات و مناضلي الحركة الأمازيغية ، و يعود الفضل في هذا الى تصاعد المد النضالي الرديكالي من داخل الحركة الأمازيغية و خاصة في صفوف الشباب ، بفضل الحركة الثقافية الأمازيغية بالجامعات التي تنتج سنويا المئات من المناضلين الأمازيغ الذين بدورهم أسسوا العديد من الجمعيات الأمازيغية في مختلف مناطق المغرب الذي إنعكس هذا بشكل إيجابي على القضية الأمازيغية و على الوعي و الإيمان بها و خاصة من طرف الشباب ، حيث أصبحت هذه الجمعيات تستقطب بدورها سنويا العديد من المنخرطين و تعمل على نشر الوعي في الجماهير الأمازيغية و الدفاع عن همومها في ظل إنعدام الثقة في الأحزاب المغربية و التنظيمات السياسية الأخرى ، و هذا ما يشكل قوة لدى الحركة الأمازيغية ، مما يدل على أن الحركة الأمازيغية في مسار تصاعدي و في تزايد قوتا و عددا كل يوم. إذ ان التسلح بالوعي و المعرفة و الإيمان بالقضية الأمازيغية لدى الجماهير الأمازيغية مكسب كبير للشعب الأمازيغي ، و يؤكد أن الحركة الأمازيغية بخير ، و هذا ما يمكن ملاحظته على مستوى الشارع الأمازيغي.
بماذا يمكن تبرير مطلب الحكم الذاتي للشارع الريفي بأنه مطلب ديمقراطي؟
جدير بالذكر هنا أن الدول التي تنتهج الأنظمة المركزية اليعقوبية هي دول العالم الثالث اللاديمقراطية كما هو حال المغرب اللاديمقراطي الذي يشرعن الإستبداد عن طريق إنفراده بمركز القرار السياسي و الإقتصادي دون إعطاء الحق للسكان بتسيير منطقتهم و شؤونهم بأنفسهم ، حيث يسيطر عليها أعوان المخزن الذين يتخذون القرارات إنطلاقا من أوامر و إملاءات المركز بعيدا عن إرادة الشعب ، كما هو الشأن في منطقة الريف المهمشة التي تعيش الإستبداد من مركز القرار بالعاصمة الرباط ، بيد أن الديمقراطية الحقة تكون عبر إقرار نظام الحكم الذاتي للريف الذي هو السبيل نحو إرساء أسس الديمقراطية بالمنطقة و المغرب.
بالنسبة للشارع الريفي ، هو واعي بحقوقه الضائعة و المسلوبة من طرف المركز ، و يطالب بتسيير منطقته بنفسه ، ولا ننسى ما قدمه الريفيون من التضحيات بالغالي و النفيس في سبيل الديمقراطية و الدفاع عن تسيير منطقة الريف من طرف الريفيين.
و لعل يفيدنا إذا إستحضرنا هنا تضحيات الريفيين من أجل حرية الريف إبان دولة جمهورية الريف ، و خلال إنتفاضة الريف سنة 58 و 59 الذي من بين المطالب التي قدمت آنذاك الى محمد الخامس مطلب تسيير الريف من طرف الريفيين ، و كذا خلال أحداث سنة 1984 الذي رفعت الجماهير الريفية وقت ذاك “الإختيار الجهوي الديمقراطي” رغم الظروف العصيبة و القمعية التي كانت تمر بها منطقة الريف ، فترة الإستبداد الشمولي للنظام الحسني الراحل.
ولاشك إذا وقع إستفتاء اليوم في المنطقة حول مستقبل الريف سيصوت معظم شعب الريف على حق تسيير الريف من طرف الريفيين ، ماعدا قلة قليلة جدا المستفيدة من الرباط و من بقاء الريف تحت الحكم المركزي المخزني.
و هذا ما سنعمل على النضال عليه مستقبلا إنطلاقا من مواثيق الدولية لحقوق الإنسان و حق تقرير المصير التي تنص عليه ديباجية المواثيق الدولية ، فإستحضارنا لتلك المواثيق الدولية لحقوق الإنسان و مفهوم الديمقراطية كفيل بالإقناع و التدليل و البرهنة على أحقية نظام الحكم الذاتي للريف و ديمقراطيته و شرعيته و عدالته ، بيد أن أنظمة الحكم الذاتي هي أفضل ما توصل اليه الفكر البشري الحالي و انتهجتها أفضل دول العالم ديمقراطيتا مثل سوسرا و إسبانيا و غيرها.
و لعل إنتهاج العديد من دول العالم لأنظمة الحكم الذاتي الديمقراطية انتقلت بفضلها العديد من الأنظمة التي كانت شمولية و ديكتاتورية الى أنظمة ديمقراطية متقدمة و سارعت في إرساء الديمقراطية القوية في مؤسستها كما هو حال جارتنا إسبانيا التي أصبحت بعد إعتمادها على أنظمة الإستقلال الذاتي من أعظم دول الديمقراطية في أوربا و العالم.
إن الإنتقال الديمقراطي الحق يكون عبر إقرار أنظمة الحكم الذاتي التي توفر صلاحيات واسعة للمؤسسات المحلية التي بدورها تترك مجالا واسعا لكي يتحكم بها سكان المنطقة بعيدا عن الوصايا و القرارات المركزية.
