الطاقات المتجددة أمل المغرب في الإستقلال الطاقي لم يعد اعتماد المغرب على الموارد الطاقية التقليدية كافيا، إذ يقوم باستيراد 96٪ من احتياجاته من الطاقة. وعلاوة على ذلك، يجب تلبية الطلب المتزايد المملكة في هذا المجال (حوالي 7٪ سنويا) وذلك بسبب الازدهار الاقتصادي والنمو الديموغرافي. ولرفع هذه التحديات، وضعت وزارة الطاقة والمعادن والمياه والبيئة استراتيجية وطنية جديدة في مجال الطاقة لتأمين التزويد بالطاقة مع نهج مقاربة قوامها التنمية المستدامة. وتهدف الاستراتيجية أيضا إلى الحفاظ على أسعار تنافسية، مع التحكم في الطلب على نحو أمثل. وفي إطار هذه الاستراتيجية، تم اعتماد عدة مبادئ توجيهية منها إنشاء مزيج كهربائي أمثل حول خيارات تكنولوجية موثوقة وتنافسية و تعبئة الموارد المحلية من خلال تطوير استخدام الطاقة المتجددة؛و تعزيز النجاعة الطاقية باعتبارها أولوية وطنية؛والتكامل الجهوي. للقد تم إحداث العديد من المؤسسات لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية في مجال الطاقة، كالوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية (ADEREE)، والوكالة المغربية للطاقة الشمسية (MASEN)، وشركة الاستثمارات في مجال الطاقة (SIE) ومعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة (IRESEN). كما تم وضع إطار تشريعي وتنظيمي جديد يتمثل في القوانين المتعلقة بالنجاعة الطاقية ودمج كل من المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب ؛و القانون رقم 09-13 المتعلق بالطاقات المتجددة (فرص استثمارية للقطاع الخاص الذي يمكنه أن ينتج الطاقة المتجددة وتزويد السوق المحلية والدولية أو هما معا وقدحدد المغرب هدفا له أن يرفع إلى 42٪ حصة الطاقة المتجددة في إجمالي الطاقة الكهربائية المثبتة في أفق عام 2020. وهكذا، تم إطلاق برنامجين مندمجين ومهيكلين لتطوير قطاعي الطاقة الشمسية والريحية: وهما مجمع الطاقة الشمسية لورزازات (سعة 160 ميجاواط) وحقلي الرياح حوامة والعيون (700 ميجاواط). وفيما يتعلق بقطاع الطاقة الضوئية، تم إنجاز دراسة جدوى بشأن استخدام الطاقة الضوئية في المباني السكنية على نطاق واسع في عام 2012. وبموازاة ذلك، تم الشروع في برنامج واسع لتعزيز قدرة الإنتاج. ويشمل هذا الأخير بناء مجمع الطاقة الكهرومائية ميدز المنزل، بقوة 170 ميجاواط، وإنجاز محطة عبد المومن لتحويل الطاقة عن طريق الضخ (STEP)، بقوة 350 ميجاواط. وفيما يتعلق بمصادر الفحم، سيتم تشغيل وحدتين بسعة 2x 350 ميجاواط في الجرف الأصفر. وستكون أيضا هناك محطتان جاهزتان في آسفي وجرادة، قوة كل منهما 1320 و 350 ميجاواط على التوالي . ولتلبية الطلب المتزايد، أطلق المكتب الوطني للماء والكهرباء برنامجا للتجهيز سيمكن من بلوغ قدرة إضافية قدرها 5500 ميجاواط بحلول عام 2016 (مع الأخذ بعين الاعتبار مشاريع المخطط المغربي للطاقة الشمسية والمحطات قيد الإنشاء في كل من الجرف الأصفر وآسفي وجرادة). ويتطلب تنفيذ هذه الاستراتيجية ، بالإضافة إلى ذلك، استثمارات كبيرة من حيث البنية التحتية للنقل والتخزين. الطاقة الشمسية استراتيجية