شككت أطر الوظيفة العمومية والمؤسسات العامة الحاملة لشواهد الدكتوراه في مصداقية الشهادات التي تمنحها الجامعات المغربية، فيما اختاروا النزول إلى الشوارع العاصمة الرباط من أجل الاحتجاج على ما وصفوه ب"استمرار تهميش الحكومة وتعطيلها لكفاءات الدكاترة الموظفين". وقرر الدكاترة الغاضبون، الملتئمون ضمن "الاتحاد العام لدكاترة الوظيفة العمومية والمؤسسات العامة"، الدخول في أشكال تصعيدية ضد حكومة سعد الدين العثماني، تهم أساسا تنفيذ اعتصامين اثنين أمام مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومقر البرلمان، ومسيرة وطنية في نهاية آخر أسبوع من شهر يناير الجاري، تحذيرا منهم لما قالوا إنه "الوضع المقلق الذي يعيشه الدكاترة الموظفون، وتداعياته الوخيمة على واقع التعليم العالي والبحث العلمي ببلادنا". ويأتي التصعيد الجديد لهذه الفئة من موظفي الإدارة العمومية، بعد لجوئهم منذ أسابيع إلى مراسلة الملك محمد السادس، ضمن وثيقة حملت عنوان "ملتمس إنصاف ومناشدة للتكرم بالاستجابة لمطالب دكاترة الوظيفة العمومية والمؤسسات العامة"، نقلوا عبرها ما أسموه "تورط الحكومات المتعاقبة في الانتهاكات الجسيمة، التي طالت وما زالت تطال دكاترة المملكة المغربية بمختلف أسلاك الوظيفة العمومية، واستفحال تردي وضعيتهم المعنوية والمادية". ونفذ المعنيون موازاة مع ذلك مسيرة وطنية بالعاصمة الرباط، موضحين أن ملف الدكاترة الموظفين "عمّر لعقود وكاد أن يشرف على الحل من خلال تكوين لجنة وزارية منتصف ماي 2011 بأمر من الوزير الأول السابق السيد عباس الفاسي، الذي أكد من خلال مجموعة من الاتفاقيات القطاعية على حل مشكل الدكاترة بشكل أفقي"، على أن "الحكومات اللاحقة تجاهلت هذا الملف وعالجته بمقاربات شكلية محدودة زادت من استنزاف مواردنا العلمية". وأشار بلاغ للهيئة النقابية المذكورة، توصلت هسبريس بنسخة منه، إلى أن هناك قلقا شديدا تجاه مستجدات ملف دكاترة الوظيفة العمومية والمؤسسات العامة، حيث عبّر عن استغرابه "من الجمود الحاصل في تعاطي الحكومة مع هذا الملف، وتماطلها في إيجاد حل عادل وشامل له"، على أن الحكومة تنهج "سياسة صم الآذان" أدت إلى "وضع متأزم"، وفق تعبير البلاغ. وحملت مواقف "الاتحاد العام" الاستنكار ل"الأوضاع المأساوية التي يتخبط فيها دكاترة الوظيفة العمومية والمؤسسات العامة التي أصبح فيها المغرب يمثل استثناءً أمام باقي الدول العربية في تهميش دكاترته"، مع "الاستهجان لاستمرار تهميش وتعطيل كفاءات الدكاترة الموظفين، مما يقف حاجزا أمام تطوير البحث العلمي في المغرب". وهاجم الدكاترة الغاضبون كتابة الدولة المكلفة بالتعليم العالي والبحث العلمي، رافضين نهجها في تحويل المناصب المالية، "إذ بالرغم من الخروقات والطعون التي ترافق هذه العملية، فإن المناصب المُعلن عنها غير كافية للعدد الحقيقي للدكاترة الموظفين"، على أن "معظم المناصب التحويلية يتم إرجاعها إلى الوزارة المالية؛ وهو ما يحرم الدكاترة منها ويحول دون استفادة الجامعة من مؤهلاتهم العلمية". ورصد "الاتحاد العام لدكاترة الوظيفة العمومية والمؤسسات العامة" ما وصفه ب"الخصاص المهول والاكتظاظ غير المسبوق" في الجامعات المغربية، والذي قال إنه أدى إلى "ضعف التأطير"، و"حذف حصص الأعمال التطبيقية، خاصة في كليات العلوم"، و"تقليص الحصص التوجيهية"، على أن ذلك "ينعكس سلبا على مصداقية الشهادات التي تمنحها الجامعات المغربية، ويقوّض الشعار المرفوع من طرف الحكومة لتجويد التعليم العالي والبحث العلمي".