ومما لاشك فيه ، فإننا عندما نستحضر أساليب الحكم الذاتي أمام الجماهير الريفية سوف يدرك الشارع الريفي أكثر مزايا هذا النظام الديمقراطي ، وسيعي جيدا بمطلبه الديمقراطي المشروع و العادل الذي أعطى حوله الريفيون العديد من الشهداء الأبرار في سبيل إرساء مطلبهم التاريخي بالمنطقة الريفية الى أن أقبر من طرف النظام المغربي بعد سيطرته على بلاد الريف الأمازيغية ، حيث كان نظام الإستقلال الذاتي سائد و متأصل عند الريفيين الذين كانوا في السابق أي قبل الإحتلال الإسباني و المخزني يديرون شؤونهم المحلية بأنفسهم بعيدا عن أي نظام مركزي إستعماري آخر.
و وعيا منا بأهمية إستحضار مزايا أنظمة الحكم الذاتي أمام الجماهير الريفية و السبيل نحو الإنتقال الى الديمقراطية ، فإن هذا النظام سيسمج للشعب الريفي بتسيير أموره بنفسه عن طريق السلط التي ينص عليها القانون الدولي لمثل هذه الأنظمة الديمقراطية بدءا من السلطة التشريعية و التنفيذية و القضائية.. ، بحيث يستطيع عندئذ الريفيون إقامة مؤسسات حقيقية منتخبة تفرزها أصوات شعب الريف الأمازيغي بشكل ديمقراطي ، ليس كما هو حال اليوم لمؤسسات شكلية للدولة المغربية و التعيينات الآتية من المركز غير الديمقراطي.
و عليه ، فإن توعية الشارع الريفي بهذا المطلب الديمقراطي رهين بإستحضارنا لمزايا نظام الحكم الذاتي في الريف و إنعكاساته الإيجابية على مختلف المجالات و القطاعات الإقتصادية و الثقافية و السياسية و غيرها من المجالات الأخرى التي يتجلى فيه ، و كيف أن هذا المطلب أساسي في إرساء أسس الديمقراطية الحقة في الريف و المغرب ، و يسمح بتأسيس حكومات جهوية منبثقة عن إرادة شعب الريف الأمازيغي بعيدا عن مؤسسات صورية و شكلية كما هو حال البرلمان المغربي العروبي ، و كذا تحقيق العدالة الإجتماعية في توزيغ الثروات و الموارد الإقتصادية ، حيث سينص هذا النظام الأتونومي لشعب الريف على الإستفادة من خيراته و ثرواته بشكل عادل ، عكس ما هو اليوم التي تستنزف خيراته و ثراوته بشكل خطير جدا و تحول الى مثلث المركز.
و إذا كان بلاد الريف يعيش واقع الحصار و التهميش الإقتصادي و السياسي على جميع الواجهات كما يعلم الجميع ، و تحت قبضة يد حديدية من المركز العروبي الذي فرض عليه التهميش و الإقصاء و الإستبداد والإستعباد و الذل و الهوان و التعريب و الحكرة الدائمة منذ عقود طويلة من الزمن ، كما يشهد على ذلك الواقع و التاريخ الريفي ، و السياسة المخزنية الريفوبية نفسها المنتهجة لحد اليوم في الريف شاهدة على ذلك ، فإنه آن الآوان لنتكتل و نتحد فيما بيننا من أجل الحكم الذاتي للريف و الدفاع عن هموم الحقيقية للجماهير الريفية التواقة الى الحرية و الديمقراطية أكثر من المناطق الأخرى.
ولاشك أن تحقيق الحكم الذاتي للريف هو السبيل الصحيح لرفع التهميش و الحكرة التاريخية المفروضة على بلاد الريف ، و إرساء المواطنة الأمازيغية الحقة و الديمقراطية بالمنطقة الريفية الأمازيغية ، و التحرر من السيطرة العروبية بالمنطقة في أفق تحرير البلاد الأمازيغية كلها من الإحتلال العروبي.
إذ كيف يعقل أن يكون مصير الريف الأمازيغي مرهون بنخبة مخزنية عروبية قادمة من المركز تستحوذ على كل خيرات و ثروات الريف و تفعل ما تشاء بها تحت أوامر المركز مثل مؤسسة الوالي و العامل التي تعتبر الممثل الرسمي للنظام المخزني بالريف ، حيث تحضى بسلط إستعمارية تستطيع منها أن تفعل ما يحلو لها في الريف دون أن يحاسبها أحد ، بيد أن الدستور المغربي الممنوح حصن و خول لهذه المؤسسة المخزنية بالريف أن تتحكم في العديد من مؤسسات الريف و ميزانيتها ، بل في ميزانية المنطقة بأكملها ، و أكثر من هذا أعطى لها الحق أن تحل و تبطل مؤسسات ريفية إذا رأت أنها تشكل خطرا على السياسة الإستبدادية المركزية المخزنية بالريف.
