قبل الاعتراف الرسمي بالأمازيغية كمكوّن من المكوّنات الأساسية للهوية المغربية، كان موقف الأحزاب السياسية المغربية من القضية الأمازيغية متّسما بالتردّد، ومنقسما بين مدافع عنها و"مُعارض" لها؛ لكن بعد أن صدرتْ أولى الإشارات من الملك تغيّر موقف الأحزاب التي كانت لا تضع الأمازيغية في حُسبانها، وسارَتْ في الرّكب، لكنْ بنوع من التحفظ. في المقابل، كانت بعض الأحزاب داعمة للقضية الأمازيغية ومتبنّية لكثير من مطالب الأمازيغ، كحزب التقدم والاشتراكية، الذي قدّم، سنة 1979، مقترح إحداث مركز الدراسات الأمازيغية إلى البرلمان، وحظي المقترح بإجماع البرلمان؛ لكنَّ الملك الراحل الحسن الثاني أوقف هذا المشروع، وأنشأ بدله لجنة الثقافة الشعبية، وأسند رئاستها إلى المحجوبي أحرضان. حزب الحركة الشعبية هو بدوره من الأحزاب المساندة للقضية الأمازيغية، والذي تبنّى بدوره عددا من مطالب الأمازيغ، وكذلك حزب النهج الديمقراطي المنتمي إلى اليسار الراديكالي، والذي كانَ أوّلَ حزب يدعو إلى ترسيم الأمازيغية في دستور المملكة سنوات قبل أن يتحقق هذا المطلب في سنة 2011، حيث أضحت اللغة الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية في الوثيقة الدستورية. لاحقا انضاف إلى هذه الأحزاب حزب الأصالة والمعاصرة، الذي جدّدَ، مع قدوم السنة الأمازيغية الجديدة، 2068، مطلبه بجعل رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا وعطلة مؤدّى عنها، وبالمناسبة نفسها أقدَم حزب التقدم والاشتراكية على ترجمة قانونه الأساسي إلى اللغة الأمازيغية وكتابته بحرف تيفيناغ. فهل تعني هذه المواقف وجود قناعة راسخة لدى الأحزاب المغربية بالدفاع عن القضية الأمازيغية؟ أمْ أنها لا تعدو أن تكون مواقفَ تروم من ورائها الأحزاب كسْب تعاطف الأمازيغ؟ أحمد عصيد، الناشط والباحث الأمازيغي، يرى أنَّ موضوع الأمازيغية في تصورات وفي أدبيات ومواقف الأحزاب السياسية المغربية عرف تطوّرا نوعيّا؛ لكنّه اعتبر أنّ هذا التطوُّر لم يكن طبيعيا في الخطاب الحزبي داخلَ كلّ الأحزاب، بقدر ما كان مُسايَرةً للخطوة التي أقدم عليها الملك محمد السادس، سنة 2001، بإعلانه الاعتراف الرسمي بالمكوّن الأمازيغي، في خطاب ألقاه من بلدة أجْدير نواحي مدينة خنيفرة. تغيُّر موقف الأحزاب السياسية المغربية من القضية الأمازيغية بعد الاعتراف الرسمي بها طالَ أيضا حتى الأحزاب التي كانتْ تُصنّف على أنها "تعادي" الأمازيغية، مثل حزب الاستقلال، حيث كانَ حزب "الميزان" أوَّل حزب مغربي يجعل من رأس السنة الأمازيغية عطلة مؤدّى عنها، بالنسبة إلى موظفيه، في عهد أمينه العام حميد شباط؛ "لكنَّ هذا تلاشى الآن بعد رحيل شباط، وهذا يعني أنَّ الموقف كان مرتبطا بشخص أكثر مما هو مرتبط بالحزب"، يقول عصيد. وبالرغم من أنَّ بعض الأحزاب السياسية المُتبنّية لمطالب الأمازيغ في المغرب توجد في الحكومة، فإنها لم تستطع أن تؤثّر في توجّهات الحكومة المرتبطة بالقضية الأمازيغية؛ ذلك أنَّ مطلب إقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا وعطلة مؤدّى عنها لا يزال عالقا، في حين أنَّ القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل مراحل ترسيم الأمازيغية ما زالَ يراوح مكانه في مجلس النواب، بعد ستّ سنوات من ترسيم الأمازيغية في الدستور. ويعزو أحمد عصيد سبب عدم تأثير الأحزاب الموجودة في الحكومة، والمدافعة عن الأمازيغية، على توجهات الحكومة، إلى كون ملفّ الأمازيغية يُعدَّ ضمن القضايا الأربع الكبرى التي يعود اتخاذ القرار النهائي فيها إلى الملك، وهي، بالإضافة إلى الأمازيغية قضية الصحراء والحقل الديني وقضية المرأة، مضيفا أنّ هذا الأمر "يجعل الأحزاب المدافعة عن الأمازيغية تجد نفسها مُحرَجة، لأنّ أيَّ قرار يهمّ الأمازيغية رهين بتدخُّل الملك". وفيما يُطالب أمازيغ المغرب الحكومةَ بأنْ تجعل رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا وعطلة مؤدّى عنها، وهو المطلب الذي ازدادَ ملحاحية هذه السنة، بعد إقدام الجزائر على الاستجابة لطلب من هذا القبيل، بقرار اتخذه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يرى عصيد أنّ الحكومة المغربية لا يمكن أن تتخذَ قرارَ إعلان رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا وعطلة مؤدّى عنها، أو تقرر في القوانين المتعلقة بالأمازيغية، إلا إذا تلقتْ إشارات وتعليمات من الملك، وزاد موضحا "هذا الأمر بيد الملك، ونحن في مَلكية تنفيذية، يعود فيها اتخاذ القرار في القضايا الكبرى للملك".