كبرى في الإستقلال الطاقي وكان المغرب قد افتتح محطة «نور1» للطاقة الشمسية في مدينة ورزازاتجنوب شرقي البلاد، التي تعد المرحلة الأولى ضمن مشروع هو الأكبر من نوعه في العالم. وتم التدشين الرسمي بحضور كبار المسؤولين وشخصيات دبلوماسية ومسؤولين من شركة «أكوا باور» السعودية التي أشرفت على إنجاز المشروع. وبدأ العمل في هذا المشروع في 10 مايو 2013. وتمتد محطة «نور 1» التي تبعد حوالي 20 كيلومترا عن ورزازات، على مساحة 450 هكتار، وفيها نصف مليون من المرايا العاكسة. ويتوقع أن تنتج نحو 160 ميغاوات من الكهرباء. وتعد «نور1» المرحلة الأولى من مشروع «نور-ورزازات» الممتد على مساحة 3000 هكتار، والهادف بعد الانتهاء من بناء «نور 2» و»نور 3» و»نور 4»، إلى إنتاج 580 ميغاوات من الكهرباء، وإمداد مليون منزل مغربي بالطاقة النظيفة، بحسب ما أعلنته الوكالة المغربية للطاقة الشمسية عند إطلاق المشروع. و»نور-ورزازات» مرحلة أولى من خمس مراحل في مشروع طموح وكبير لإنتاج الطاقة، بقيمة استثمارية تبلغ 9 مليارات دولار، في عدد من مناطق المملكة التي تستورد 94% من احتياجاتها من الطاقة، وتطمح إلى تغطية 42% من هذه الاحتياجات عبر إنتاج الطاقة الشمسية بحلول عام 2020. وبعد انطلاق العمل في «نور1» أعطى الضوء الأخضر لانطلاق الأشغال في محطتي «نور2» و»نور3» لتهيئة المساحة التي سيتم عليها تثبيت المرايا العاكسة. وسيتم إنجاز المحطة الثانية لمشروع «نور-ورزازات» على مساحة 750 هكتار، وتبلغ قدرتها على التخزين 7 ساعات بكلفة 810 ملايين يورو، فيما محطة «نور3» ستنتج 150 ميغاوات مع قدرة تخزينية تبلغ 8 ساعات. وكان منتظرا أن ينتهي العمل في المحطتين في أغسطس ونوفمبر 2017، بحسب الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، فيما لم تنطلق بعد الأشغال في محطة «نور4» على مساحة 220 هكتارا بطاقة إنتاجية تقدر ب70 ميغاوات. وتبلغ التكلفة الاستثمارية لإنجاز المحطات الأربع 24 مليار درهم (ملياران و200 مليون يورو. وتتوقع الحكومة المغربية أن تساهم هذه المراحل الخمس عند الانتهاء منها بعام 2020، في خفض الانبعاثات من غاز ثاني أوكسيد الكربون بنحو 9 ملايين طن سنويا. وستمكن المرحلة الأولى (نور-ورزازات) المغرب من اقتصاد استهلاكه من الطاقة الأحفورية بمليون طن من البترول سنوياً، إضافة إلى خفض الانبعاثات من ثاني أوكسيد الكربون ب3,7 مليون طن سنويا. وهنأ الاتحاد الأوروبي المغرب «على إطلاق هذا المشروع الطموح والمنسجم»، حيث أعلن أنه ساهم في إنجاز مشروع «نور1» بقيمة 450 مليون يورو قدمتها مجموعة من المانحين الأوروبيين، من بينهم «الاتحاد الأوروبي والبنك الأوروبي للاستثمار والوكالة الفرنسية للتنمية والمؤسسة الألمانية للقروض من أجل إعادة البناء». وأكد الاتحاد الأوروربي في البيان أن «المانحين الأوروبيين يساندون كذلك مشروعي «نور2» و «نور3» بمبلغ 17 مليار درهم (مليار و562 مليون يورو)، أي بما يعادل 60% من التمويل الإجمالي للمحطات الثلاثة». ويدخل هذا المشروع ضمن تخفيف عبء إنفاق المغرب على الطاقة، وفي إطار التزام المغرب بخفض انبعاثاته من