بعد سنوات من الاحتجاج أمام مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمؤسسات الرسمية، توصلت الحكومة أخيراً إلى اتفاق مع المعتقلين السياسيين السابقين، ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، يقضي بتسوية كافة الملفات المتعلقة بجبر الضرر الفردي قبل نهاية السنة الجارية. وكان العديد من ضحايا الأحداث الأليمة، التي شهدها المغرب سنوات 1965 و1981 و1984 و1990 والتي تراوحت ما بين القتل خارج نطاق القانون والإصابة بالرصاص وعاهات مستديمة إضافة إلى الاعتقال التعسفي والاختطاف والتعذيب في السجون، لم يستفيدوا من جبر الضرر الذي أقرته هيئة الإنصاف والمصالحة؛ لأنهم قدموا ملفاتهم خارج الآجال القانونية. تسوية الملفات العالقة لهذه الفئات المتضررة جاءت على لسان رئيس الحكومة خلال الإعلان الرسمي عن خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث نوّه العثماني بتجربة هيئة الإنصاف والمصالحة "التي مكنت بلادنا من قراءة شجاعة لماضيها والكشف عن حقيقة ما جرى، وجبر أضرار ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتحديد ضمانات عدم التكرار، وفق مقاربة شمولية تروم توطيد الانتقال الديمقراطي وضمان القطيعة مع أخطاء الماضي". أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، قال، في تصريح لهسبريس، إن تدخل الحكومة جاء بعدما رفض المجلس الوطني لحقوق الإنسان تسوية وضعيات الضحايا بداعي تقديم طلباتهم خارج الآجال التي حددتها هيئة الإنصاف والمصالحة، واعتبر أن "جبر الضرر المادي إيجابي ولكنه لا يطوي ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وقعت في المغرب". وأوضح الحقوقي أن الطي النهائي للملف سالف الذكر يتطلب كشف الحقيقة في قضية المختطفين ومتابعة المسؤولين عن التعذيب والاختطاف، وتسليم العائلات معلومات حول الضحايا ونتائج الإجراءات والإفصاح عنها للرأي العام. وطالب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الحكومة بتنفيذ كافة التوصيات التي جاءت في التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، وأشار إلى أن "الخطة الوطنية التي أعلن عنها وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان أغفلت هذه النقاط؛ من قبيل إلغاء عقوبة الإعدام، والمصادقة على اتفاقية روما بشأن الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية". وكانت هيئة الإنصاف والمصالحة قد أكدت، بعد افتحاصها للملفات المعروضة عليها، أن الانتهاكات الحقوقية تمثلت أساسا في المس بالحق في الحياة لعدد من المواطنين؛ من بينهم أطفال وأشخاص لم تكن لهم أية مشاركة في تلك الأحداث. وأقرت الهيئة أن الانتهاكات في حق هؤلاء الضحايا "جاءت لعدم الالتزام بالمعايير والمبادئ الدولية في مجال حقوق الإنسان ذات الصلة بشروط وقيود استعمال القوة العمومية، ترتب عنه استعمال غير متناسب ومفرط لتلك القوة مما تسبب في حدوث وفيات".