و طبعا الريفيون يدركون جيدا هذه السياسة الريفوبية الممنهجة بالمنطقة منذ أن أصبح هذا الريف الأمازيغي خاضع للسياسة العروبية بالرباط ، و الشارع الريفي هو الضحية الأولى لهذه السياسة المركزية اليعقوبية البعيدة كليا عن الديمقراطية و حقوق الإنسان.
و إنطلاقا من كل ما سبق ذكره ، نستطيع أن نبرر مطلبنا أكثر بأنه مطلب ديمقراطي و عادل و مشروع بإستحضارنا ما ذكرناه أعلاه و غيره ، و كذا سؤال ماذا يعني أن يستطيع الريفيون تسيير منطقتهم بأنفسهم و من ثمة حكم الشعب لنفسه الذي هو التعريف الشهير للديمقراطية ، و ماذا سيشكل ذلك من أسس قوية و متينة لتثبيت و إرساء الديمقراطية الحقة ، و وسيلة ناجعة للتحرر من الإستبداد المركزي العروبي ، و السير نحو التقدم و الإزدهار ، و إسترجاع حريتنا المسلوبة من طرف المركز المخزني الحاكم في أفق تحرير المغرب بأكمله من السياسة اليعقوبية المركزية العروبية ، و إقرار أنظمة الحكم الذاتي و النظام الفيدرالي في البلاد الأمازيغية.
بصفتك عضو في اللجنة التحضيرية لتأسيس “الحركة من اجل الحكم الذاتي للريف”، ماهو برأيك التصور الأقرب إلى الواقع ، في ظل تعدد الأطروحات والتصورات من داخل الحركة الامازيغية بغية جمع شملها ؟
سؤال سبق أن طرح لأكثر من مرة ، و عبر مراحل النضال و العمل الأمازيغي ، ولازال يؤرق العديد من نشطاء الحركة الأمازيغية دون أن يجد له جواب شاف على أرض الواقع الأمازيغي ، بيد أن المشكلة ليس في البحث عن بدائل و حلول جديدة ، جاهزة أو غيرها ، بقدر ما كيف سنفعل ما نطرحه و نتصوره و نراه أنه الحل الأجدى و الأمثل لإعادة شمل الحركة الأمازيغية و لاسيما إذا إستحضرنا هنا تصور مجلس التنسيق الوطني للحركة الأمازيغية المنهار ، و كذا سؤال ما العمل ؟ و بديل مسيرة تاودا التي بقيت حبيسة أوراق و وثائق الحركة الأمازيغية دون أن ترى النور على أرض واقع الشارع الأمازيغي.
و إذا سلمنا أن مطالب الرئيسية للحركة الأمازيغية لا يختلف فيه إثنان من طرف مناضلي و مناضلات و تنظيمات الحركة الأمازيغية ، و هي السقف القادر و المؤهل لتوحيد و جمع شمل تنظيمات الحركة الأمازيغية ، فإن الإختلاف في أشكال التنظيم و النضال أحد الأسباب الرئيسية التي أدت بشكل ما إلى تأزيم الفعل الأمازيغي و تشتيت الحركة الأمازيغية ، و لاريب أن نرى هذا الواقع المر على مستوى العديد من الإنشقاقات في صفوف تنظيمات و جمعيات الحركة الأمازيغية ، و ظهور في المقابل العديد من التنظيمات و الجمعيات الجديدة ، و كذا تنسيقيات و تحالفات أخرى من داخل الحركة الأمازيغية.
و إذا كان البعض يرى هذا صحيا في إطار توسع شبكة الجمعيات و التيارات و التنظيمات الأمازيغية و الإختلاف و ما إلى ذلك ، فإن المؤسف ما في الأمر هو إتخاذ بعض هذه الإنشقاقات اتجاه الحزازات و الصراعات و التشنجات القوية و طريق الإتهامات العلنية المتبادلة بين العديد من التنظيمات الأمازيغية، وطبعا هذا في غير صالح القضية الأمازيغية.
يفسر هذا الإتجاه أكثر ، بروز من داخل الحركة الأمازيغية بعض الإطارات الأمازيغية التي تفضل العمل مع الأحزاب المغربية ، و أخرى مع مؤسسات حكومية و مخزنية التي لعبت هذه الأخيرا دورا كبيرا في تشتيت الفعل الأمازيغي. كما هو الحال بعد تأسيس مؤسسة الدولة المسماة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية التي تعمل وفق أوامر و توجهات و إملاءات القصر. بيد أن هذه المؤسسة المخزنية الشكلية التي لا سلطة تقريرية لها هي مثل “فيروس عروبي” غرس وسط الحركة الأمازيغية بغية إحتواء و إستقطاب تنظيمات أمازيغية جديدة و إدخالها في اللعبة المخزنية من أجل التحكم فيها و كبح نضالتها و من ثمة إضعاف و تشتيت الحركة الأمازيغية.
و على صعيد آخر ، من الصعب جدا توحيد و إعادة شمل تنظيمات الحركة الأمازيغية في تكتل منظم إتحادي واحد ، رغم بعض المبادرات الضعيفة الصادرة من هنا و هناك من قبيل التنسيقيات المحلية و الجهوية و الوطنية الضعيفة أصلا. لعل الذي يفسر هذا الواقع ، هو أن الحركة الأمازيغية ليست كتنظيم منظم أو كحزب له مجلس وطني و إقليمي و تنفيذي.. إلخ.