غازات الدفيئة بنسبة 13% بحلول سنة 2020، بجهد مالي ذاتي قدره 10 مليارات دولار، وطاقة من الشمس والرياح والمياه. وكان المغرب قد استضاف نهاية 2016 ل المؤتمر العالمي للمناخ 22، الذي تابع مقررات مؤتمر باريس الذي انتهى باتفاق تاريخي غير مسبوق يهدف إلى احتواء ارتفاع درجة حرارة الأرض «بأدنى بكثير من درجتين مئويتين»، مع السعي للحد من ارتفاعها «عند 1,5 درجة مئوية». وقد أخذ المغرب على عاتقها التزاما جديدا تم الإعلان عنه رسميا خلال قمة باريس للمناخ، ويهدف إلى أن تشكل الطاقات المتجددة (الشمس والرياح والمياه) 52% من استهلاكه للطاقة الكهربيائية الطاقة الريحية أمل اخر للطاقات المتجددة في المغرب وبالإضافة إلى الطاقة الشمسية يعول المغرب على الطاقة الريحة التي بدأ إنتاجها في شمال المغر ب والأقاليم الجنوبية وللسير قدما في هذا التوجه اتجه المغرب إلى تطوير صناعة التوربينات الهوائية محليا. وفي هذا الإطار دشن الفاعل الدولي في الطاقات المتجددة «سيمنس غامسا» أخيرا بطنجة، رسميا مصنعه الجديد لشفرات وتوربينات الطاقات الريحية باستثمار يصل إلى 1,1 مليار درهم. ويعد مصنع سيمنس غامسا بطنجة، الذي يعتبر من بين الأكثر تنظيما وعصرنة بالعالم وسيوفر 600 منصب عمل، جاهزا لتسليم شفرات التوربينات الريحية بإفريقيا والشرق الأوسط، «المصنوعة 100 في المائة بالمغرب»، علما أن المجموعة تعتبر واحدة من بين ثلاث أكبر شركات في مجال الطاقات الريحية بالعالم.
ويمتد هذا المصنع الجديد على مساحة تقدر ب 37 ألف و500 متر مربع، وذلك بالمنطقة الصناعية لطنجة أوطوموتيف سيتي، الواقعة على بعد 35 كلم من ميناء طنجة المتوسط المتواجد في موقع استراتيجي بين أوروبا وإفريقيا. وستنتج هذه الوحدة توربينات من نوع «إس دوبل في تي دي دي 130» التي تصل قدرتها المعيارية إلى 4,2 ميغاواط وشفرات «بي 63 – 10» بطول يصل إلى 63 مترا، والتي ستخصص لتجهيز المشاريع المحلية، وأيضا، للتصدير نحو أوروبا وإفريقيا والشرق الوسط. كما يعتبر هذا المصنع قادرا على إنتاج نماذج أخرى من الشفرات، التي يمكن أن يبلغ طولها 75 مترا، وهذه الشفرات الكاملة تصنع باستعمال تكنولوجيا دقيقة ومواد مركبة. وفي كلمة خلال حفل التدشين، أشار وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، مولاي حفيظ العلمي، إلى أن هذا المشروع، الذي يندرج ضمن اتفاقية الشراكة الموقعة بين الوزارة والمجموعة في مارس 2016، سيساهم في توسيع القاعدة الصناعية للمغرب، كما يشكل دينامية قوية للنمو الاقتصادي، لافتا إلى أن هذا المشروع الاستراتيجي تطلب استثمارا يصل إلى 100 مليون أورو (1,1 مليار درهم) وسيساهم في إحداث 600 منصب مباشر و 500 وظيفة مساعدة. وأكد على أن هذه الوحدة الصناعية «تطمح إلى دعم تطوير المغرب والقارة الإفريقية، وتعزيز التنافسية الدولية للفاعل الدولي سيمنس، ونحن نعول على ارتفاع قوي في الاندماج في قطاع الطاقات المتجددة»، معتبرا أن هذا المصنع يستفيد من موقع بارز في المنطقة الصناعية طنجة اوطوموتيف سيتي، وهو ما سيمكنه من الاستفادة من الموقع الاستراتيجي ومن البنيات التحتية الكبيرة المتوفرة.
