فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء        بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    "وزيعة نقابية" في امتحانات الصحة تجر وزير الصحة للمساءلة    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هارون يحيى: "البيكيني" حقّ للمرأة المسلمة .. والرقص ليس حراما
نشر في هسبريس يوم 17 - 02 - 2018

يعرفه أغلب قرائه ومتابعيه العرب باسم هارون يحيى، الباحث التركي المسلم الذي انتشرت كتبه المترجمة عن نظرية النشوء والتطور خصوصا، وكذا مجموعة من الفيديوهات عن الإعجاز العلمي في خلق الإنسان والكون.
وفي الآونة الأخيرة، دأب هارون يحيى على بث فيديوهات على قنوات التواصل الاجتماعي، بحضرة مجموعة من النساء الحسناوات، ما أثار جدلا واسعا وردود فعل متباينة.
هسبريس زارت هارون يحيى، واسمه الحقيقي عدنان أوكتار، في أحد استديوهاته بإسطنبول، وأجرت معه حوارا مطولا حول أسرار هذا "الانقلاب"، وعن مواضيع أخرى شائكة وشائقة...
السيد عدنان أوكتار مرحبا بك على جريدة هسبريس الإلكترونية..
مرحبا بكم وشكرا على هذه الاستضافة.
نعرف الآن أن اسمك الحقيقي هو "عدنان أوكتار"، فما السر وراء اختيار اسم "هارون يحيى" الذي اشتهرت به لدى العرب والمسلمين عموما؟
الله سبحانه عز وجل يُخبر المؤمنين في كتابه العزيز القرآن الكريم بأن بعثة النبي هارون (عليه السلام) والنبي يحيى (عليه السلام) كانت بهدف مساعدة كل من النبي موسى (عليه السلام) والنبي عيسى (عليه السلام)، ومن المنطلق نفسه، يمكن اعتبار المسلمين، سواء كانوا أصدقاء أو إخوة أو أخوات، بمثابة دعم وعون لرسول الله في تبليغ رسالته.
في ما يخصني، أستعمل اسم الشهرة "هارون يحيى" كإشارة إلى دعواتي ونيتي لأكون عونا ويدا مساعدة، لنشر دين ودعوة رسول الله في آخر الزمان، وهو اسم اخترته عن قصد، لكي أصبح الشخص الذي يساعد ويدعم ويحمي ويراقب، مثلما فعل الأنبياء، على غرار هارون ويحيى عليهما السلام.
هل هارون يحيى، الذي ظل يقدم أشرطة وثائقية توعوية طيلة 30 عاما، هو الشخص نفسه الذي يجلس اليوم في تجمعات "الرقص والنبيذ"؟ .
بادئ ذي بدء، أود أن أوضح شيئا وأرفع التباسا ورد في سؤالك، فلا أصدقائي ولا أنا شخصيا نشرب النبيذ أو أي نوع آخر من المشروبات الكحولية، بأي شكل من الأشكال، وذلك التزامًا بإيماننا بصفتنا مسلمين، نؤمن بأن الإسلام يُحرم تناول الكحول، وأعبر دائما في برامجي وفي حياتي اليومية، كلما أتيحت لي الفرصة، عن أن الكحول حرام لا يجوز تناوله، وأقدم شروحا وأدلة علمية تثبت الأضرار الناجمة عن استهلاكه.
وما يظهر في الأستوديو الذي نبث منه برامجنا الحية هي زجاجات عصير جميلة وممتعة للنظر، على سبيل الزينة.
ومثلما هو شائع على نطاق واسع، يعتقد الكثير من الناس أن المشروبات التي تكون في زجاجات جميلة وفي تعبئة مغرية، هي بالضرورة، في نظرهم، نبيذ أو أنواع أخرى من الكحول، ولهذا السبب اعتقد بعض الناس في البداية أن تلك الزجاجات من العصير هي مشروبات كحولية.
ومن أجل تبديد الشكوك ورفع ذلك اللبس، قمنا على الفور بتصوير كل زجاجة على تلك الطاولات عن قرب في كل برامجنا في البث الحي، لتمكين المشاهدين من التأكد بأنفسهم ورؤية علامات "عصير غير كحولي" المكتوبة عليها، وهي تباع عادة في جميع الأسواق تقريبا.
هذا عن "النبيذ"..فكيف تفسر رقصك وسط مجموعة من النساء الحاضرات في برامجك؟
إذا كنتُ قد فهمت سؤالك جيدا، فأنت تقصد "إذا كان إعداد الأفلام الوثائقية ذات الصلة بالإيمان وتأليف الكتب حول مواضيع دينية، فذلك يتناقض مع الرقص واللهو".