الحركة الأمازيغية تنظيم من نوع آخر ، هي حركة متحركة و متجددة على مدار الوقت تتمتع بإستقلال تام عن أي تنظيم منظم حتى من داخل الحركة الأمازيغية نفسها ، و تخضع لتصورات و أطروحات مختلفة بإختلاف عدد تنظيمتها و جمعيتها ، و أي تنظيم أو إطار يتبنى مباديء و مطالب الحركة الأمازيغية يعتبر عضوا في صفوف حركة الحركة الأمازيغية.
و من المعلوم ، أن الحركة الأمازيغية تتشكل اليوم من جمعيات و تنظيمات و هيئات و أحزاب و أفراد و غيره ، و بالتالي من الصعب جدا جمع كل هذه الإطارات في طرح و تنظيم واحد. و لعل فشل العديد من المبادرات خير مثال على ذلك ، و هذا راجع الى أسباب ذاتية و أخرى موضوعية.
و إزاء هذا ، يقتضي الأمر خلق خلية تفكير من داخل الحركة الأمازيغية للبحث عن أشكال أخرى قادرة على التحقيق و التفعيل على أرض الواقع ، و صياغة ميثاق شرف أمازيغي هدفه العمل على شمل تيارات الحركة الأمازيغية في تكتل إتحادي مع إدراج فيه جميع مطالب الرئيسية للحركة الأمازيغية التي لا يختلف فيه إثنان ، و كذا وضع شروط معقولة للإنضمام و التوقيع عليه بعد دراسته من كل الجوانب دون ترك فيه أي فراغ أو ثغرة قد يهدده مستقبلا.
و لكي نلمس هذا التكتل النظري أكثر ، علينا أن نستحضر نموذج الكونكريس العالمي الأمازيغي و أخطاءه و ثغراته ، إضافة الى إستحضار النماذج الناجحة في العالم ، طبعا في إطار مباديء الحركة الأمازيغية ، و وضع برنماج عملي سنوي الذي يجب على إطارات و تنظيمات الحركة الأمازيغية الإلتزام و العمل به. و هكذا ستصبح الحركة الأمازيغية كشبه تنظيم منظم لها قوانينها الخاصة التي تنظمها و توحدها.
و إذا أخذنا على سبيل المثال التيار الذي يدافع عن أطروحة البديل الأمازيغي الذي تحول مؤخرا الى حزب أمازيغي غير معترف به بالمغرب ، و بيان الأمازيغي ، و الإختيار الأمازيغي ، و بيان من أجل الحكم الذاتي للريف ، علينا أن نبحث عن ما هو مشترك بين كل هذه الأطروحات و ترك الإختلافات جانبا للحسم فيها مستقبلا.
و نورد هذا المثال كي نوضح أنه بلإمكان توحيد و شمل إطارات الحركة الأمازيغية في بديل واحد موحد على أساس أن تعمل كل هذه الإطارات على الواجهتين ، الأولى من خلال تصورتها و أطروحتها الخاصة ، و الثانية من خلال العمل المشترك الموحد بين كل هذه التنظيمات الأمازيغية في إطار الإختلاف في الوحدة.
و بما أن مطلب ترسيم اللغة الوطنية الأمازيغية كلغة رسمية لا يختلف فيه إثنان و لا يجادل فيه أحد ، فإن هذا المطلب سيدرج في ميثاق الشرف الأمازيغي المفترض ، و هكذا دواليك بالنسبة للمطالب الأمازيغية الأخرى التي تنادي به كل إطارات الحركة الأمازيغية ، كما يجب أيضا في إطار و ضمن وحدة الحركة الأمازيغية المنشودة الإلتزام ببرنماج العمل المشترك ، بحيث يجب على الأقلية أن ترضخ لقرارات الأغلبية فيما هو صالح للقضية الأمازيغية ، فإذا إقترحت مثلا الأغلبية شكلا من أشكال النضال ، كالنزول الى الشارع مثلا ، فعلى الأقلية أن تلتزم به و تكون في الحدث.
كانت هذه بعض التصورات التي رأينا أنها ستكون بدون شك في صالح القضية الأمازيغية إذا طبقت بشكل صحيح ، و في صالح توحيد الصف الأمازيغي الذي لن يكون في المستوى المطلوب دون الحسم مع العمل النخبوي و السير نحو العمل الجماهيري.
رفعت لافتة الحكم الذاتي للريف في تظاهرة فاتح ماي من السنة الماضية ، وبعد ذالك بشهور طرحتم وثيقة تأطر هذا المطلب وقع عليها أزيد من 100 فعالية ريفية . ماذا بعد ؟ و أية إستراتيجية سطرت من داخل اللجة التحضيرية من اجل مواصلة النضال حول هذا المطلب؟
بداية لابد من الإشارة الى أن مطلب الحكم الذاتي للريف مطلب تاريخي عريق قديم ، قدم حوله الريفيون العديد من الشهداء الأبرار ، و بالتالي يجب أن نأخذه و نضعه في سياقه التاريخي ، بدل الإنطلاق من تظاهرة فاتح ماي 2007 ، بيد أن لافتة الحركة الأمازيغية التي رفعت في تظاهرة عيد العمل السنة الفارطة حول المطالبة بنظام الحكم الذاتي للريف ، ما هو إلا مواصلة للنضال و تجديد نفس مطلب التاريخي للريف.
