أكد عزيز الرباح، وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، أمس الأربعاء بمراكش، في افتتاح أشغال القمة المغربية الثانية للنفط والغاز، المنظمة بمبادرة من المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، أن العالم يشهد نقلة نوعية تتسم بالاستعمال الرصين للكربون وإدماج الطاقة النظيفة وفق توصيات «كوب 21 و 22.» وأوضح الرباح في هذا السياق، أن تقلبات عميقة لأسعار النفط، لها وقع مباشر على الاستثمارات في ميدان التنقيب واستغلال النفط والغاز، مشيرا إلى أن حجم الاستثمار بلغ 683 مليار دولار سنة 2014 ، ليصبح 374 مليار دولار سنة 2017 ، قبل أن ينتقل إلى 405 ملايير دولار سنة 2018 . وشدد الرباح على أهمية هذا اللقاء بالنظر إلى النقاش العالمي الذي يدور الآن حول الطاقة والتحولات، التي يعرفها قطاع الطاقة على الصعيد العالمي وعلى صعيد كل دولة. وقال الرباح في هذا الصدد، إن هناك اليوم نقاشا ثنائيا بين الطاقات المتجددة التي تفرض نفسها وهذا ماسارت عليه المملكة المغربية، والطاقات التقليدية الأحفورية التي هي حسب التقديرات سيستمر استعمالها بشكل مكتف من الآن وإلى حدود سنة 2030 . وأضاف الرباح في هذا اللقاء، الذي عرف مشاركة وزراء وممثلي العديد من البلدان الإفريقية، وخبراء الصناعة النفطية والغازية وشركاء المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، أن الاستثمار المرتقب في قطاع الطاقة في أفق 2030 يقدر بحوالي 40 مليار دولار أمريكي، منها ما يناهز ثلاثين مليار دولار أمريكي لمشاريع توليد الكهرباء من مصادر الطاقات المتجددة، وهو ما يمثل فرصا استثمارية كبيرة للقطاع الخاص الوطني والجهوي والدولي. وأوضح الوزير أن قطاع الطاقة بالإضافة إلى كونه المحرك الرئيسي للقطاعات الاقتصادية ببلادنا، يعتبر من القطاعات الإنتاجية الحيوية، من خلال مساهمته بشكل ملموس في تكوين الناتج الداخلي الخام(حوالي 5 في المائة )، وفي توفير عدد مهم من مناصب الشغل )حوالي 40 ألفا( عبر الاستثمارات المهمة التي يمكنها، ويشكل كذلك قطبا تنمويا على الصعيد المحلي والجهوي. وبخصوص التنقيب عن النفط والغاز بالمغرب، أكد الرباح أن أنشطة التنقيب تتميز بالمجازفة، وتتطلب إمكانيات مالية مهمة وتقنيات عالية وكذا مدة زمنية تتراوح بين خمس وعشرة سنوات، مشيرا الى أن المغرب يحتوي على أحواض رسوبية تفوق مساحتها 900 ألف متر مربع تتوفر على أنظمة جيولوجية ونفطية متنوعة، لكنها لاتزال غير مستكشفة بما فيه الكفاية. وأبرز الرباح أن التزاوج بين الطاقات المتجددة النظيفة والطاقة التقليدية الأحفورية يفرض نوع من الذكاء في عملية المزج بينهما وهذا هو التوجه الذي سارت علية المملكة المغربية في ما يتعلق ب »ميكس إينيرجيتيك ،» مؤكدا على ضرورة الاشتغال على أمرين أساسيين الأمر الأول يتعلق بالأمن الطاقي بين الدول وخاصة بالنسبة للمغرب بالنظر إلى تزايد اقتصاد المملكة، وارتفاع حاجيات المواطنين وتعميم الكهرباء، وبالتالي لابد من ضمان الأمن الطاقي وفي الوقت نفسه لابد أن نجعل من القطاع الطاقي اقتصاد كامل الأركان ليس فقط من حيث الاستهلاك وتزويد