بالرغم من أنَّ دستور 2011 نصّ في الفصل ال12 منه على أنَّ جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية تُمارس أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون؛ فإنَّ هامش تحرُّك الجمعيات المستقلة في المغرب يشهد تقلّصا، بسبب القيود والمضايقات التي تتعرض إليها، حسب ما جاء في تقرير صادر عن مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، ومقره باريس. وقال التقرير إنَّ المغرب منَح هامشا من الحرية لجمعيات المجتمع المدني، في دستور 2011، ووقع على عدد من الالتزامات الدولية المتعلقة بحرية التعبير والرأي والتجمعات؛ بيْد أنَّ الجمعيات المستقلة في المملكة "تعمل في سياق غير ملائم"، حيث تتعرض لمضايقات، بسبب المواضيع التي تتطرق إليها وتدافع عنها، والتي تُزعج السلطات. واعتبرت الهيئة الحقوق الدولية نفسها أنَّ "التضييق الذي تمارسه السلطات المغربية على الجمعيات المستقلة ازداد بعد التصريحات التي أدلى بها وزير الداخلية السابق، محمد حصاد، في البرلمان سنة 2014، والتي اتهم فيها بعض الجمعيات الحقوقية بتلقّي أموال من الخارج، للقيام بأعمال تمسُّ بالاستقرار والأمن العامَّ في المملكة". وتتمثّل أهمَّ التضييقات التي تتعرض لها جمعيات المجتمع المدني المستقلّة في المغرب،من لدن السلطات، حسب ما جاء التقرير، في "منْع أنشطتها، وحرمانها من التوصُّل بوصولات الإيداع، وعرقلة استفادتها من التمويل، وفتح حسابات بنكية، ومنْع أنشطتها، من تظاهرات واجتماعات عمومية، بهدف خنْقها تدريجيا". وجوابا عن سؤال حول التناقض الموجود بين ما تنصّ عليه الوثيقة الدستورية، وبين واقع حال اشتغال الجمعيات المستقلة في المغرب، حسب ما جاء في التقرير، اعتبر أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تصريح لهسبريس أن "هذا التناقض هو من طبيعة النسق السياسي المغربي، حيث نجد في الخطاب الرسمي إشباعا على مستوى ضمانات ممارسة الحريات، ولكنْ على أرض الواقع هناك تضييقات". وذهب الهايج إلى القول إنَّ السلطات المغربية "تشتغل في تعارُض مع القانون، في إطار سياسية لإخراج جميع الأصوات المزعجة، قصْد خلْق إجماع حقوقي، على غرار الإجماع السياسي". وأضاف الفاعل الحقوقي أن "السلطات تَعتبر كلَّ الجمعيات والمنظمات الحقوقية التي تنتقدها، وتفضح الخروقات التي تتعرض لها حقوق الإنسان، عدوّا يجب تحجيمه ووقف نشاطه". رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قالَ إنَّ السلطات المغربية لا تكتفي فقط بمنْع الجمعيات الحقوقية المستقلة من التوصل بوصولات التأسيس، واستعمال الفضاءات العامة، بل إنّها تخيّر الجهات المموّلة لها، من منظمات غير حكومية دولية، العاملة في المغرب، إمّا بعدم التعامل مع الجمعيات المزعجة للسلطات، أو وقف أنشطتها في المغرب"، مضيفا "لدينا مُعطيات تؤكّد هذا".