في رد فعل على مطالبته بالاستقالة قال رئيس جنوب أفريقيا، جاكوب زوما، إنه يجب أن يطلع على مزيد من المعلومات عما اقترفه. وقال زوما في مقابلة تلفزية: "أريد أن يبلغوني بما اقترفته. للأسف لم يستطع أحد أن يطلعني على ما ارتكبته.. نمضي وقتا أطول في مناقشة "زوما يجب أن يذهب"..لا أفهم السبب". وكشف حزب المؤتمر الأفريقي الحاكم، اليوم الأربعاء، النقاب عن خطة لعزل زوما من خلال اقتراع برلماني بعد ساعات من مداهمة الشرطة منزل أصدقائه "الأخوة جوبتا"، للتحقيق في ادعاءات فساد. وتمثل عملية المداهمة تصعيدا خطيرا للضغوط على زوما والفصيل السياسي الداعم له المتهم باستنزاف موارد الدولة لمصلحته الخاصة؛ بينما ينفي زوما (75 عاما) ارتكاب أي مخالفات، ولم يتضح ما إذا كان سيستسلم أم سيتشبث بالمنصب. وتنتظر جنوب أفريقيا بفارغ الصبر بيانا رسميا من رئيسها جاكوب زوما، الذي سيعلن موافقته أو رفضه الاستقالة التي أمره بها حزبه المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي أعلن أنه سيلجأ إلى تصويت في البرلمان على مذكرة لحجب الثقة عنه الخميس إذا لم يرحل. وقال المسؤول في الحزب بول ماشاتيله، في مؤتمر صحافي في الكاب: "سنلجأ إلى مذكرة حجب الثقة غدا (الخميس) لتتم إقالة الرئيس جاكوب زوما من منصبه، ولنتمكن من انتخاب الرئيس الحالي للحزب سيريل رامافوزا". وكانت وسائل الإعلام المحلية نقلت شائعات عن إعلان محتمل لرئيس الدولة قد يصدره صباح الأربعاء مكتبه؛ لكن الرئاسة ردت بفتور، مؤكدة أن جدول أعماله لا يتضمن أي كلمة. وبعد أسابيع من المشاورات العبثية التي أغرقت البلاد في أزمة سياسية كبيرة، قررت قيادة المؤتمر الوطني أخيرا، الثلاثاء، الطلب من جاكوب زوما التخلي عن منصبه. وأعلن الأمين العام للحزب، آيس ماغاشول، بعد ساعات على اجتماع جديد استغرق ساعات وكشف الانقسامات داخل المؤتمر الوطني الأفريقي، أن "اللجنة التنفيذية الوطنية قررت...استدعاء الرفيق جاكوب زوما". ومنذ وصوله إلى رئاسة الحزب في دجنبر، يسعى نائب الرئيس، سيريل رامافوزا، إلى أن يدفع رئيس الدولة إلى الاستقالة، والذي تطاله قضايا فساد، لتجنب كارثة في الانتخابات العامة في 2019. واستقبلت جنوب أفريقيا بارتياح "استدعاء" جاكوب زوما. لكن في غياب برنامج زمني يفرض على زوما الالتزام به، عادت التكهنات بمواجهة جديدة بين رئيس الدولة وحزبه. وأكد آيس ماغاشول أن الرئيس "وافق على مبدأ الانسحاب"، إنما بشروطه، خلال فترة من ثلاثة إلى ستة أشهر، لكن المؤتمر الوطني الأفريقي رفضها على الفور، مضيفا: "لم نحدد له أي موعد نهائي، لكن اعرف أن الرئيس سيرد يوم الأربعاء على طلب الحزب". وردا على سؤال طرحته مساء الثلاثاء شبكة "سي ان ان" الأمريكية، أعرب وزير المال في جنوب أفريقيا، مالوسي غيغابا، عن الأمل في أن يسارع رئيس الدولة إلى الإعلان عن استقالته. وقال غيغابا: "هذا ما ننتظره (...) سيقوم بالخيار الصحيح.. هذا ما تنتظره منه اللجنة التنفيذية الوطنية". وأضاف: "إذا لم يحصل ذلك فستتخذ اللجنة التنفيذية الوطنية إجراءات لمعالجة الوضع". من حيث المبدأ، يشكل ذلك نهاية جاكوب زوما. وكان الرئيس ثابو مبيكي الذي تلقى في 2008 إنذارا بالطريقة نفسها بالاستقالة، امتثل للطلب من دون اعتراض. لكن جاكوب زوما الذي يلتزم الصمت منذ أيام، ليس ملزما على الصعيد القانوني بالامتثال لقرار حزبه. وإذا ما رفض الامتثال، فلن يتوافر للمؤتمر الوطني الأفريقي خيار آخر غير عقد جلسة لسحب الثقة في البرلمان، أعلن الحزب أنها ستعقد الخميس. عندئذ سيرغم إقرارها بأكثرية النواب ال400 جاكوب زوما على الاستقالة. من جهته قال بن بايتون، المحلل في مكتب مابلكروفت، إن "قرار المؤتمر الوطني الأفريقي وقع كحكم الإعدام على جاكوب زوما"، وأضاف: "لا تتوافر إمكانية للنجاة (...) إذا ما رفض الاستقالة فسيضطر إلى الاستقالة عبر تصويت لسحب الثقة من المؤكد أنه سيخسره". لكن الصمود الذي أبداه جاكوب زوما مرة جديدة منذ بداية الأزمة يدعو إلى الحذر؛ فقد قدم مساء الاثنين ردا جافا جدا لسيريل رامافوزا، الذي حضر شخصيا إلى مقر إقامته في بريتوريا ليطلب منه الاستقالة. ورأت المعارضة التي طالبت بحل البرلمان وبانتخابات مبكرة، في هذا الفصل، دليلا على ضعف الرئيس الجديد للمؤتمر الوطني الأفريقي. وأعرب رئيس التحالف الديمقراطي، مومسي مايمان، عن أسفه بالقول: "الواقع هو أن جاكوب زوما يبقى رئيسا ويحتفظ بالحكم"، وأضاف أن "الطريقة الوحيدة لإبعاده هي حمل البرلمان على التصويت على مذكرة لحجب الثقة". ويحكم المؤتمر الوطني الأفريقي جنوب أفريقيا بلا منازع منذ السقوط الرسمي لنظام التمييز العنصري في 1994، لكنه لاحظ في السنوات الأخيرة تراجع نفوذه بسبب التباطؤ الاقتصادي وفضائح الفساد الكثيرة التي تستهدف الرئيس الحالي. ووعد رامافوزا، الذي سيصبح الرئيس الجديد ما لم تحدث أي مفاجأة، بالإسراع في طي صفحة جاكوب زوما.