في الواقع، لم يذكر القرآن سوى عدد قليل جدا من الأفعال غير المشروعة والممنوعة، وكل ما لم يذكره ضمن المحرمات فهو مُباح؛ وفي هذه النقطة تحديدا يقع معظم الناس في الخطأ، ويعتقدون أن الدين يجب أن يكون متشددا وشاقا، وأنه لا مكان للجمال والفرح والبهجة فيه، وبالتالي فكل ما يثير الفرحة في نفوس الناس يجب تحريمه.
في حين يؤكد الله تعالى في كتابه العزيز، القرآن الكريم، أن الدين يسرٌ وليس عسرا. والله يريد أن ينعم عباده بحياة سعيدة ومُريحة. وفي واقعنا الراهن، فقد نجم عن هذا الفهم الخاطئ وضع بائس، يعاني فيه العالم الإسلامي من عدد لا يحصى من المحرمات والقيود والتعصب، عالم يفتقر إلى حد كبير إلى التقدم والتنمية في جميع النواحي تقريبا، ويعتمد في عيشه على القوى الغربية، التي أصبح يخضع لنفوذها بشكل علني وصريح.
وانطلاقا من هذا الفهم المضلل، يعتقد غالبية المسلمين أنهم يعيشون وفق تعاليم وقيم الإسلام، ونلاحظ أن ممارسة دينهم تختلف عمليا، بل وتتناقض مع جوهر القرآن الكريم، وهو أمر لا يدركونه، ومنبثق في الأصل عن مفهوم ديني تقليدي متشدد، ومعقد إلى حد كبير، يعج بالتقاليد الخاطئة والعادات والخرافات والتفسيرات الدينية المشوهة والتناقضات وضروب التحريف والخلافات.
قد يتطلب الرد على سؤالك توضيحات مستفيضة تتجاوز في الواقع حدود هذه المقابلة، وربما تستحق أن يخصص لها كتاب بحاله، وبوسْع القراء الرجوع إلى كتابي حول هذا الموضوع، تحت عنوان "التعصب: الخطر المظلم"، للحصول على أجوبة على جميع أسئلتهم.
ما الذي تغير في هارون يحيى في غضون السنوات الأخيرة؟ وما هو السبب وراء هذا التغيير؟
منذ اليوم الأول الذي وهبت فيه نفسي لخدمة الإسلام، لم يحدث أي تغيير في عزيمتي أو تصميمي أو حماستي، التزاما بمبادئي الأساسية.
وإن حدث تغير، فهو في تعاظم هذه العزيمة والتصميم يوما بعد يوم. ما هي مبادئي الأساسية؟ المضي قدر استطاعتي على طريقٍ يُقربني من رضا الله، وتنفيذ أوامره ما استطعت إليها سبيلا، والسعي الحثيث إلى نشر دين الله وسط الناس، وتقديم الأدلة المقنعة، مستخدما الأساليب العقلانية والعلمية، وتجسيد من خلال ممارساتي أرقى تصور للأخلاق السامية والمحبة التي يدعو إليها دين الإسلام، وذلك بأحسن الطرق الممكنة، وأخيرا، نشر كل هذه المفاهيم الجميلة بين الناس في العالم بأسره.
إن ما ينظر إليه بعض إخوتنا وأخواتنا على أنه تغيير هو في الواقع مظهر رائع لمفهوم الارتقاء وعلامات على الجمال والذوق والحرية التي يوفرها القرآن. وهذا التغيير هو نتيجة مباشرة لمساعي وجهودي المبذولة من أجل التوصل إلى فهم أفضل لهذا المعنى، مع كل يوم يمر من عمري ومحاولة تجسيده في حياتي اليومية.
هل تعتبر نفسك مفكرا أم واعظا إسلاميا أم مصلحا اجتماعيا؟
أنا مسلمٌ متدينٌ صادقٌ في إيماني. أنا لست واعظا، ولا عالما، ولا زعيم طريقة صوفية، ولست عضوا في جماعة صوفية معينة، ولا أتقن حتى التحدث بالعربية، ولم أتلق أي تكوين ديني، ولذلك لم يسبق لي أبدا أن ادعيت أيًا من هذه الأوصاف.
والسبب الذي جعل الكثيرين يوجهون لي هذا السؤال هو أنه في أول تقرير إخباري عني في الثمانينيات، ناداني مُعِدُ التقرير باسم (الحاج) عدنان هودجا [الواعظ عدنان]، وهو في واقع الأمر أمر شائع في المجتمعات الإسلامية، تعريف كل من يلتزم بتعاليم دينه ويعمل على نشر تلك التعاليم باسم "الداعية" و"العالِم"، إلخ.