السوق، ولكن من حيث عدد من الأنشطة الاقتصادية وأخرى صناعية لها ارتباط بالطاقات المتجددة. من جانبها، أمينة بنخضرة، المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، قالت إن المغرب سطر استراتيجيته الوطنية للطاقة بالتركيز على دعم المزيج الطاقي في قطاع الكهرباء وتكثيف تطوير الطاقة من المصادر المتجددة خاصة الريحية والشمسية والكهرومائية، وذلك عبر جعل الكفاءة الطاقية أولوية وطنية عبر تشجيع الاستثمار الأجنبي في مجال استكشاف النفط والغاز وتشجيع الاندماج الإقليمي. وأكدت بنخضرة أن المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن يلعب دورا محوريا في الترويج لإمكانيات الأحواض الرسوبية المغربية لدى شركات الاستكشاف والإنتاج النفطية الدولية، حيث يقوم المكتب باستثمارات استراتيجية لإنجاز وتحليل المعطيات الجديدة في المراحل الأولى لعملية الاستكشاف، وذلك من أجل تعزيز المعرفة بإمكانيات الأحواض الرسوبية البرية والبحرية، وفتح مناطق جديدة للتنقيب ودعم تنافسية المملكة لجلب الاستثمار في مجال الاستكشاف. وأوضحت بنخضرة في هذا الصدد، أن المكتب أصبح جزءا لا يتجزأ من استراتيجية التعاون في ما بين بلدان الجنوب، خصوصا بعد مبادرة التعاون جنوب-جنوب التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس والمتعلق بمشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، حيث يشارك مشاركة كاملة في تقوية القدرات وتعزيزها، وكذلك في تدريب الأطر الأفارقة ونقل المعرفة في مجالات النفط والمعادن والجيولوجيا، والاستشعار عن بعد، وتقنيات المختبرات، والموارد البشرية، وإدارة المشاريع، ودراسات التأثير البيئي. وأجمعت باقي التدخلات على أن المغرب أضحى وجهة مفضلة للمستثمرين في مجال استكشاف النفط والغاز، وذلك بالنظر إلى توفره، بالخصوص، على بنية جيولوجية ملائمة، وقطاع طاقي حيوي، وإطار قانوني وجبائي جذاب وبنيات تحتية متينة، مشيرة إلى أن إصدار مدونة الهيدروكاربورات سنة 2000 ، شكل منعطفا في التنقيب عن البترول والغاز بالمغرب، وتنص على امتلاك الدولة حصة لا تتعدى 25 في المائة من رخص البحث والاستغلال، كما تعفي الشركات من الحقوق الجمركية ومن الضريبة عن القيمة المضافة والضريبة على الشركات، في مرحلة ا لاستغلال، لمدة 10 سنوات ابتداء من انطلاق الإنتاج بصفة منتظمة. وستقدم هذه القمة نظرة عامة عن المغرب كمنطقة واعدة للتنقيب عن الهيدروكاربورات، وكقطب طاقي متزايد الأهمية وناشئ، حيث سيتم التركيز خلال أشغال هذه التظاهرة على فرص التنقيب والتطوير الجديدة والآفاق المستقبلية لاستكشاف الهيدروكاربورات التقليدية وغير التقليدية. وتشكل هذه القمة، المنظمة بتعاون مع (إن.في.إر.وال.اند.غاز)، مناسبة لبحث قضايا رئيسية تتعلق باستكشافات النفط والغاز بالمغرب، والمؤهلات التي يتوفر عليها في الواجهتين الأطلسية والمتوسطية، وإمكانيات الاستثمار، فضلا عن الرهانات الطاقية بإفريقيا، وفرصة أيضا لتبادل الأفكار حول استكشاف الهيدروكاربورات وتطوير أعمال جديدة وتنفيذ الاستراتيجيات والاستثمارات في مشاريع الطاقة في هذه المنطقة الديناميكية من العالم.