استمرارا في التصعيد ضد وزارة الصحة، نفّذ أطباء القطاع العام إضرابا عاما اليوم الخميس، على صعيد كل المؤسسات الصحية بالمغرب، باستثناء أقسام الإنعاش والمستعجلات، مع مقاطعة استعمال الأختام الطبية "الكاشي"، استنكارا منهم لما وصفوه "سياسة الترقيع الصحي والتجميل الإعلامي لواقع كارثي داخل جُل المؤسسات الصحية". وللشهر الثاني على التوالي، يختار أصحاب البدلة البيضاء، من أطباء وصيادلة وجراحي الأسنان في القطاع العام، شل المستشفيات العمومية، بعدما نفذوا ثلاثة إضرابات وطنية عن العمل ووقفة احتجاجية وطنية بالرباط، خلال الأسابيع الماضية، فيما لم يتكفوا بهذا القدر؛ بل أعلنوا عن برنامج تصعيدي يتضمن إضرابا وطنيا منتصف يناير من العام الجديد، ومسيرة وطنية بالرباط يوم العاشر من فبراير المقبل. وفي تعليق على هذه الموجة الاحتجاجية، التي دعت إليها النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، يقول المنتظر العلوي، الكاتب العام الوطني للنقابة، في تصريح لهسبريس، إنها تأتي "في ظل أزمة حقيقية تخيم على القطاع العمومي للصحة منذ وقت ليس بالهين"، مضيفا أن هذا الوضع "يتجه نحو كارثة وسكتة قلبية طالما حذرنا منها الحكومة لتتخذ إجراءاتها". ويضيف العلوي أن الحكومة تواجه ملفهم المطلبي بما وصفه "الاستهتار" في ظل "غياب رؤية سياسية لإنقاذ الوضع الذي يتميز بغليان في صفوف الأطباء"، موردا أن الأمر يتعلق ب"غياب المعايير الطبية والعلمية لعلاج المواطنين المغاربة ونقص حاد في الموارد البشرية والأجهزة البيوطبية والعطل الأجهزة الطبية والتأخر المتكرر في المواعيد". وحول تجاوب الحكومة والوزارة مع مطالبهم، يقول المسؤول النقابي: "نحن كجسم طبي من أطباء وصيادلة وجراحي الأسنان في القطاع العام نرفض سياسة الترقيع الصحي ومللنا منه، فقد كان الوزير السابق المعفى يعتمد منطق التجميل الإعلامي فقط حيال واقع كارثي للقطاع"، مشيرا إلى أن "مطالبنا تواجه بالاستهتار والرفض ولم يتحرك حيالها المسؤولون عن الصحة طيلة عشرين سنة". وحول المطالب الأساسية لهذه الفئة الغاضبة، تتحدث النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام عن "تخويل الرقم الاستدلالي 509 بكامل تعويضاته، كمدخلٍ للمعادلة" و"إضافة درجتين بعد خارج الإطار" و"الرفع من مناصب الداخلية والإقامة" و"توفير الشروط العلمية لعلاج المريض"، لتشدد على "غياب رُؤيَةٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ وصادقةٍ لإنقاذ الوضع، أمام افتقار أصْحاب القرار العمومي لأَي خارطة طريق واضحَةٍ لتَجَنُبِ السكتة القلبية التي تُهدِّدُ القطاع". واتهم المنتظر العلوي، الكاتب العام الوطني للنقابة، الحكومة بنهج "سياساتٍ شعبوية تسير بقطاع الصحة إلى الهاوية وأَزَّمت وضعية الموارد البشرية.. ولعلَّ نزيفَ الاستقالات لمئات الأطر الطبية بالقطاع العام والهجرة الجماعية نحو القطاع الخاص مُؤشرٍ على ذلك"، مضيفا: "للأسف، لم نر من الحكومة المسؤولة الأولى عن صحة المغاربة إلا الهروب إلى الإمام وتجاهل مُستفِّز لمطالبنا". النقابة المستقلة، التي تجمع فئة عريضة من أطباء وصيادلة وجراحي الأسنان بالقطاع العام، كشفت أنها شرعت في عقد لقاءات مع مختلف الفرق البرلمانية "من أجل شرح ملفنا المطلبي وتسليط الضوء على واقع الصحة بالمغرب"، مطالبة ممثلي الأمة في البرلمان ب"تحمُّل مسؤولية الرقابة التشريعية على المستشفيات ورصد الخروقات والأوضاع الكارثية وغير الإنسانية التي يعيشها المرتفقون والعاملون بهاته المؤسسات الاستشفائية".