أثنى المشاركون في الجلسات التي نظمت لليوم الثالث على التوالي، في إطار منتدى الحوارات الأطلسية حول التحديات التي تجابه القارة الإفريقية بمدينة مراكش، على النموذج الاستثماري، الذي اعتمده المغرب في مجال الطاقات المتجددة خلال السنوات الأخيرة، والذي جعله من الدول الإفريقية والمتوسطية القليلة، التي ستقلص نسبة تبعيتها للطاقات الأحفورية، وتعزز استقلالها الطاقي الإستراتيجي. واعتبر كبار الخبراء الأفارقة والأوربيين، الذين تطرقوا إلى المشاكل الطاقية التي تواجه القارة السمراء، أن إفريقيا يجب عليها السير على النهج المغربي لتجاوز إشكالية نقص الطاقة في العديد من الدول الإفريقية، التي تعيق تطوير اقتصادياتها بشكل لافت، عبر الاستثمار في المحطات الضخمة للطاقة الشمسية وحقول استغلال الطاقة الريحية، على غرار ما قام به المغرب في هذا المجال، وتبديد كل المخاوف التي عبرت عنها كبريات الدول الإفريقية المنتجة للنفط. وقال سيمون تاكليابييترا، الخبير المتخصص في الاستثمارات في مجال الطاقات المتجددة بمؤسسة "بريكل"، إن المغرب كان ذكيا في تعامله مع المستثمرين الأوربيين في قطاع الطاقات الجديدة، من خلال توفير كافة الشروط القانونية والإدارية واللوجستيكية، التي سهلت لهم مأمورية إطلاق مشاريع استثمارية ضخمة، خاصة في قطاعي الطاقة الريحية والشمسية. وأضاف الخبير المتخصص في الاستثمارات في مجال الطاقات المتجددة أن النموذج المغربي يمكن أن يقلص الهوة المالية للاستثمار في الطاقة في إفريقيا، مشيرا إلى أن هذه الحاجيات تقدر بنحو 100 مليار دولار في السنة، في حين أن المبلغ الذي تمكنت إفريقيا من تعبئته لا يتجاوز 10 مليارات دولار. وأكد تاكليابييترا أنه "بدون طاقة لا يمكن الحديث عن تقدم اقتصادي"، مضيفا أنه "لا يمكن اختيار مصدر وحيد أو المفاضلة بين الغاز والطاقات المتجددة، إذ هناك مزيج ناجع حسب المناطق والاحتياجات، خاصة عندما يتعلق الأمر بتوفر الإنارة للسكان في إفريقيا، فالاختيار الصائب هو الطاقة الشمسية، أما عندما يتعلق الأمر بتوفير الطاقة للإنتاج الصناعي فالأفضلية للغاز". فيما أكد إريك فيستا، نائب رئيس مجموعة "طوطال"، أن المزيج الطاقي الأفضل لإفريقيا هو الذي يساير متطلبات مكافحة التغيرات المناخية، ويمكن من تعميم الطاقة على الجميع، مشيرا إلى أن 5 ملايين إفريقي لا يتوفرون على الكهرباء، وأن 600 ألف شخص لا يتوفرون على وسيلة صحية ومستدامة للطهي. وعبر فيستا عن تفضيله استعمال إفريقيا للثروة الغازية مقارنة بالطاقات المتجددة، التي تواجه مشكلة النقل والتخزين، مشيرا إلى أن الغاز لديه موقع مهم كمصدر للطاقة قليل الكلفة وأرفق بالبيئة، إضافة إلى إمكانية تسييله ونقله بوسائل مختلفة على مسافات بعيدة. وعلى عكس ما طرحه رئيس مجموعة "طوطال"، قال أندرياس كرايمر، المدير المؤسس لمؤسسة "إيكولوجيك"، إن هناك العديد من التجارب الناجحة عبر العالم، التي أبرزت أنه صار بالإمكان إنتاج الطاقة الشمسية بأقل تكلفة، مؤكدا أن مستقبل القارة الإفريقية يتمثل في الطاقة الشمسية والريحية وليس في الطاقة الأحفورية.