أوقف الأمن التركي "عدنان أوكتار" المعروف باسم "هارون يحيى" في العالم العربي، في إطار عملية انطلقت فجر الأربعاء في 5 ولايات تركية بينها إسطنبول، للقبض على الرجل و234 من أتباعه يواجهون تهماً مختلفة. وقالت مصادر أمنية لوكالة "الأناضول"، إن من بين التهم الموجهة لهؤلاء الملاحقين تأسيس تنظيم لارتكاب جرائم، واستغلال الأطفال جنسياً، والاعتداء الجنسي، واحتجاز الأطفال، والابتزاز، والتجسس السياسي والعسكري. ومن التهم أيضاً استغلال المشاعر والمعتقدات الدينية من أجل الاحتيال، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، والتزوير، ومخالفة قوانين مكافحة الإرهاب والتهريب، من خلال تنظيم "عدنان أوكتار". -من هو؟ عدنان أوكتار باحث ورجل أعمال تركي يُعرف باسمه المستعار "هارون يحيى"، يقدم نفسه "مفكراً إسلامياً عصرياً" مناهضاً للإلحاد والمادية، نشر مئات الكتب والمقالات، وترجمت أعماله إلى أهم لغات العالم، واعتقل عدة مرات بتهم مختلفة. يؤثر عنه أنه يرفض الزواج بحجة الانشغال بالفكر. ولد عدنان أوكتار في 2 فبراير 1956 في أنقرةبتركيا لأسرة قوقازية الأصل، حفظ في صغره شيئاً من القرآن ودرس كتب الفقه الحنفي، واعتاد رسم اللوحات الفنية جاعلاً منها معرضاً لتأملاته في الوجود والخلق. أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في أنقرة، ثم انتقل 1979 إلى إسطنبول حيث درس الفنون الجميلة في جامعة "المعمار سنان"، والفلسفة بجامعة إسطنبول. -التوجه الفكري تأثر في شبابه ب"رسائل النور" للداعية التركي سعيد النورسي، كما قرأ كتب الإمام الغزالي وتأثر بمنهجه في الشك سبيلاً للوصول إلى اليقين، يصف نفسه بأنه "سني العقيدة حنفي المذهب". وهو يعمل في مجال التجارة وله أعمال تجارية عُد بسببها من الأثرياء، كما أنشأ مؤسسة البحث العلمي في تركيا. بدأ مسيرته الفكرية وهو ما يزال في الثانوية حيث اتجه للتعمق في معرفة الإسلام وقيمه، وبدأ يلقي دروساً عامة في هذا المجال. وفي الجامعة جعل من مقاومة التوجهات الإلحادية شغله الشاغل، فعارض الفكر الماركسي ونظرية التطور الداروينية. وكتب بحثاً بعنوان "نظرية التطور" نقض فيه الرؤية الداروينية لخلق الكائنات، مؤكداً أنها لا يمكن أن توجد بالمصادفة، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الكون وما فيه من كائنات. طبع بحثه على نفقته الخاصة ووزعه على الطلاب والأساتذة في الجامعات، فتلقى تهديداً بأن حياته ستكون في خطر إذا لم يتوقف عن نشر أفكاره. في 1982 استطاع أن يجتذب ثلة من الطلاب إلى جانبه ليعملوا معه في بث أفكاره، التي انتشرت فيما بعد في اتجاه تصاعدي ظل يتوسع جماهيرياً باطراد. اعتقل 1986 إثر قوله في مقابلة صحفية: "أنا عضو في الشعب التركي وفي أمة إبراهيم" (عليه السلام)، ووضع في زنزانة انفرادية مدة تسعة أشهر، ثم نقل إلى مستشفى "بكر كوي" للأمراض العقلية بدعوى أنه مختل عقلياً، وأخبر بأنه سيبقى في المستشفى إذا أصر على نشاطاته الفكرية، ثم حُكم ببراءته. أعيد اعتقاله في إسطنبول في منتصف 1991، وأعلن أن الفحص أظهر أن دمه يحتوي مستوى عالياً من الكوكايين، ثم صدر حكم ببراءته، لكن أوكتار يؤكد أن الأمر مجرد ابتزاز ليوقف نشاطه الفكري، خاصة أنه كان وقتها يعدّ كتاباً عن تاريخ الماسونية في العالم وعلاقتها بالصهيونية. بعد 1991 جعل وقته كله للكتابة تحت اسم مستعار هو "هارون يحيى". يرى أوكتار أن "للمال دوراً قوياً في التبليغ عن الإسلام، ولا بد للمسلم أن يكون قوياً من جميع الجوانب: من جهة العقل والثقافة والعلم وكذلك من جهة الثروة، ولابد أن يكون مثالياً ومتفوقاً من جميع الجوانب حتى ينجح في مهمة التبليغ، فالقرآن الكريم يشير إلى ذلك". رفض الزواج اقتداء بأستاذه النورسي باعتباره من "تلامذته المميزين"، الذين أوصاهم بالابتعاد عن الزواج في "آخر الزمان"، إضافة إلى انشغاله بالتأليف عن "التفرغ للعائلة". لكنه يثير الجدل عند تقديم برامجه الدينية للراقصات والممثلات وبملابس شبه عارية، وأثناء تقديم برنامجه التلفزيونية يقيم مجالس للرقص. ووصفه رئيس الشؤون الدينية التركية إثرها بأنه مختل عقلياً. يحاول نشر الفكر الإسلامي بطرق غالباً ما تثير جدلاً، خاصة عند حديثه عن وحدة الديانات السماوية، وبعض منتقديه يشككون في قدرته على فهم ما يقرأ من نصوص القرآن والعربية لأنه لم يتعلم العربية، لكنه يرد على ذلك بأنه يستعين في ما يكتبه بأناس يتقنون العربية. -المؤلفات نشر أوكتار منذ الثمانينيات أكثر من 250 كتاباً في الدين والعلم السياسة، وقد ترجمت مؤلفاته إلى 73 لغة ووزعت منها ملايين النسخ في العالم. ومن أشهر كتبه: "أطلس الخلق"، الذي خصصه لتفنيد النظرية الداروينية علمياً، فأحدث ضجة كبيرة اهتمت بتغطيتها الصحافة العالمية، و"خديعة التطور" الذي يؤكد فيه أن الأيديولوجيات العنيفة -مثل العنصرية الفاشية والشيوعية- قد استمدت قوتها من نظرية داروين، و"عودة سيدنا عيسى"، و"حياة سيدنا موسى". كما عرف بإنتاج وثائقيات عدة أشهرها "حقيقة الحياة الدنيا"، إضافة إلى أخرى في مجال الطبيعة والخلق، كما خصص سلسلة من الأفلام الوثائقية للأطفال.