على الرغم من الأزمة الصامتة بين الجزائر والمغرب، ظهر وزير الخارجية الجزائرية، عبد القادر مساهل، معانقاً نظيره المغربي ناصر بوريطة، على هامش زيارته إلى العاصمة الجزائر، اليوم الأحد، للمشاركة في الدورة ال14 لندوة "الحوار 5+5" الخاصة بوزراء خارجية المنطقة. وتعتبر هذه أول زيارة لوزير الخارجية المغربية إلى الجزائر، في ظل الأزمة الصامتة التي تطبع العلاقات بين البلدين منذ عقود، والتي عرفت توتراً بسبب التصريحات المتكررة الصادرة عن الجارة الشرقية التي تتهم المملكة بإغراقها بالمخدرات، كان آخرها الأسبوع الجاري. وحل بوريطة اليوم الأحد بالعاصمة الجزائرية، وظهر في صور وهو يصافح نظيره عبد القادر مساهل نالت اهتماماً بالغاً من طرف المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، كما كانت مشاركة بوريطة في هذا اللقاء الإقليمي محط اهتمام الصحافة الجزائرية. وقال بوريطة، في كلمة ألقاها اليوم في هذا الاجتماع، الذي ترأسته الجزائر وفرنسا، إن المملكة تؤكد التزامها بحوار "5 زائد 5 صريح وشامل وعملي"، معتبراً أنه يضمن حواراً هادئاً وتعاوناً مثمراً بين البلدان المعنية لمعالجة المواضيع الهامة والتحديات العالمية. وأضاف بوريطة أن منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط تواجه تحديات أمنية وبيئية واجتماعية واقتصادية وثقافية وهوياتية؛ ما يستدعي من منتدى "5 زائد 5" حواراً واضحاً والتزاماً صادقاً وعملاً متضافراً للنجاح في مواجهة التحديات. وبخصوص موضوع الدورة، قال بوريطة إن "الشباب الذين يمثلون نصف سكان المنطقة يعيشون في سوق عمل في دول الجنوب لا يلبي تطلعاتهم المشروعة"، وأورد أن "50 في المائة من شباب دول المغرب الكبير، ما بين 20 و25 عاماً، لا يتوفرون على دخل، و70 في المائة منهم بدون مؤهلات مهنية، و48 في المائة منهم بمستوى تعليمي ضعيف جداً". وأضاف أن "هذا الواقع يتطلب توفير ما لا يقل عن 11 مليون وظيفة سنوياً في دول الجنوب، من أجل استيعاب هذا العجز"، معتبرا أن ذلك لن يتحقق إلا بمتوسط نمو يتراوح ما بين 8 و9 في المائة، عوض 3 في المائة المسجلة حالياً. وقال وزير الخارجية المغربي: "أنا مقتنع بأن دول غرب البحر الأبيض المتوسط يمكن أن تكون حافزاً للنمو المشترك بتدبير متكامل لمسألة الشباب في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية، وأيضاً الثقافية والإنسانية". واقترح بوريطة احتضان المغرب لاجتماع وزاري "5 زائد 5" خلال السنة الجارية يخصص لموضوع الشباب للاتفاق على أجندة إقليمية في هذا الشأن، بجدول أعمال وبآماد قريبة ومتوسطة وطويلة الأجل، لمناقشة مشاريع عملية تهم التنقل والتشغيل ومكافحة التطرف. وأشار بوريطة إلى أن التكامل الاقتصادي في دول شمال غرب البحر الأبيض المتوسط، التي تضم 185 مليون نسمة، يبلغ 70 في المائة، وجاء نتيجة سنوات طويلة من بناء الاتحاد الأوروبي، في المقابل، تبقى الدول المغاربية أقل المناطق تكاملاً في العالم بنسبة 5 في المائة. وبحسب الأرقام التي كشف عنها بوريطة، فإن 90 في المائة من التبادل التجاري في غرب المتوسط تجرى بين الدول الأوروبية، فيما 9 في المائة منه فقط بين دول شمال وجنوب المتوسط، بينما التبادل التجاري المغاربي لا يتمثل إلا 1 في المائة؛ وهو ما يؤكد وجود فجوة حقيقية بين الطرفين، تكبر أكثر فأكثر في الضفة الجنوبية. وقال بوريطة إن هذه الوضعية تؤثر في المقام الأول على سكان المنطقة؛ ما يستوجب الدعوة إلى التزام أقوى ونهج مبتكر وشامل ومستدام لتنمية التبادل التجاري والاستثمار والتشغيل من أجل جعل العائد الديمغرافي مربحاً، ومواجهة عدم ملاءمة التكوين لمتطلبات سوق العمل. وتضم "مجموعة الحوار 5 زائد 5" كلا من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا ومالطا والبرتغال في الضفة الشمالية، والجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا وتونس في الضفة الجنوبية. وتُعدّ المجموعة أقدم إطار للتلاقي بين بلدان ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط تشكلت بهدف الشروع في إقامة تعاون إقليمي.