في الوقت الذي تشهد فيه مدينة جرادة احتجاجات متواصلة لأزيد من عشرين يوماً، ومسيرة إقليمية حاشدة اليوم السبت، توجّه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، رفقة عدد من وزرائه، إلى جهة "فاسمكناس" ليستأنف "جولاته الإطفائية" التي أعلن عنها سابقاً بعد اندلاع "حراك الريف" في الحسيمة. وأعلن رئيس العثماني أن المحطة الثالثة للقاءات الحكومية مع الجهات، بعد الزيارة التي قادته إلى جهتي درعة تافيلالت وبني ملال خنيفرة، تتم اليوم السبت بجهة فاسمكناس، تليها جهة الشرق بعد ثلاثة أسابيع أو أربعة، واعتبر هذه اللقاءات مناسبة للتواصل المعمق مع المنتخبين والمجتمع المدني، والتعرف على الانتظارات والتفاعل معها، والرصد الاستباقي لامتصاص الغضب الشعبي المتنامي. ومن المرتقب أن يجتمع الوفد الوزاري مع أعضاء مجلس الجهة رؤساء الجماعات ومسؤولي الإدارات الجهوية والمنتخبين ورؤساء مجالس العمالات وفعاليات المجتمع المدني وممثلي السلطات المحلية، لتعرف الوزراء على حاجيات جهة فاسمكناس. واستغرب نشطاء الحراك في مدينة جرادة تأخير العثماني زيارته إلى جهة الشرق التي تشهد احتقاناً شعبياً منذ سقوط "شهيدي" الفحم اللذين لقيا مصرعهما داخل بئر كانا ينقبان في عمقه، وقال الناشط الحقوقي بالمدينة محمد الفازيقي إنهم يستغربون من استمرار تجاهل الحكومة لمطلب حلول وفد وزاري موسع يمثل جميع القطاعات المعنية للوقوف على الاختلالات وطرح الحلول المستعجلة في حينه. وأوضح الناشط في حراك جرادة، ضمن تصريح لهسبريس، أن اللقاء الذي عقده ممثل الحكومة، عزيز الرباح، وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، في وقت سابق، كان فقط اجتماعاً تواصلياً مع الساكنة والمنتخبين ولم يتم التوصل فيه إلى أي اتفاق يذكر، وأضاف أن "رئيس الحكومة سبق أن وعد منتخبي المنطقة بزيارة جرادة بعد أسابيع من وفاة الشقيقين، وها هو الآن يؤجل زيارته وكأن جهة الشرق تعيش أوضاعاً عادية". ولفت رئيس فرع الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إلى أن الرباح جاء للنظر في القطاع الذي يمثله بينما مطالب الساكنة تشمل التشغيل والفلاحة والتجارة والصناعة وقطاعات أخرى، وحذر الناشط الحقوقي من المقاربة التي تتعامل بها الحكومة مع الاحتجاجات، والتي تجعل "الشعب في مواجهة السلطة". وأورد المتحدث ذاته أن "ما تقوم به الحكومة تجاه الساكنة يرقى إلى المهزلة، ويكرر الأخطاء نفسها التي وقعت في حراك الريف"، وقال إن "المسؤولين فشلوا إلى حد الساعة في الضغط على أباطرة الفحم لتطبيق القانون"، وطالب بضرورة فتح تحقيق في عملية تصفية ممتلكات شركة مفاحم المغرب ومحاسبة جميع المتورطين في ما آلت إليه الأوضاع بالمدينة ومتابعتهم قضائياً، بتعبيره. وكانت الحكومة قد سطرت برنامجا لزيارة الجهات للتواصل مع مجالسها المسيرة والمسؤولين داخلها، وكذا الأقاليم، وأعلن رئيسها أن الهدف هو الاطلاع على المشاريع التنموية لتسريع التنمية بمختلف الجهات والوقوف على المشاريع، وخصوصا التي توقفت منها، للنظر في أسباب توقفها والتحديات والعوائق التي تواجهها؛ وذلك لتفادي تكرار سيناريو الحسيمة ولكن تمدد الاحتجاجات في جرادة وأوطاط الحاج وتندرارة وزاكورة تُظهر أن المقاربة الحالية تبقى دون المستوى.