ربما يكون الجديد في تجديد هذا المطلب اليوم هو إعطاء له صبغة و بعد جماهيري بعدما كان مقتصرا في السابق على بعض الفعاليات الريفية منذ وفاة الحسن الثاني الذي عرف عهده العديد من الإنتفاضات و الثورات الشعبية بالريف ضد السياسة المركزية بالمنطقة و ضدا عن إحتلال المورسكيين و المخزنيين لمؤسسات و إدارات الريف و دفاعا عن مطلب تسيير الريف من طرف الريفيين التي بلغت ذروتها و أوجها في عهد دولة جمهورية الريف الأمازيغية ، و كذا خلال إنتفاضة الريف لسنة 58 و 59 التي سحقت بشكل وحشي من طرف طغاة آيث بوقبارن في محاولة منهم إقبار هذا المشروع الريفي الديمقراطي ، إلا أنه سيعود من جديد و لو بغير الشكل الذي كان في عام إقبارن ، و ذلك إبان إنتفاضة 1984 الذي ردد و نادى آنذاك المتظاهرون و الجماهير الريفية “الإختيار الجهوي الديمقراطي”.
ما أود أن أصل إليه هنا ، هو أنه يجب إعطاء لهذا المطلب الريفي بعده الحقيقي التاريخي ، غير ما يحاول البعض إستثناءه و إقتصاره في تظاهرة فاتح ماي 2007 ، و كأن هذا المطلب الريف لم يكن يطالب به الريفيون إلا بعد أن جاءت محطة 2007.
عودة الى سؤالكم ، بالنسبة للجنة التحضيرية للحركة من أجل الحكم الذاتي للريف الفتية التي لازلت حديثة العهد و في نشأتها الأولى ، فإنها تسير في خطى ثابتة ، و هي بصدد إعداد لقاء تواصلي مع الموقعين على وثيقة “بيان من أجل الحكم الذاتي للريف” لنقاش محتواه و البحث عن أداة تنظيمية للتكتل حول الحركة من أجل الريف ، كما أن اللجنة التحضيرية للحركة من أجل الحكم الذاتي للريف ستعمل على إعداد برنماج عملي على المدى القريب و المتوسط و البعيد للسير بهذا المطلب نحو الفعل الريفي الجماهيري ، و هذا ما سنحاول العمل به عن طريق العمل على توعية الشارع الريفي بحقوقه العادلة و المشروعة كخطوة أولى من خلال عقد لقاءات و ندوات و دوريات توعوية و تحسيسية في مختلف مناطق الريف المسلوب حقوقيا ، هذا بالإضافة الى المشاركة في مهرجانات و خطابات جماهيرية و تظاهرات و إحتجاجات للدفاع عن هموم و تطلعات الريفيين ، و طبعا هذا سيعود الى أشكال النضالية التي ستحدد مستقبلا ، كما سنعمل في إطار إستقطاب الأطر و النخب الريفية المؤثرة و الغيورة على المنطقة على فتح نافذة حوار معها من أجل إقناعها بالمشروع و التكتل حول هذا المطلب الريفي ، و نفس الشيء مع ريفيو الشتات الذين يتقاسمون معنا نفس الهم ، و ذلك بفتح نوافذ الإتصال مع المؤسسات و الجمعيات و الفعاليات الريفية بالديسابورا ، و في هذا الصدد شكلنا عدة لجن التواصل للجنة التحضيرية للحركة من أجل الحكم الذاتي للريف في عدة بلدان أوربية التي تتواجد فيه الجالية الريفية ، و نحن الآن بصدد إعداد و تطوير و تفعيل هذه اللجن ، كما أنه في إطار الإعلان عن وثيقة “بيان من أجل الحكم الذاتي للريف” للرأي العام الريفي المطروحة حاليا للنقاش بين مختلف الفاعلين الريفيين ، السياسيين ، الإقتصاديين ، الثقافيين ، الإجتماعيين ، الديمقراطيين ، الحقوقيين ... ، فإننا سنعمل على عقد العديد من اللقاءات و الدوريات و الإجتماعات و المشاورات مع مختلف الفاعلين الريفيين ، و إقناع الذين لم يقبلوا بعد بالفكرة للتوقيع عليها ، و كذا نقاش محتوى “بيان من أجل الحكم الذاتي للريف” للبحث عن صيغة موحدة و متفق عليه بالإجماع بين مختلف الريفيين للسير بهذا المطلب نحو النضال و الفعل الريفي الجماهيري الحق.
و هذا ما سنعمل عليه في المستقبل عن طريق عمل التنسيق المؤسس و المنظم و المحكم مع العديد من الفعاليات و التنظيمات الريفية المؤثرة في عملية الإتصال بالجماهير الريفية في إقليم الريف و أوربا و غيره.
