لم تندمل بعد جروح ساكنة تونفيت بإقليم ميدلت بفعل الثلوج المتهاطلة بكثرة، وانعكاساتها السلبية على النشاط التجاري والرواج الاقتصادي، حتى خرج العشرات من المحتجين صبيحة أمس الأربعاء، في مسيرة جابت الشارع الرئيس في اتجاه مقر محكمة القاضي المقيم بالجماعة القروية تونفيت، نتيجة نقل مقر المحكمة من تونفيت إلى مدينة ميدلت، وما سيضيفه هذا القرار من متاعب للساكنة في عملية التنقل. وفي هذا السياق، قال مصدر آثر عدم ذكر اسمه، في اتصال هاتفي مع الجريدة، إن القرار لم يرق الساكنة التي يفوق عددها 25 ألف نسمة، ولم تستسغه، وضرَب بعرض الحائط مبدأ تقريب الإدارة من المواطنين، نظرا إلى المتاعب الإضافية المترتبة عن هذا القرار، علاوة على المسافات الطويلة الفاصلة بين ميدلت والجماعة القروية تونفيت بمداشرها المتعددة، اعتبارا لوعورة المسالك الطرقية، لاسيما في فصل الشتاء، إذ تظل تونفيت بدواويرها الكثيرة في عزلة تامة عن العالم الخارجي لأيام، وبالتالي يستحيل حينها قضاء الأغراض المتعلقة بالمحكمة. وطالب المصدر ذاته في التصريح نفسه وزير العدل بالتراجع عن القرار الذي اتخذه، مردفا أنه سيضاعف من محن الساكنة التي يعاني جلها من الفقر والعوز، مؤكدا أنهم لن يقبلوا بهذا القرار الذي لم تُستحضر فيه الإمكانيات المادية المحدودة للساكنة الجبلية والظروف المزرية التي تعيشها، متمنيا أن يلغي الوزير قراره نظرا للاعتبارات المذكورة، مصرا على أنهم سيصعدون من احتجاجاتهم السلمية في حالة أهمل مطلبهم، المتعلق بالاحتفاظ بمقر القاضي المقيم بتونفيت. وفي نفس الإطار، انتشر على نطاق واسع بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك شريط فيديو، يوثق الوقفة الاحتجاجية التي نظمها النشطاء المحتجون، ورفعوا خلالها شعارات مناوئة لقرار محمد أوجار، من قبيل "يا وزير يا مسؤول.. هادشي ماشي معقول"، علاوة على "المحكمة هاهي.. والقاضي فيناهو"، وغيرها من الشعارات التي صدحت بها حناجر المحتجين. هذا وأصدر المحتجون عريضة احتجاجية موجهة إلى كل من رئيس الحكومة، ووزير الداخلية، ووزير العدل، وعامل الإقليم، وقائد قيادة تونفيت، يؤكدون "معارضتهم بشدة ما تم تدويله حول عدم تفعيل مركز القاضي المقيم بتونفيت مستقبلا، وإرجاع جميع القضايا القضائية إلى المحكمة الابتدائية بميدلت، مع العلم أن هذه المحكمة تم تفعيلها أكثر من 60 سنة. وأضافت العريضة نفسها، والتي وقعتها جمعيات المجتمع المدني، وتتوفر "هسبريس" على نسخة منها، أن "الساكنة تلتمس من المسؤولين التدخل الفوري من أجل العدول عن قرار الاستغناء عن هذه المحكمة التي تؤدي خدمات جليلة للمواطنين في جميع القضايا، عقارية ومدنية وأحوال شخصية". وختم المحتجون عريضتهم بالقول إنه "من أجل تفادي ضياع حقوق سكان أربع جماعات ترابية، "تونفيت"، "أكديم"، أنمزي"، "سيدي يحيى أيوسف"، وما ينتجه ذلك من مصاريف ونفقات إضافية، لذا نطالب المسؤولين بالعدول عن قرار عدم تفعيل مركز القاضي المقيم بتونفيت، لجعل سكان قيادتي تونفيت وأكديم يحسون بمواطنة شاملة".