بعد الحديث عن اتخاذ الجيش المغربي قرارات عسكرية جديدة بالمنطقة الجنوبية للرد الحازم على أي استفزاز يطال القوات المسلحة على طول الحدود مع موريتانيا، لم يتأخر رد البوليساريو كثيراً، إذ أعلنت جاهزية ميليشياتها للقتال واستعدادها لتطبيق "التحضير القتالي لسنة 2018". الاستفزازات الجديدة تأتي بعد توافد معطيات تؤكد أن جبهة البوليساريو قامت بالتنسيق مع داعميها من أجل نقل جزء كبير من مخيمات الصحراويين المتواجدة فوق الأراضي الجزائرية إلى مناطق متقدمة قرب الوحدات العسكرية المغربية، واستبقت الخطوة بإعلانها "الرفع من الجاهزية القتالية لعناصرها والاستعداد لتطبيق التحضير القتالي لسنة 2018"، وفق ما جاء على لسان من يُسمى وزير الدفاع الوطني، عبد الله لحبيب البلال. وعلى مدى يومين، استعرضت البوليساريو في إطار "الملتقى الثالث لأطر جيش التحرير الشعبي الصحراوي"، بمنطقة التفاريتي العازلة التي تعتبرها "منطقة محررة"، وسبق أن فكرت في نقل جزء من المخيمات إليها، مناوراتها الاستفزازية تجاه المملكة المغربية، في خطوة يرى مراقبون أنها تهدف إلى جر المنطقة بالكامل إلى حرب جديدة. وأشار "الوزير" القيادي في التنظيم عبد الله الحبيب بلال إلى أن "الملتقى كان فرصة لإطارات الجيش لدراسة الأهداف والمشاريع التي من شأنها الرفع من الجاهزية القتالية للوحدات؛ كما كان مناسبة للوقوف على مدى الاستعداد لتطبيق التحضير القتالي لسنة 2018"، وأكد أن ميليشيات البوليساريو "ماضية في مهامها الموكلة إليها، المتمثلة أساسا في استكمال السيادة ومكافحة الجريمة المنظمة وحماية الأراضي المحررة"، بتعبيره. في الصدد ذاته قال عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني، إن التصريحات الأخيرة التي تُطلقها قيادة البوليساريو والتحركات التي تُقوم بها مليشياتها في الأيام الماضية "مؤشرات على اقتراب حالة الحرب داخل المنطقة العازلة". ويرى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، في تصريح لهسبريس، أن تحليل المعطيات الميدانية منذ أبريل الماضي يُظهر أن البوليساريو باتت تخطط لحالة الحرب لإيقاف وعرقلة التفوق الإقليمي المغربي؛ "لذلك يبدو سيناريو حرب بالوكالة تقودها البوليساريو في المنطقة العازلة نيابة عن الجزائر ذا احتمالات قوية". وأوضح اسليمي أن وضعية قيادة الجبهة الأخيرة والصعوبات التي تواجهها في الصراع مع ساكنة المخيمات، والتقييم الاستخبارتي الجزائري بأن البوليساريو تفقد العديد من مواقعها داخل إفريقيا، بالإضافة إلى إدراك الدولة الداعمة أن ورقتها باتت مفلسة داخل المنتظم الدولي، "يجعل مصلحتي ابراهيم غالي وقائد الجيش الجزائري تلتقيان حول فكرة الحرب أكثر من أي وقت مضى". وعلى ضوء هذه المعطيات، لفت المتحدث ذاته إلى أن المغرب مطالب بوضع "فرضية الحرب القريبة في سنة 2018 ضمن مؤشرات المخاطر المرتفعة"، مؤكداً أن العدوان الجزائري بورقة البوليساريو في المنطقة العازلة وقرب الجدار الأمني "محتمل جداً السنة المقبلة، والتخوف هو أن تورط الجزائر والبوليساريو النظام الموريتاني في مخطط الحرب المحتملة". وشدد رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني على أن التوجه الجديد للانفصاليين، والذي يُقوي احتمالات الحرب، "خطير جداً لأن أي اهتزاز للاستقرار في المنطقة العازلة سينقل حزام التنظيمات الإرهابية الموجودة في الساحل نحو المنطقة، وقد تصبح لها نافذة على المحيط الأطلسي".