بين مطرقة الفقر وسندان العزلة، توفي أربعة أشخاص بمنطقة تونفيت التابعة لمدينة ميدلت، بسبب أكوام الثلوج التي حالت دون وصولهم إلى حطب التدفئة الكفيل بالإبقاء على أسجادهم الضعيفة على قيد الحياة. وحكى مصطفى، فاعل جمعوي بالمنطقة، في اتصال بهسبريس، أن الوضع الكارثي الذي تشهده المنطقة جراء تراكم الثلوج التي فاق سمكها إلى حد كتابة هذه الأسطر 70 سنتيمترا تسببت في انقطاع الطريق؛ الأمر الذي حال دون وصول حالتين من الأربعة الى المستشفى، لتفارقا الحياة. وفي تفاصيل أكثر عن أسباب الوفيات، قال المتحدث نفسه: "اختفى رجل شاب عن الأنظار كان لا يملك حطب التدفئة، فبحثنا عنه ولم نجده. وعندما أخبرنا السلطات بأمر اختفائه، أمرت بالذهاب إلى بيته وكسر الباب، عندها وجدناه جثة هامدة متجمدة من شدة البرد في غياب تام لوسائل التدفئة". وأضاف الفاعل الجمعوي أن الأسباب نفسها أدت إلى وفاة شيخ عجوز وامرأة، وأوضح أنهما "وجدا ميتين بسبب الانخفاض الشديد في درجات الحرارة التي وصلت إلى 8 درجات تحت الصفر بسبب تساقط الثلوج بغزارة كبيرة؛ الأمر الذي أوقف الحياة بشكل كلي في انتظار تدخل الجهات المعنية لإنقاذ باقي المرضى بالمنطقة التي تبعد عن ميدلت بحوالي 80 كيلومترا". وبأسف كبير، استرسل المتحدث في سرد مأساة رجل سبق لهسبريس أن سلطت الضوء على حالته من خلال برنامج حياتي، وقال: "ذهب الرجل المسمى زيد أومهان إلى المستشفى بمدينة فاس قصد عرض حالته على أخصائيين بعد تأزم وضعه الصحي، لكن المستشفى رفض استقباله، فعاد المسكين أدراجه إلى مدينته التي تعرف تساقط الثلوج ليفارق الحياة عند أبوابها". وأكد الفاعل الجمعوي أن عددا من مرضى القصور الكلوي تدهورت أوضاعهم الصحية، ورد ذلك إلى "الإهمال الذي لحق منطقتهم من طرف وزارة التجهيز الغائبة بالمنطقة. وإلى حد الآن، لم يتمكنوا من الانتقال إلى المستشفى للخضوع لحصص تصفية الدم"، وفق تعبيره. وكشف المتحدث أن الثلوج الكثيفة تسببت في انهيار منزل بمنطقة ايترار، ضواحي ميدلت، فوق رأس امرأة وهي نائمة، وقال إن "ابنها الوحيد لم يكن متواجدا تلك الليلة السوداء، بينما كانت الأم نائمة ببيتها الطيني الذي غطته الثلوج ليسقط سقفه فوق جسدها ويرديها قتيلة في ظروف جد مأساوية". وخلف الحادث استياء كبير في صفوف السكان والعائلات المتواجدة بهذه المنطقة، وطالبت إحدى الجمعيات الحقوقية بإيجاد حل للساكنة المهددة بالموت في أي لحظة بسبب هشاشة البناء الطيني وثقل الثلوج التي تجاوز تراكمها سبعة أمتار. وفي سياق متصل، قال مصطفى إن الثلوج "تسببت في حرمان عدد من الطلبة الذين يتابعون دراستهم الجامعية بمدينة مكناس من إجراء امتحانات الدورة الأولى، وألزمتهم بالبقاء في البيت وفوتت عليهم الدورة الدراسية". وأوضح أن "المنطقة والدواوير المحيطة بها، مثل انفغو، وايت حساين، وترغسيت، وسيدي يحي ويوسف، تعاني انقطاعا مستمرا خلال هذا الأسبوع في التيار الكهربائي، كما تعرف تعطل شبكة الاتصالات؛ الأمر الذي يحول دون اطمئنان العائلات عن بعضها ودون إخبار السلطات وتقريبها من الوضع المأساوي بغية التدخل". وأشار المتحدث إلى أن السكان وجدوا صعوبة كبيرة خلال مراسيم دفن الأشخاص المتوفين، ولم يجدوا من حل سوى التطوع لإزاحة الثلوج بأنفسهم من الطريق المؤدية إلى المقبرة.