مسيرة حاشدة شهدتها مدينة جرادة، عصر اليوم الأحد، على إثر واقعة مصرع شابين في أحد الآبار العشوائية لاستخراج الفحم، تطلب انتشال جثتيهما أكثر من 36 ساعة. وفي الوقت الذي كانت تمني فيه السلطات الإقليمية بجرادة النفس بإقناع أسرة الشقيقين الضحيتينبدفنهما ليلة السبت، أصر شباب المدينة المقهورة وبعض أقارب الشابين على رفض ذلك، حتى تستجيب السلطات لمطالبهم الاجتماعية والاقتصادية. وجابت المسيرة التي شارك فيها، بحسب مصادر محلية، حوالي عشرة آلاف من السكان الذين قدموا من مختلف المناطق التابعة لإقليم جرادة مرددين شعارات مدوية في وجه السلطات الإقليمية، محملين إياها مسؤولية الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور الذي تعيشه المدينة. ومن بين الشعارات التي صدحت بها حناجر المحتجين الغاضبين وهم في طريقهم صوب مقر عمالة جرادة "عيب عليك يا عامل.. بغيتي تدفن أخي بالليل"، "الشعب يريد بديل اقتصادي"، "عليك لامان عليك لامان..لا حكومة لا برلمان"، "الشهيد خلا وصية.. لا تنازل عن القضية". ووفق مصادر هسبريس، أغلقت مختلف المحلات التجارية والمقاهي أبوابهاوشارك أصحابها في هذه المسيرة الاحتجاجية، ما جعل المدينة تعيش حدادا طوال اليوم الأحد. ولم تعرف المسيرة الاحتجاجية السلمية أي مناوشات أو توتر، خاصة أن السلطات الإقليمية، وبالرغم من الحديث عن حشد دعم من القوات العمومية، لم تتدخل لوقف المحتجينمخافة تطور الوضع إلى ما لا يحمد عقباه. ودعا المحتجون، من خلال التوصيات التي تم الخروج بها، إلى خوض إضراب محلي يوم غد الاثنين للضغط على السلطات الإقليمية والمركزية لإيجاد حل مؤقت ومستعجل، يتبعه حل اقتصادي شامل للنهوض بالمدينة. كما طالب المحتجون أيضا السلطات المركزية بإيفاد لجان تفتيش للتحقيق في مصير المشاريع التي تم تدشينها منذ سنوات غير أنها لم تخرج بعد إلى حيز الوجود، إلى جانب تفعيل البروتوكول الاقتصادي والاجتماعي الذي كان قد جرى توقيعه عقب إغلاق منجم الفحم منذ سنوات. وعاب عدد من الناشطين الحقوقيين على عامل جرادة كونه لم يقم بأي محاولة للحوار والتواصل مع الغاضبين المحتجين والاستماع إلى ملفهم المطلبي وتقديم وعود في هذا الجانب؛ إذ "ظل يواصل سياسة الهروب إلى الأمام"، بحسب تعبيرهم. وعبرت الساكنة عن رفضها دفن ضحيتي"بئر الفحم" إلى أن تحصل على أجوبة وحلول مقنعة من طرف المسؤولين على الصعيد المركزي، بما يخدم الوضع التنموي الهش بالمنطقة، بعد فشل المسؤولين المحليين والإقليميين في ذلك. وكانت مدينة جرادة قد شهدت عقب استخراج جثتي شابين من داخل بئر عميقة للفحم، احتجاج المئات من المواطنين في مسيرة غاضبة صوب مقر العمالة، رافعين شعارات منددة بما تعيشه المنطقة من ركود اقتصادي واجتماعي. وعرفت عملية استخراج جثتي شقيقين يبلغان من العمر 30 و22 سنة، استغراق ما يزيد عن 36 ساعة، وتطلب الأمر جهدا كبيرامتواصلا لمواطنين متطوعين منذ الجمعة إلى غاية مساء السبت.