دفعة جديدة في مجال تفعيل عملية إنتاج الطاقة الشمسية بالمغرب وفي هذا الإتجاه تم أخيرا، تخريج أول دفعة للتقنيين المختصين في مجال الطاقة الشمسية ، بعدما استفادوا من دورة تكوينية لتطوير المهارات والخبرات أشرفت عليها كل من الوكالة المغربية للطاقة الشمسية ،مكتب التكوين المهني ، ومجموعة الهندسة والبناء «سينير».
وقد مكنت الدورة التدريبية الأولى التي جرت بمدينة ورزازات من 3 يوليوز إلى 16 شتنبر 2017، من تكوين 42 طالبا في مجالات الطاقة الشمسية المركزة، حيث أشرف على هذه الدورة التكوينية خبراء من سينير وأساتذة مُكوِنين . وقبل بداية الدورة التكوينية، رافق فريق الاساتذة المُكوِنين، فريق من خبراء سينير وذلك للمساهمة في خلق مهارات جديدة وتعزيز نقل المعرفة في مجال التكنولوجيات الحرارية إلى مؤسسات التدريب المحلية. وقد تم تأهيل الخريجين للعمل كتقنيين وعاملين، بحيث تلقوا تكوينا يستند على 16 وحدة نظرية بالإضافة الى زيارات ميدانية لمجمع نور بورزازات لتعريفهم بمحطات الطاقة الشمسية، في حين تمت برمجة دورة تكوينية ثانية مع بداية العام المقبل 2018 لفائدة 50 طالبا.
وحول ذلك قال رئيس الوكالة المغربية للطاقة الشمسية (مازن «أن هذا التكوين هو التعبير الملموس عن التزام مازن بتطوير المهارات، وهو أحد أركان نهجنا المتكامل. ومع انقضاء الدورة الأولى، سيتمكن 69٪ من الخريجين من الالتحاق بفرق المراقبة لتشغيل وصيانة محطات نور ورزازات2 و3. و سينضمون إلى 2541 عاملا بالمحطتين، الذين ينحدر جلهم من ورزازات وغسات» ويذكر، أن محطة نور ورزازات 2 ، على غرار نور ورزازات 1 ، تستخدم تكنولوجيا الطاقة الشمسية الحرارية بالاعتماد على ألواح لاقطة مقعرة بقدرة تخزين تصل إلى 200 ميغاواط، وتقوم شركة نور ورزازات 3 بإدخال تقنية فرعية جديدة للطاقة الشمسية الحرارية تسمى « منصة الطاقة الشمسية المركزة « والتي تبلغ قدرة إنتاجها الإجمالية حوالي 150 ميغاواط مع التخزين، وقد وفرت مازن التمويل اللازم لاستثمار المشروعين بمبلغ يقارب 17 مليار درهم،ويتوقع أن يتم تسليم هذه المشاريع في 2018.
ويذكر، أن الوكالة المغربية للطاقة الشمسية هي المسئولة عن إدارة الطاقات المتجددة في المغرب وتوليد الكهرباء من خلال مشاريع كبيرة وحشد التمويل اللازم، وتقوم برامجها على تطوير مشاريع طاقة إنتاجية إضافية من الكهرباء تصل إلى 3 آلاف ميغاواط بحلول عام 2020 و6 آلاف ميغاواط بحلول عام 2030.