وجه ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربية، انتقادات شديدة اللهجة إلى الجارة الجزائر في عقر دارها، على هامش الاجتماع الرابع عشر لوزراء الخارجية للدول الأعضاء في مجموعة الحوار لغرب المتوسط، الذي انعقد اليوم الأحد بالعاصمة الجزائر. وقال بوريطة، في كلمة ألقاها أمام وزراء خارجية هذه الدول، إن "استقرار المنطقة أمر أساسي وثمين جداً لكي يتم اختبار صلابته، وهو لا يتم من خلال تصريحات طائشة"، في إشارة مباشرة إلى التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية الجزائرية عبد القادر مساهل تجاه المغرب. وكان مساهل قد اتهم قبل أشهر المغرب بنقل الحشيش عبر الخطوط الملكية المغربية إلى الدول الإفريقية، كما وجه أحمد أويحيى اتهامات قبل أيام للمملكة بإغراق الجزائر بالمخدرات، وهي الاتهامات التي دأب عليها مسؤولو الجارة الجزائر، وزادت من تأزيم العلاقات بين البلدين. واستغل بوريطة أول زيارة له إلى الجزائر ليوجه الانتقادات المباشرة إلى حكام الجارة الشرقية، حيث قال إن "التعاون الإقليمي لم يسبق أن حقق تقدماً من خلال توجيه اتهامات رعناء". وأضاف أن حسن الجوار هو "أكثر من مجرد مبدأ، إنه قيمة والتزام، بالنسبة إلى الدول أيضاً، وخاصة بالنسبة إلى الدول. إن الاستقرار لا يستقيم مع عدم المسؤولية. وهو أمر يعرفه الجميع". وكان بوريطة قد حل بالجزائر، اليوم الأحد، واستقبله عبد القادر مساهل بالعناق، رغم الخلافات التي تطبع العلاقات المغربية الجزائرية منذ عقود، حيث لا تزال الحدود البرية بين البلدين مغلقة، كما لا تصل العلاقات التجارية إلى المستوى المرجو، رغم إمكانيات التكامل الاقتصادي التي يمكن تحقيقها لو كان هناك تطبيع للعلاقات. وتحدث بوريطة، خلال كلمة له في الاجتماع الإقليمي، عن التباين المذهل بين الاندماج الاقتصادي بين شمال وجنوب غرب البحر الأبيض المتوسط، موضحاً أنه إذا كان الشركاء في الشمال يتميزون باندماج اقتصادي قوي يمثل أكثر من 70 في المائة، ففي الجنوب يشكل بلدان المغرب الكبير إحدى أقل المناطق اندماجاً في العالم بأقل من 5 في المائة. وخلال هذا اللقاء، الذي ترأسته الجزائر وفرنسا، قدم بوريطة رسمياً اقتراح المغرب بعقد واحتضان مؤتمر وزاري 5+5 مخصص للشباب، يهدف إلى الاتفاق على "أجندة إقليمية حول الشباب"، تشتمل على مشاريع ملموسة ومجددة. وقال بوريطة إن الفجوة بين الضفتين حقيقية، وأوضح أنها داخل الضفة الجنوبية تبعث على الأسف، وهو الوضع الذي "يدعونا إلى التزام أقوى، من أجل مقاربة مجددة وشاملة ومستدامة في مجال تنمية المبادلات والاستثمار والشغل"، حسب تعبير بوريطة. وتمحورت أشغال الاجتماع ال14 لوزراء خارجية دول مجموعة الحوار 5+5 حول مجموعة من المواضيع، لا سيما التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمشتركة، والشباب والشغل، والهجرة والتنمية، والتنمية المستدامة، ومكافحة الإرهاب، والقضاء على نزعات التطرف، والأوضاع في ليبيا والساحل وسوريا والعراق والشرق الأوسط. وتضم مجموعة حوار 5+5 بلدان المغرب الكبير الخمسة، وهي المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا عن الضفة الجنوبية من المتوسط، وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال ومالطا عن الضفة الشمالية. وتُعد مجموعة الحوار 5 +5 أقدم إطار للتلاقي بين بلدان ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط، وتشكلت المجموعة بهدف الشروع في إقامة تعاون إقليمي في غرب حوض البحر الأبيض المتوسط.