و من أجل التكتل أكثر حول الإستقلال الذاتي للريف و الوحدة الريفية المنشودة سنعمل في المستقبل على توحيد فريق عملي مع الهيئات و القوى اليسارية و تنظيمات المجتمع المدني و النقابات المحلية في إطار حوار وطني ريفي-ريفي حول مستقبل الريف ، بهدف النهج في تشكيل جبهة ريفية قوية قادرة على الضغط القوي و إنتزاع حق الحكم الذاتي للريف ، و البحث عن أداة جديدة تنظيمية منسقة قوية من أجل الريف.
و لعل هذا سيطرح في أشغال مؤتمر الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف للخروج بصيغة تنظيمية قوية و برنماج عملي نستطيع منه جميعا نحن الريفيون الأحرار أن نقود سفينة الريف نحو النضال الجماهيري الرديكالي الحق. بيد أن كل هذه الخطوات النضالية العملية لابد لها من خلق لجن التفكير خاصة بالقضية الريفية ، بموازة مع لجن البحث في الحكم الذاتي و نماذجه في العالم للخروج بنموذج الحكم الذاتي الذي يتناسب و يستجيب لما هو أصيل ريفي حتى نوحد تصورتنا و روأنا حول أي نوع الحكم الذاتي الذي نريده للريف ، كما يجب أيضا خلق خلية إعلامية و دعائية من أجل إعطاء إشعاع دولي و حقوقي و إعلامي للقضية الريفية و توعية الشعب الريفي بحقوقه المسلوبة من طرف المركز المخزني العروبي.
و على الواجهة الأخرى ، لابد من تفعيل لجن إتصالات و التنسيقيات الوطنية الريفية في الداخل و الخارج من أجل الإعداد لمشروع وطني ريفي متكامل ضمن المنطلقات النظرية و الفكرية و العلمية و إفرازات الواقع الريفي قبل و بعد و أثناء الإحتلال المخزني العروبي لبلاد الريف الأمازيغية ، مع تعزيز مطلبنا بالوثائق الدولية ولاسيما مواثيق الدولية لحقوق الإنسان بموازة مع فتح مجال الإستفادة للنخب الريفية المدافعة عن الحكم الذاتي للريف لتكوينات من المؤسسات الدولية التي تدافع عن نفس المشروع الأتونومي ، و هذا ما يحتم علينا التعاون و فتح مساحة الإتصالات مع المنظمات و الحركات و القوى العالمية التي لها نفس الهم ، و تمتين أواصر الصداقة و الشراكة مع الجمعيات و الهيئات الديمقراطية و الحقوقية الدولية و البحث عن علاقات و تحالفات قوية مع الكاطلان و الباسك و الأكراد و غيرهم ممن يتقاسمون معنا نفس المشروع ، و طبعا كل هذه التصورات و المسائل ستطرح للنقاش المستفيض و العميق خلال المؤتمر الريفي و تصاغ في برنماج عملي من أجل تفعيلها على أرض الواقع الريفي.
كيف ترى التيار الامازيغي الذي يطالب بأولوية” تمزيغ المغرب”، ومن بعد ذالك يأتي مطلب الحكم الذاتي؟
إن مطالب الحركة الأمازيغية يجب أن تأخذ في شموليتها و كليتها ، بحيث ان الجزء لا يتجزء من الكل ، بيد أن الدفاع عن هذه المطالب المشروعة و العادلة لا يجب أن نستثني مطلب على حساب الآخر ، أو نقدم هذا على ذاك ، بقدر ما يجب أن نأخذها في شموليتها ، و مطلب الحكم الذاتي يندرج ضمن هذا الإطار ، و لعل الدفاع عن الإستقلال الذاتي لا يعني بتاتا إعطاء الأولوية و الأسبقية لتمزيغ الريف و مؤسساته بقدر ما الدفاع في الوقت نفسه عن مطلب تمزيغ المغرب بأكمله. هذا من جهة ، أما من جهة التيار الذي يرى أولوية تمزيغ المغرب كمنطلق ثم يأتي بعده مطلب إقرار أنظمة الحكم الذاتي في المغرب إنطلاقا من هذا الذي سمي تعسفا بالوطن المغربي ، و كأن بلاد الأمازيغ هي فقط تلك الحدود المصطنعة لهذا البلد الأمازيغي المسمى عربيا بالمغرب. فإننا في المقابل لا نعتقد في الوقت الحالي بوجود تعارض و إختلاف كبير بين من يختار أسبقية تمزيغ النظام ثم بعده تحقيق المطالب الأخرى و بين من ينادي بمطلب الحكم الذاتي للريف ضمن لائحة مطالب الحركة الأمازيغية الأخرى ، بقدر ما أن المطلب الأول يكمل الثاني و العكس صحيح ، طالما أن كلا الطرحين يدافعان عن المطلبين معا و يخدمان القضية الأمازيغية.