ولا ينظر إلي أصدقائي كشيخ طريقة أو زعيم طائفة، بل ينظرون إلي كصديق يحبونه كثيرا، وأراهم من جانبي أصدقاء أعزهم.
أنا شخصُ يستمتع حقا بالمرح والفرح والجمال والفن، وأعتقد أنه يتعين على الناس عيش حياتهم بكل حماسة وشغف، حياة يملأها الحب والعاطفة، في سبيل الله، دون تجاوز الحدود التي رسمها الله في القرآن الكريم.
جيد.. لكن الذين كانوا يشاهدون برامجك في الماضي يعتقدون أنك تواجه مشاكل نفسية اليوم، وهم يعتبرون أنك كنت من قبل تقدم لهم معلومات مفيدة، في حين تقوم الآن بالرقص في تجمعات "مشبوهة"، كيف يمكنك الرد عليهم؟.
يعتبر المفهوم الإسلامي التقليدي المتشدد، الذي يقوم على الأحاديث الموضوعة المنسوبة إلى نبينا (صلى الله عليه وسلم)، وعلى التفسيرات والخرافات الخاطئة، أن الرقص والترفيه حرام وغير جائز بالنسبة للمسلمين، وكنت أنا شخصيا في سنوات الشباب عندما كان زادي من العلم قليلًا، ولا أزال في خطواتي الأولى على طريق البحث في القرآن الكريم، أدعو وأتبنى نفس الفهم الخاطئ.
لكن، بفضل توسيع أفق معرفتي أدركت أنه تماما مثلما هو الأمر بالنسبة للقضايا التي تعتبر محظورة وفق المفهوم الإسلامي التقليدي المتشدد، فليس ثمة ضرر في الرقص واللهو أو محل تحريم، طالما تم الاستمتاع بهما ضمن النطاق الذي يحدده القرآن الكريم.
إلى جانب ذلك، يلاحظ أن العديد من الإخوة والأخوات الذين ينتقدوننا في هذا الصدد هم أول من يهرع إلى قاعة الرقص في حفلات الزفاف أو غيرها من المناسبات، ويقومون برقصات وحركات متهورة.
ومع ذلك، لسبب ما، عندما يتعلق الأمر بأصدقائي أو بشخصي أنا، تعتبر نفس هذه الأعمال محظورة علينا. ويقولون لتبرير هذه المواقف: "أنت واعظ وعالم، لا ينبغي أن تنجر نحو الرقص والترفيه"، وقد قلت مرارا وتكرارا إنني لست واعظا ولا عالما، وإلى جانب ذلك، حتى لو كان المرء واعظا أو عالما، لماذا يكون ما أحله الله من نعم لجميع عباده محظورا على الوعاظ والعلماء؟.
إذا لم يكن ما تقدمه مرفوضا، فلم كل هذا الإصرار على انتقاد ما صرت عليه الآن؟.
الحقيقة أن وجهة نظري وآرائي المتعلقة بالتطورات السياسية والاجتماعية الراهنة تشاطرني فيها الرأي أيضا الدوائر والسلطات السياسية، بما أنها تضعها موضع التنفيذ في وقت قصير جدا، وهذه حقيقة أخرى تدل على أنها –باعتبارها نعمة من الله– آراء وأفكار ذات فاعلية وتأثير وأهمية، إلا أن بعض الناس وبعض الأوساط تتجاهل كل الجوانب المفيدة والإيجابية لبرامجي التلفزيونية في البث الحي، وتطيل الحديث والتركيز على أشرطة الفيديو والرقص العرضية والقليلة، التي لا تشكل العُشر من برامجي، وتُلح في انتقادها لأنماط الملابس والفساتين القصيرة لبعض صديقاتي بين الجمهور، واستنادا إلى هذه الصور فقط، يشنون علي حملة تشويه مقيتة، تتجاوز إلى حد كبير حدود الانتقادات المقبولة.
وكما قلت مرات عديدة: "إذا واجهني أي شخص بآية واحدة من القرآن تثبت أن أي تصرف من تصرفاتي لا يبيحه الدين، سأخضع لذلك وأقلع عنه على الفور، وآخذ بهذه النصيحة"، لكنهم لم يقدموا حتى الآن أي دليل من هذا القبيل، والسبب ببساطة، لأنه لا يوجد مثل هذا الدليل.
وكل ما يصرحون به لا يعدو كونه مجرد انتقادات واتهامات تستند إلى مواقف متحيزة وغير منصفة، وفهم خاطئ للدين، لا يقوم سوى على الإشاعات التي تفتقر إلى أي أساس قرآني.
