تبدو ألمانيا عاجزة عن تشكيل حكومة جديدة بعد نحو ثلاثة أشهر من إجراء الانتخابات العامة التي فازت بها المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، للمرة الرابعة، وسط صعود لليمين المتطرف. وتوجت انتصارات المسيحيين الديمقراطيين في الانتخابات الإقليمية التي جرت في وقت سابق من هذا العام، في 24 شتنبر بانتصار آخر في الانتخابات العامة، بحصولهم على 33% من إجمالي الأصوات، بالرغم من تراجع ميركل 8.5 نقطة مقارنة بعام 2013 ، وحصول حزبها على ثاني أسوأ نتيجة له منذ عام 1949. ورغم كونها المدافعة الأخيرة عن القيم الغربية بعد انتصار دونالد ترامب في الولاياتالمتحدة وصعود الشعبوية في مختلف دول الاتحاد الأوروبي، تنهي ميركل عام 2017 بصورة غير واضحة. وتمكن الحزب الجديد "البديل من أجل ألمانيا" من حصد أصوات التصويت العقابي لباقي الأحزاب الألمانية، واستقر لأول مرة إلى اليمين من الاتحاد المسيحي الديمقراطي، الذي يواجه صعوبات غير عادية في العثور على حليف. وبعد حوالى خمسة أسابيع من المفاوضات مع الليبراليين والخضر، انتهت المحادثات دون اتفاق، مما دفع المحافظين إلى طلب العون مرة أخرى إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي -شريكهم الحالي- الذى مُني بخسارة تاريخية في الانتخابات الأخيرة، بعدما حلم في مطلع العام بالوصول إلى منصب المستشارية. ووضع الحزب الديمقراطي الاشتراكي آماله في رئيس البرلمان الأوروبي السابق، مارتن شولتز، وهو سياسي له خبرة طويلة في المشهد الأوروبي، ولكنه عديم الخبرة في الساحة الوطنية. وفشلت هذه القيادة الجديدة في تدعيم الحزب، مما أدى إلى حصوله على أسوأ النتائج في تاريخه (20.5% من الأصوات). وأدى "الاتفاق المستحيل" بين المحافظين والليبراليين والخضر بسبب الاختلافات في السياسة البيئية والهجرة إلى وضع ألمانيا على حافة تشكيل حكومة أقلية برئاسة ميركل، وهي حالة لم يسبق لها مثيل في بلد اعتاد على تحالفات مستقرة. وسيكون بديل ذلك الدعوة إلى انتخابات جديدة، وهو ما رفضه الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير. وقد تم اختيار الزعيم السابق للحزب الاشتراكي الديمقراطي ووزير الخارجية السابق في حكومة ميركل، فرانك فالتر شتاينماير، لتولي منصب رئيس البلاد في فبراير الماضي، في وقت تقف فيه المانيا في مفترق طرق، وهو ما دعاه إلى دعوة الأحزاب إلى بذل المزيد من الجهود. وانضم إلى هذه الدعوات، بعض القادة الأوروبيين مثل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي شجع شتاينماير على الانضمام مرة أخرى إلى الحكومة للدفع باتجاه إصلاح الاتحاد الأوروبي. ويبدو أن المحادثات ستكون طويلة ومعقدة، ومن أسباب ذلك الدور الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد المسيحي الاجتماعي البافاري، حليف ميركل، الذي يواجه أزمة على مستوى قيادته، والذي كان أحد أكبر منتقدي ميركل بسبب وصول أكثر من مليون لاجئ إلى البلاد. ووسط هذه المرحلة من حالة عدم اليقين السياسي في بلد اعتاد على تحالفات على أساس مواقف متضاربة في بعض الأحيان، يعيش اليمين المتطرف "البديل من أجل ألمانيا" أوقاتا تاريخية بانضمامه إلى البوندستاج (البرلمان الاتحادي) الذي لم يدخله منذ عام 1950. وإذا ما تمكن المحافظون والاشتراكيون الديمقراطيون من إعادة تشكيل الائتلاف الكبير، فإن البديل من أجل ألمانيا سيصبح القوة الرئيسية في المعارضة، وتتوقع استطلاعات الرأى أنه سيحقق نتائج أفضل إذا ما تم إجراء انتخابات جديدة في ألمانيا. وتطالب دوائر الصناعة والأعمال في البلاد بالعمل على استقرار الاقتصاد الأوروبي الرئيسي، في حين أن البنك المركزي الألماني قد عدل توقعات النمو لهذا العام إلى 2.6% ، و2.5% للعام المقبل. *إفي