أكد الاقتصادي والمدير العام السابق لصندوق النقد الدولي، دومينيك ستراوس كان، يوم الجمعة الأخير بمراكش، أن الاقتصاد المغربي يتطور في الاتجاه الصحيح، وأن الإصلاحات التي انخرطت فيها المملكة في هذا الميدان بدأت منذ مدة تعطي ثمارها. وأعرب ستراوس كان، في محاضرة ألقاها بالجامعة الخاصة بمراكش حول موضوع «البلدان الصاعدة في ظل الحكامة الدولية»، عن اعتقاده الراسخ بكون الاقتصاد المغربي يعد اقتصادا صاعدا ويسير في الاتجاه الصحيح، وأن ما يقع حاليا بالمغرب مهم جدا تعكسه الإصلاحات المنجزة. ولاحظ، في هذا السياق، أنه بالرغم من الصعوبات والمخاطر في ظل سياق اقتصادي عالمي صعب، استطاع الاقتصاد المغربي تحمل الأزمة ومواجهة آثارها بحنكة، معتبرا أن على المغرب أن يضفي دينامية جديدة على علاقات التعاون مع شركائه التقليديين والانفتاح على آخرين وخاصة بالقارة الإفريقية. وقال «لا أزال أعتقد أن الحضور المغربي في منطقة دول الساحل، من خلال برامج تمويل المشاريع والمؤسسات البنكية وقطاع الطيران، يشكل مؤهلا من شأنه تعزيز اقتصاد المملكة وتبويئه مكانة متميزة من أجل ربط علاقات شراكات وتعاون متميزة ليس فقط مع الاتحاد الأوروبي ولكن أيضا مع بلدان الجنوب». واعتبر أن تحقيق التنمية بالقارة الإفريقية ينطلق، بالأساس، من خلال تطوير قطبين هامين وهما جنوب إفريقيا والمغرب، مشيرا إلى أنه مقارنة مع الوضع الحالي بالعالم العربي، يتوفر المغرب أكثر من أي وقت مضى على فرص يتعين عليه استثمارها من أجل إبراز ريادته على عدة أصعدة. وعلى صعيد آخر، نوه ستراوس كان بالعلاقات الممتازة التي تربط المغرب بالمؤسسات المالية العالمية الكبرى منذ سنوات ومن بينها صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن آليات الحكامة الجيدة التي وضعها المغرب مكنته من التحكم في اقتصاده. وأضاف أن العلاقات القائمة بين المغرب وصندوق النقد الدولي في مستوى جيد وتتطور إلى أحسن، مستحضرا، في هذا الصدد، الخط الائتماني التي خصصه الصندوق مؤخرا للمغرب بغلاف مالي يصل إلى 2ر6 مليارات دولار، معتبرا أن هذه المبادرة التي أقدم عليها الصندوق تعد بمثابة إشادة من قبله بالاقتصاد المغربي. من جانب آخر، أكد دومينيك ستراوس كان على ضرورة التعاون بين الدول من أجل إيجاد حلول للأزمات الاقتصادية التي تواجه العالم بدل الاكتفاء بالبحث عن حلول محلية لهذه الأزمات بالنظر لشمولية الاقتصاد العالمي. وفي معرض تطرقه إلى أزمة منطقة الأورو، أشار الاقتصادي الفرنسي إلى أن سبب عدم الحد من هذه الأزمة يرجع بالأساس إلى سوء الحكامة وعدم قدرة القادة الأوروبيين على اتخاذ القرار المناسب لعدة اعتبارات، محذرا من أن آثار هذه الأزمة من شأنها أن تمتد مستقبلا إلى بلدان المنطقة. وبعد أن أبرز الدور الهام الذي تضطلع به الاقتصاديات الصاعدة في النمو العالمي وفي مسلسل الحكامة الدولية، شدد ستراوس كان على ضرورة إيلاء مزيد من الاهتمام لهذه الاقتصاديات من خلال إعطائها مكانة متميزة داخل المؤسسات المالية الدولية.