إن كان البعض يريدون اعتباري مختلا عقليا لأنني أستند إلى كتاب الله كأساس في جميع أعمالي ولأنني أتبنى موقفا يناهض دين التعصب الذي يفرضه الإنسان على الناس، ففي هذه الحالة أتشرف بذلك وأفتخر به، ولنا في تاريخ البشرية الطويل أمثلة على ذلك، فقد اتُهِم كل رسول ونبي بعثهم الله إلى عباده، وجميع أتباعهم من المؤمنين، ومن الذين يلتزمون بقناعة وثبات بما جاؤوا به من عند الله، إما بالجنون أو المس أو التيه.
في الواقع لقد صُدم العرب والمسلمون في السنوات الأخيرة بعد مشاهدتهم مقاطع الفيديو التي تظهرُ فيها مع الفتيات.. يُقال إنهن راقصات، هل هن حقًا كذلك؟ وما هي علاقتك بهن؟.
تلك السيدات لسنَ راقصات محترفات، فهن من جملة أصدقائي، ويعشقن الرقص والموسيقى والترفيه تماما مثل الكثيرين منا، وبعضهن من ذوي المهارات والكفاءات في هذا المجال. ولا تخفي هؤلاء السيدات استمتاعهن وبهجتهن في ممارسة هذه اللوحات الفنية الرائعة خلال برامج البث التلفزيوني على قناة A9TV ويسعدهن كثيرا رؤيتي أيضا، ويعتبرونني شخصا يعزونه ويحبونه، ويرقصون معه أحيانا. وهناك الآلاف من الذين يشاهدون بلهفة وعشق أشرطة الفيديو التي تظهر فيها السيدات أثناء الرقص، ومما يؤكد لنا ذلك، ما يعبرون عنه من مشاعر ووجهات نظر، من خلال ما نتلقاه من رسائل تهنئة وتمجيد.
وما أكاد لا أفهمه حقا ويصيبني بالدوار هو لماذا يُصدم العالم العربي بهذه الأشرطة التي تظهر السيدات الراقصات، علما أنه منذ العصور القديمة كان الرقص والموسيقى والترفيه من بين الأمور والممارسات المرتبطة بالعالم العربي، وهناك العديد من الراقصين والمغنيين العرب المحترفين، وكلهم يحظون بحب كبير بين شعوبهم، ويُحتفل بهم على نطاق واسع جدا.
إلى جانب ذلك، نشأ الرقص الشرقي أصلا في العالم العربي، ومن المغرب وتونس والجزائر إلى مصر ولبنان ودبي، يشاهد الملايين من الناس حفلات الرقص الشرقي على التلفزيون، ولا يقتصر أمر الاستمتاع بالرقص والغناء في قاعات الحفلات والترفيه فقط على الفنانين، بل يشمل ذلك الآلاف من الناس العاديين، ويقومون بالرقص والغناء مع المطربين في الحفلات الموسيقية، وكثيرا ما نجد هذه الصور تبث على القنوات التلفزيونية العربية ونشاهدها باعتزاز.
لهذا السبب لا أعتقد أن المجتمع العربي -باستثناء بعض المجموعات- يُصدم بهذه الصور على قناتنا، بل على العكس من ذلك، أعتقد أنهم يعتبرون هذه الأشرطة مسلية ويرقصون على إيقاعها، ونحن نعرف أن العرب ودودون جدا، وذوو مستوى راق، ومعظمهم من المسلمين المتدينين.
ولذلك، فلا يعقل أن نقول إنهم يشعرون بالذنب وكأنهم يرتكبون خطايا لدى قيامهم بالرقص والاستمتاع خلال هذه المشاهد الترفيهية، والسبب هو أن هذه السلوكيات لا تتعارض بتاتا مع تعاليم القرآن والإسلام، بل على العكس من ذلك، فهي طبيعية تماما ومشروعة، ولدي عدد كبير من الأصدقاء العرب في العديد من الدول العربية، وجميعهم يوافقونني في هذا الرأي.
لقد دخل العالم العربي مؤخرا مرحلة جديدة تناهض التعصب، على غرار ما يجري في المملكة العربية السعودية، وهي دولة معروفة بشكل خاص بموقفها وقوانينها الصارمة والمحافظة تجاه المرأة، وقد اتخذت مبادرات حداثية وتحررية، من خلال إلغاء الحظر والقيود المفروضة على المرأة بشكل تدريجي. ويمكننا اعتبار أن الرسالة التي تمررها السلطات السعودية، التي تبين أن هذه المبادرات ليست مؤقتة، تشكل نوعا من التطورات الواعدة في ما يخص المستقبل القريب للمجتمع الإسلامي. وبالمثل فقد سمعنا مؤخرا أخبارا مرضية مماثلة من مصر ولبنان والأردن وحتى إيران.