ربما قد تكون هناك بعض المخاوف و التوهمات لدى البعض ممن يعتقدون خطئا أن الدفاع عن الحكم الذاتي في ظل النظام العروبي الحالي سيضعف الحركة الأمازيغية على أساس أن مدافعوا هذا النظام الأتونومي سيركزون أكثر على مناطقهم أكثر من غيرها ، أو أنه إذا تحقق الحكم الذاتي للريف مثلا سيصبحون مثل أقلية أمازيغية تحت حكم مركزي عروبي ، و من ثمة سيؤثر بشكل سلبي على الهوية و اللغة الأمازيغيتين التي سيتحكم فيها المركز بهوية عروبية و لغة عربية مثلما هو حال المناطق المتعربة ، أو في إطار هذا الإتجاه الآخر الخاطيء الذي يعتقدون فيه أن أصحاب مبادرات الحكم الذاتي سيتجهون مستقبلا الى الدفاع عن ترسيم اللغات المحلية مثل اللغة الريفية في الريف و نفس الشيء بالنسبة للغات الأمازيغية الأخرى في المناطق الأمازيغفونية الأخرى ، و كذا إعطاء الأولوية لما هو إقتصادي و سياسي أكثر منه ثقافي و لغوي و هويتي و هو ما سيؤدي الى إضعاف و ضياع اللغة الأمازيغية المعيارية غير الموجودة حاليا على أرض الواقع الأمازيغي. في المقابل بقاء المركز المخزني بهوية عربية و نظام عروبي و لغة رسمية عربية في مؤسسات عروبية.. و غيرها من التبريرات غير المنطقية و غير الصحيحة ، بدليل أن الذين يطالبون اليوم بنظام الحكم الذاتي للريف و غيره هم مناضلون في صفوق الأمامية للحركة الأمازيغية و يدافعون عن ترسيم اللغة الأمازيغية الموحدة كلغة رسمية في دستور ديمقراطي شكلا و مضمونا. و طبعا يأخذون بعين الإعتبار تلك التصورات المستقبلية الخاطئة من الذين ينتقدون مشروع الحكم الذاتي للريف و غيره.
و إذا سلمنا بأولوية تمزيغ المغرب ثم بعده يأتي الحكم الذاتي إنطلاقا من المبررات الخاطئة المذكورة أعلاه ، رغم أن كلا الطرفين و الطرحين و المطلبين في واقع الأمر صالحان للهوية الأمازيغية و يخدمان القضية الأمازيغية ، فإن الواقع المر يقول بأن لا مطلب تمزيغ المغرب و لا بعده الحكم الذاتي قادران أن يتحققان على أرض الواقع الأمازيغي ، إذا بقيت الحركة الأمازيغية على ما هي عليه اليوم تتخبط أمام نفسها و أمام هذا الكم المهم من الأطروحات و الأولويات و التصورات و البدائل المختلفة و المتنوعة ، و كل واحد يرى طرحه هو الصحيح دون العمل و النضال الحقيقي و النزول الى الشارع الأمازيغي و الإعتصام فيه كعهد نقطعه بيننا حتى تحقيق مطالب الشعب الأمازيغي التي تنادي به الحركة الأمازيغية ، الذي هو الحل الأمثل و الأجدر القادر على إنتزاع مطالبنا التاريخية على المدى القريب و المتوسط ، فبدون الإنتقال الى العمل الجماهيري الحق ، فإن كل هذه البدائل و الأطروحات و الإختيارات و الأولويات لن تنفع أمام الغطرسة المخزنية العروبية بالمغرب ، فعلى الحركة الأمازيغية اذن إذا أرادت فعلا أن تحقق مطالبها المشروعة دون الخوف على الهوية الأمازيغية و من هاجس بعض المطالب و أسبقيته على الأخرى ، أن تغير من سلوكها و أشكالها النضالية الحالية و البحث عن أشكال أخرى حقيقية قادرة أن تزعزع أركان و أساطير المؤسسة للدولة العروبية العنصرية بالمغرب ، و هذا لن يكون إلا عبر تفعيل مسيرة تاودا الإحتجاجية و إنتهاج سياسة الإعتصامات و الإضرابات المتكررة عبر كل المناطق الأمازيغية ، و بهذا ستقود الحركة الأمازيغية سفينة النضال الأمازيغي الى أساليب مجدية في أفق العصيان المدني و إعلان الثورة الشعبية الأمازيغية ، و من ثمة البحث عن أساليب أخرى للإطاحة بالأنظمة العروبية الإستبدادية في شمال إفريقيا.
بهذه الأشكال النضالية الرديكالية القوية تستطيع الحركة الأمازيغية أن تحقق الكثير من المكتسبات و تنتزع كل مطالب و حقوق الشعب الأمازيغي غير المعترف به من طرف الأنظمة العروبية المحتلة لبلدان تمازغا.
و هكذا فإن تمزيغ المغرب و الريف و غيره و إرساء أنظمة الحكم الذاتي رهين بالإنتقال من الحركة النخبوية الأمازيغية الى الحركة الجماهيرية الأمازيغية القادرة على مواجهة الغطرسة العروبية و زعزعت أركانها العروبية الإستبدادية.
فهل آن الآوان لنفيق من سباتنا و نغير من سلوكنا إتجاه طغاتنا و ننزل الى الشارع بشكل جماهيري مكثف جدا و بإنتظام على مدار الأيام كخطوة أولى نحو الإنتقال الى العمل الجماهيري الشعبي في أفق العصيان المدني و إعلان الثورة الأمازيغية في تمازغا بأكملها حتى لا نبقى نتخبط فيما بيننا و بين هاجس الأسبقية : البيضة أم الدجاجة ؟!!.
