حداد وغليان واحتجاج تعيشه مدينة جرادة، جنوبوجدة، بعد مصرع شقيقين داخل منجم عشوائي لاستخراج الفحم، إذ ترفض الساكنة الاستجابة لمطالب السلطات المحلية منذ مساء السبت لدفن الضحيتين. مصادر محلية أكدت لجريدة هسبريس الإلكترونية أن المنطقة تعيش حدادا عاما وغليانا واحتقانا، بسبب رفض الساكنة دفن الضحيتين ليلة السبت والاستجابة بذلك لمطالب السلطات، حيث يعتصمون أمام مستودع الأموات لمنع نقلهما إلى المقبرة التي شهدت بدورها اعتصام ومبيت عدد من الشباب فيها رفضا لهاته الأساليب. وأشارت مصادرنا إلى أن الساكنة رفضت هذه الخطوة، حتى تحصل على أجوبة مقنعة بخصوص حلول ووعود تمنح لهم من لدن المسؤولين على الصعيد المركزي، تخدم الوضع التنموي الهش بالمنطقة بعد فشل المسؤولين المحليين والإقليميين في ذلك. وأوضح عبد القادر أكيلي، الناشط الحقوقي بالمنطقة، في تصريح للجريدة، أنه "إلى حدود الساعة، فإن شباب المدينة يرفضون أن يتم دفن الضحيتين بهاته السرعة، إلى حين الحصول على وعود بالنهوض بالمنطقة تنمويا". وشدد المتحدث نفسه على أن الوضع لا يزال متوترا، خاصة أنه تزامن مع الاحتجاجات التي تشهدها المنطقة منذ أسابيع بخصوص الفواتير الكهربائية، إذ يرفضون أداءها ردا على غلائها وما تسببت فيه محطة إنتاج الكهرباء من تلوث. وحملت الساكنة، حسب مصادر الجريدة، مسؤولية الوضع الذي تعيشه المدينة من ركود اقتصادي وفشل تنموي إلى السلطات الإقليمية، على رأسها عامل إقليمجرادة مبروك تابث، الذي "لم يقدم أية إضافة ولم يسهم في التنمية المحلية منذ تعيينه سنة 2014 على رأسها"، وفق تعبيرهم. كما عبر هؤلاء عن استنكارهم لطريقة التعامل مع عملية إنقاذ الشقيقين من داخل البئر، إذ تطوع المواطنون بأنفسهم معرضين حياتهم للخطر من أجل انتشال جثماني الضحيتين. من جهته، انتقد عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، ضمن تصريحه لهسبريس، غض السلطات أعينها عن الممارسة العشوائية للمواطنين في التنقيب عن الفحم، بعد واقعة إغلاق المنجم الوحيد الذي كان يشكل متنفسا اقتصاديا بالمنطقة. وطالب المتحدث نفسه بضرورة فتح تحقيق في قضية منح تراخيص شخصية لمجموعة من الأشخاص الذين استغلوا الوضع وفتحوا آبارا ومناجم بطرق عشوائية، مضيفا أنه "تم تجاهل تحذير الوزارة في التسعينيات، حيث تم تعميق الحفر في الآبار بشكل عشوائي وبعلم السلطات ما تسبب في تسجيل وفيات عديدة وإصابتهم بأمراض خطيرة منها السرطان والجلد والعين". وشدد الخضري، ضمن تصريحه، على أن منطقة جرادة "تعيش على وقع أزمات سوسيو اقتصادية خطيرة، وما قامت به السلطات لم يرق إلى المستوى المطلوب، حيث لم تتحرك بالقدر اللازم للتصدي وتوقيف الأشخاص الذين يقومون بالتنقيب عن الفحم بطرق خطيرة"، مؤكدا أن مقترحاتها بخصوص المشاريع المتعلقة بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية "تبقى تعجيزية بالنظر لكون المواطنين لا يتوفرون على نسبة 30% التي يجب تقديمها في مشاريع المبادرة، وبالتالي تعجيزية.. وهذا يدل على أن السياسة العمومية عرجاء". وعبّر المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبر فرعه في جرادة، عن رفضه طريقة تعامل السلطات مع وفاة الشابين، وضغطها من أجل دفنهما ليلا، إذ أوضح الخضري "نحن نرفض هذا الأسلوب وهذا التعتيم، فنحن لسنا في وضع خطر أمني حتى يتم هذا الأمر". وكانت مدينة جرادة قد شهدت، عقب استخراج جثتي شابين من داخل بئر عميقة للفحم، احتجاج المئات من المواطنين في مسيرة صوب مقر العمالة، رافعين شعارات منددة بما تعيشه المنطقة من ركود اقتصادي واجتماعي. وقد استغرقت عملية استخراج جثتي شقيقين يبلغان من العمر 30 سنة و22 سنة ما يزيد عن 36 ساعة، حيث تطلب الأمر جهدا أكبر منذ الجمعة إلى غاية مساء السبت، بفضل مجهودات مواطنين غامروا بأنفسهم من أجل انتشال الضحيتين.