لامس كبار الخبراء الاقتصاديين العالميين والأفارقة مكامن الخلل الذي يعاني منه الاقتصاد الإفريقي، والمتمثل في غياب فرص المساواة بين المناطق الجغرافية للقارة، والتي تؤثر سلبا على التنمية الاقتصادية للقارة السمراء. ورصد الخبراء الاقتصاديون، الذين يشاركون في منتدى الحوارات الأطلسية حول التحديات التي تجابه القارة الإفريقية بمدينة مراكش على مدى ثلاثة أيام، غيابا تاما لاستراتيجية واقعية وحقيقية للتعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي فيما بين الدول الإفريقية؛ وهو ما قالوا إنه يشكل إصرارا من لدن الدول الإفريقية على مراكمة الأخطاء نفسها، واعتبروه مسألة تستوجب العمل على تجاوزها والمضي قدما في طريق التعاون لكي تتمكن من الاضطلاع بالمكانة التي تستحقها القارة السمراء في المشهد العالمي. وشدد دومينيك ستراوس كان، الخبير الاقتصادي الفرنسي والمدير السابق لصندوق النقد الدولي، على ضرورة أن تركز الدول الإفريقية على تدارك الفوارق التي تعيق النمو الاقتصادي للقارة، ضاربا المثل في هذا الإطار بتمكن الدول المتقدمة من تجاوز الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية التي ضربت في السنوات الماضية الاقتصاد العالمي. واعتبر دومينيك ستراوس كان أن "لا مناص من التعاون، فالسبيل الوحيد لتتجاوز القارة مشاكلها هو وضع نظام متكامل وواضح المعالم للتعاون فيما بين الدول الإفريقية، على غرار ما قامت به الدول المتقدمة في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة، فلتتذكروا تلك الأزمة وكيف اشتغلت الدول الغربية بشكل مشترك لمعالجة الأمر وتجاوز كل ما يعكر نموها الاقتصادي، خاصة مجموعة الدول العشرين G20. وانتقدت الخبيرتان لويز بارييرا داسيلفا، من بنك سيتيلمنت الدولي، وأونتوانيت سايح، من مركز غلوبال ديفليمنت، الأخطاء التي يتم ارتكابها على الصعيد القاري، حيث اعتبرتا أن السبيل الأوحد لكي تتمكن إفريقيا من نفض الغبار عن نهضتها الاقتصادية تمر عبر الاندماج الاقتصادي يشكل عتبة رئيسية لضمان التماسك الاجتماعي وتقليص الهوة التنموية بين جهات القارة السمراء. وقالت الخبيرتان إن هناك العديد من النقائص التي تعتري النموذج التنموي الاندماجي الإفريقي، والتي ترتبط بتفاوت وتيرة النمو بين شمال القارة ووسطها وجنوبها. وأكد باقي المشاركين أن، عددا من المناطق في القارة السمراء، باستثناء شمالها وجنوبها، تعاني بطئا على هذا الصعيد نتيجة غياب الانسجام السياسي والسياسات النقدية، بفعل عوامل مؤسساتية واضطراب الاستقرار السياسي وغياب الحكامة. ورصد المشاركون وجود العديد من العقبات البنيوية والهيكلية التي تحول دون تدفق وانتقال رؤوس الأموال المنتجة؛ وهو ما يؤدي إلى تراجع النمو في هذه المناطق، مؤكدين أن التقارب الاقتصادي ضرورة ملحة لتجاوز الإخفاقات التي توجد بالعديد من المناطق، من خلال دعم الإطار المؤسساتي، وتعزيز القطاع الماكرو اقتصادي والشغل من أجل بلوغ النمو المستدام والمندمج.