هناك حملة إعلامية وسياسية مسعورة استهدفت الحركة الامازيغية ، ومنطقة الريف على الخصوص ، هل تعتبر ذالك مسألة عادية؟
من الطبيعي جدا أن يستهدف الآخر عدوه ، و إستهداف الحركة الأمازيغية و منطقة الريف على الخصوص في هذا الوقت بالذات من طرف القوى العروبية و المخزنية يندرج ضمن الإطار ، بيد أنه كلما تحرك الأمازيغ و طالبوا بإسترجاع حقوقهم المشروعة و العادلة المنتزعة منهم منذ عقود طويلة و دافعوا عنها بإستمالة بشكل من أشكال النضال الرديكالي ، إلا و استهدفوا أكثر من طرف أعدائهم التقليديين و اتهوا بترسانة من الأوصاف و النعوت القدحية من قبيل : العمالة ، الصهيونية ، التفرقة ، الإنفصال ، الزندقة.. و هلم جرا.
و إذا كانت الحركة الأمازيغية تستهدف يوميا تقريبا من طرف القوى العروبية العنصرية و تتهما بالشوفينية و الصهيونية و العمالة و غيرها من الأوصاف و النعوت الإحتقارية ، فإن الريف يتهم و يوصف عادة بالإنفصال و التمرد ، كسياسة إعلامية قديمة جديدة يراد منها تشويه صورة نضال الريفيين ، و تحطيم معنوياتهم ، و التشويش على مطالبهم المشروعة و العادلة ، و كذا محاولة التأثير على الشعب الأمازيغي المستهدف هو أيضا في كينونته و هويته ، بدليل أنه غير معترف به من طرف الأقلية السياسية الحاكمة و غير الحاكمة ذات توجهات عروبية ، حيث تروج هذه الأقلية العروبية في مختلف أبواقها السياسية و الإعلامية على أنه شعب عربي يدافع عن مقدسات و سياسة النظام المغربي العروبي الإستبدادي الحاكم و مؤسساته غير الديمقراطية.
و مما لاشك فيه ، فإن الواقع يؤكد أن كل تحرك أمازيغي سياسي أو حقوقي أو غيره واسع له إشعاع مؤثر على الساحة السياسية و الإعلامية بالمغرب و خارجه ، إلا و قابلته السياسة الإعلامية العروبية و المخزنية على السواء بحملات مسعورة لم تريد منها أن تنتهي.
و سنلمس هذه السياسة أكثر في الريف ، و الإتهامات المتكررة للمناضلين الريفيين الذين يتهمون بشتى أنواع الأوصاف الإحتقارية و المشينة عندما يتحركون و يشكلون خطرا على مصالح العروبيين و المخزنيين بالمنطقة ، كما هو حال نضالات الريف الأخيرة ، و آخرها عودة مطلب الحكم الذاتي الى الواجهة الريفية ، و بروزه بشكل قوي داخل الجماهير الريفية.
و الحالة هذه ، فإنه من الطبيعي جدا أن يستعمل أعداء الريف التقليديين السياسة و الإعلام و الديماغوجية إن إقتضى الحال في حملاتهم المسعورة اتجاه أي تحرك ريفي حقيقي ضد عبثهم بالمنطقة ، كوسيلة أولية يراد منها أعداء الريف تشويه صورة الريفيين ، و إذا لم تنجح هذه السياسة الإعلامية في وقف زحف النضال الريفي الأمازيغي سينتهج المخزن و القوى العروبية المتحالفة معه سياسة القمع و الإرهاب ، كما هو الشأن لسياسة المخزن و حزب الإستقلال الموشومة في ذاكرة شعب الريف ، و سنلمسها بشكل قوي في أحداث 58 و 59 و 84 و 87 و المستمرة لحد اليوم و لو بغير الشكل الذي كانت في السابق التي استعمل خلالها المخزن و أنصاره جميع الوسائل المتوفرة في الدولة المخزنية لقمع و سحق نضالات و تطلعات الحركة الريفية الأمازيغية.
و من المعلوم اليوم ، أن المخزنيون الجدد عندما يقمعون الريفيون كمرحلة أولى يعتمدون على وسائل سياسية و إعلامية و في بعض الأحيان “سيمية” و “دركية” ، و لاريب إذا لم تعطي أكلها سيستعنون بوسائلهم القديمة الجديدة التي يحسنون إستعمالها في الريف ، حتى أصبح هذا عادي و طبيعي إنتهاجه في بلاد الريف ، و لاسيما عندما يكون هذا الريف المنسي قد بدأ مرة أخرى يتحرك و يتكتل و يشكل خطر على سياسة المخزن و على مصالح أعونه و خدامه و بيادقه المختلفة بالمنطقة إذا ترك على حاله دون قمعه و إخضاعه من جديد لسياسة الدولة الأمنية.
و لعل هذا يفسر دخول زوايا سياسية أخرى ، و خاصة تلك المحسوبة على “كوكوت مينوت” ، علاوة على بعض جهات وسائل الإعلام في تحالفات رجعية مع النظام الرجعي ضد مصالح الريف و الأمازيغ عامة.
أمنوس ، العدد الخامس ، يونيو/يوليوز 2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.