لكن أليس الرقص معهن بتلك الطريقة وهنّ يلبسن لباسا شبه عارٍ يفترض أنه محرّمٌ في الإسلام؟
لقد عبرت عن آرائي في ما يخص الرقص والموسيقى والترفيه بالتفصيل، لا يوجد وفقا للقرآن أي خطأ في اجتماع الرجال والنساء في المكان نفسه؛ وفضلا عن ذلك، فأنا لا أنفرد بهن، بل أظهر أمام مئات الآلاف من المشاهدين خلال البث الحي لبرامجي، ويمكن للجميع المشاهدة في أي لحظة، أي حركة مني وأي خطوة أقوم بها أو أي كلمة أقولها، ولا يمكن أن يقع في مثل هذه الظروف أي شيء سري، أو أمور مريبة أو غير مقبولة.
ومرة أخرى أحيلكم إلى القرآن الكريم الذي يعلمنا ما المقصود بالعري، ويحدد لنا المعايير التي تحكُم لباس المرأة وتغطية جسمها، فعندما ننظر إلى القرآن، نرى في الآية 31 من سورة النور أن المرأة لها الحرية الكاملة. ووفقا للقرآن، تكون المرأة ملزمة بتغطية جسدها مؤقتا، من الرأس إلى أخمص القدمين، فقط عندما تخشى التعرض للتحرش. أما إذا كانت تشعر بالأمان، يكفيها تغطية مجرد مفاتنها، أي صدرها وعورتها الغليظة، كما جاء في الآية 31 من سورة النور.
ويمكننا أن نستنتج بوضوح الطريقة الأساسية لتغطية المرء جسمها، من الآيات التي تصف تغطية آدم عليه السلام وحواء، أجزاء الجسم ذات الصلة، بأوراق كبيرة من الأشجار، وترد هذه المعلومات التفصيلية بشكل خاص في القرآن الكريم.
بالإضافة إلى ذلك، في الآية 59 من سورة الأحزاب، يأمر اللهُ النساءَ الاعتماد على ضميرهن وحُكمهن لتغطية أجسادهن، بشكل تام في بعض الحالات والظروف مثل حرصهن على تجنب التحرش والضرر أو في أماكن غير آمنة.
ولكن لا بد من الانتباه إلى أمر بالغ الأهمية وهو أن الله يترك الأمر لضمير المرأة أن تقرر بنفسها في أي ظروف ينبغي لها أن تغطي جسمها بالكامل، وإذا شعرت المرأة بالأمان وتعتقد أنها برفقة أشخاص تثق بهم من ذوي الحكمة والإيمان والضمير، يمكنها حتى ارتداء "البيكيني" في هذه الظروف.
ليس هناك شيء يدل على أن هذا الوضع يتنافى مع القرآن. في الواقع، ترتدي الملايين من النساء المسلمات لباس البيكيني على الشاطئ والسباحة، وليس فقط في العالم الغربي، ولكن أيضا في العالم العربي والبلدان الإسلامية، وطالما أن سلامتهن وأمنهن وحياتهن وعفتهن لا تتعرض للتهديد، يمكنهن استخدام حريتهن بما تشتهيه أنفسهن.
إن النظر إلى النساء كمذنبات محتملات، وفرض عليهن ما يجب فعله وما لا يجب القيام به، ومحاصرتهن بالمُحرمات والقيود، هو في الواقع جزء من تقليد كريه، متوارث عبر الأجيال في المجتمعات الإسلامية من خلال الثقافات القبلية المتعصبة القديمة، في حين يريد الله للمرأة أن تتحرر من كل الضغوط ويمنحها حرية واسعة في القرآن الكريم.
إن قمع النساء والحد من حرياتهن والنظر إليهن بوصفهن قاصرات أو بشر من الدرجة الثانية وحصرهن في حياة العبودية وتحويلهن إلى شبه مخلوقات من الأحياء الأموات، نتيجة للممارسات المعتمدة في مناطق معينة من العالم، يرقى ليكون نوعا شنيعا من القمع الرهيب والجريمة الخطيرة بحق الله.
ويمكن للمرء أن يستنتج من الكارثة التي تحوم سحبها الملبدة في أفق العالم الإسلامي لعدة قرون العواقب الناجمة عن تجاهل المسلمين أوامر وهدي القرآن، واتباع دين بدلا منه يختلف تماما عما جاء به الأنبياء والرسل من عند الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.