ما هي انتظارات الفاعل العمومي من المجتمع المدني من أجل تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية بجميع مستوياتها؟ وكيف يمكن تحقيق التوازن بين أدوار الفاعل الجمعوي والإمكانيات المحدودة الممنوحة له؟ وهل البرامج التي تضعها القطاعات الحكومية والمؤسسات الرسمية كافية لتقوية قدرات المجتمع المدني في المجال؟...* هي جملة من التساؤلات طرحها فاعلون جمعويون خلال لقاء تواصلي حول مشروع "تطوير وتقوية قدرات منظمة المجتمع"، الذي أطلقته الجمعية المغربية للتضامن والتنمية، بشراكة مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. غموض قانوني امبارك موغلي، رئيس الجمعية المغربية للتضامن والتنمية، شدّد في مداخلة له على أهمية تقوية قدرات المجتمع المدني وهيكلة القطاع من أجل مواكبة السياسيات العمومية المركزية والجهوية والمحلية، موضحا أنّ هذه الورشة تهدف إلى الاطلاع على تطلعات الفاعل العمومي والسياسي، والتعرف على الآليات والبرامج الضرورية من أجل مشاركة مدنية فاعلة. وأبرز المتحدث ذاته أنّه رغم حرص الجمعيات على ممارسة الصلاحيات المخولة لها دستوريا، إلا أنها تحاصر بمجموعة من الإكراهات والتحديات المرتبطة بصانعي القرار أنفسهم، في ظل غموض بعض النصوص القانونية، وعوامل الضعف الذاتية التي تعتريهم، ما يؤثر على دورها كقوة حقيقية للاقتراح والترافع في القضايا التي تهم المواطنات والمواطنين من جهة، ويجعل مأسسة الديمقراطية التشاركية على جميع المستويات مهمة موقوفة التنفيذ، أو يتم تحويلها إلى طقوس سياسية وإجراءات إدارية بدون مضمون تشاركي حقيقي. تتبع السياسات من جهتها، أوضحت دانا منصور، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أنّ المشروع الذي أطلقته الوكالة بشراكة مع "أمسيد"، على مدى أربع سنوات، يهدف إلى تقوية قدرات جمعيات المجتمع المدني في جهتي الدارالبيضاء- سطات، والرابط- سلا- القنيطرة، وذلك من أجل الترافع وتتبع السياسات العمومية، تطبيقات لمقتضيات الأحكام الدستورية والتشريعية التي تنص على مشاركة الجمعيات في تدبير الشأن المحلي العام، وإعداد السياسات والبرامج العمومية، وتفعليها وتنفيذها وتقييمها. أمّا مصطفى بلمقدم، مدير البرنامج، فأوضح أنّ "المشروع ينطلق من ضرورة مراجعة المنظومة القانونية التي تنظم العمل الجمعوي والحريات العامة، والرفع من مستوى الوعي لدى المؤسسات العمومية، خاصة الجماعات الترابية، بأهمية الدور الذي يقوم به المجتمع المدني، والقبول به كشريك إستراتيجي في صناعة القرار عبر المشاركة في المختلف الآليات التي أتاحها دستور 2011". وأوضح مسؤول المشروع أن البرنامج الممتد على مدى أربع سنوات يهدف إلى رقمنة المساطر الإدارية وتحديث النظام المعلوماتي، وإعداد قاعدة معطيات حول الجمعيات في الجهات المعنية بالمشروع، وتطوير نظام لتقييم الجمعيات الشريكة، إلى جانب إعداد وتنفيذ برامج لدعم قدرات الجمعيات تستجيب لاحتياجاتها، وتعزيز الحكامة والتسيير الداخليين للجمعيات الشريكة. تدابير إجرائية حليمة غياث، رئيسة قسم الشؤون القانونية بالوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، أوردت في مداخلتها خلال اللقاء المنعقد بالرباط أن الوزارة تحرص على مواكبة مختلف الفاعلين لتفعيل آليات الديمقراطية التشاركية، من خلال مواكبة الآليات واعتماد الإطار القانوني للتشاور العمومي ومواكبة تنزيله، وتعزيز ثقافة المشاركة المواطنة. وعن التدابير المتخذة من أجل تفعيل الإجراءات، تضيف المتحدثة ذاتها: "تتمثل في إحداث لجنة العرائض لدى رئيس الحكومة، وإعداد وتفعيل مخطط حملة تحسيسية حول الإطار القانوني المتعلق بالديمقراطية التشاركية، وتعزيز قدرات المجتمع المدني في مجال الديمقراطية التشاركية، ووضع نظام تتبع وتقييم لتنزيل الإطار القانوني المتعلق بها".