قال سعد الدين العثماني إن زمن انفراد وزارة الداخلية بالانتخابات وأن تفعل بها ما تريد قد ولى مؤكدا في حوار خص به هسبريس أن نضال حزب العدالة والتنمية من أجل تنقية الأجواء السياسية سيستمر. وأكد رئيس المجلس الوطني لحزب المصباح أن ملف الانتخابات سياسي بامتياز، وبالتالي فالوزارة الأولى هي من يجب أن تقوم بالمشاورات والإعدادات، وبحضور وزارة الداخلية نعم، لكن ليس بقيادتها. واعتبر العثماني أنه لم يعد من الممكن التساهل مع ما أسماه الممارسات التي أساءت كثيرا للسياسة في بلادنا. مضيفا أننا نستقبل عهدا جديدا بعد التصويت على الدستور، فكيف يستساغ أن نعيد اختلالات انتخابات 2007 وانتخابات 2009، وكيف يقبل ألا تتخذ تدابير مواجهة الإفساد الانتخابي، يتساءل سعد الدين العثماني. كيف يرى رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية المشاورات حول القوانين الانتخابية بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية؟ قامت وزارة الداخلية باستشارات مع زعماء الأحزاب السياسية فيما يخص مشاريع القوانين التي تعرض على مجلس النواب، وككل الاحزاب قدمنا مذكراتنا سجلنا فيها مجموعة من الملاحظات، التي يمكن أن أقول إن بعضها قدمتها أحزاب أخرى. لكن فوجئنا بأن مشاريع القوانين النهائية لم تأخذ بعين الاعتبار بأي من ملاحظاتنا، ولا ملاحظات بعض الأحزاب الأخرى التي كانت تسير في الاتجاه نفسه. وبالتالي فنحن أمام مشهد سريالي متناقض، فمن جهة هناك مشاورات تجري، ومن جهة أخرى لا تكاد تفضي إلى تقدم. هل نفهم من كلامكم أن هذه المشاورات لا تعدو أن تكون شكلية ووزارة الداخلية تفعلت ما تريد؟ يمكن أن نقول أن الداخلية تحاول أن تفعل ما تريد، فرغم التطمينات التي تقدمها، فيما يخص اللوائح الانتخابية، والإعداد السياسي الجيد للانتخابات، والقانون التنظيمي لمجلس النواب، والتقطيع الانتخابي، فإن التعثر في الإعداد وتكرار نفس الاختلالات والتباطؤ، هي سيدة الميدان. ورسالتنا في هذا الاتجاه واضحة، فزمن انفراد وزارة الداخلية بالانتخابات وأن تفعل بها ما تريد قد قد ولى ولهذا عبرنا عن رأينا وانتقاداتنا لطريقة الإعداد. وأكثر من ذلك يعتبر إدارة وزارة الداخلية للحوار خللا في حد ذاته، فالملف سياسي بامتياز، والوزارة الأولى هي من يجب أن تقوم بالمشاورات والإعدادات، بحضور وزارة الداخلية نعم، لكن ليس بقيادتها. وانتقاداتنا هي التي جعلت وزارة الداخلية، ثم الحكومة، تقومان بالرد. على ذكر رد الداخلية أو لنقل رد الحكومة كيف ترون هذا الأمر في هذا الوقت بالذات؟ أعتقد أن رد الحكومة على تصريحات قام بها نواب برلمانيون في لقاء للجنة الداخلية واللامركزية والبنات الأساسية بمجلس النواب، يحمل العديد من الاختلالات. فهو من جهة أولى يعتبر محاولة لتهريب موضوع النقاش خارج مجلس النواب، عوض تحمل مسئولية المواجهة والرد والإقناع داخله. ومن جهة ثانية تتحمل الحكومة مسئولية خرق مقتضيات الدستور الذي يضمن في الفصل 64 للبرلماني حق إبداء رأيه بحرية. وهذا النوع من الرد يعني أن الحكومة تريد الحجر على النواب، كأن مشاريعها مقدسة وطريقة تدبيرها للانتخابات مقدسة. ومن جهة ثالثة ضخم بلاغ الحكومة الموضوع بشكل يبلبل الرأي العام، ويخرج النقاش عن إطاره السياسي بوصفه انتقادات من قبل المعارضة للتدبير الحكومي إلى الحديث عن التشكيك وما شابهه. لكن يجب أن نكون واضحيين بالمناسبة، حزب العدالة والتنمية وجد للنضال وسيواصله، لأن هدفنا هو الإسهام في الإصلاحات السياسية الجادة، ليدخل المغرب بوابة الديمقراطية إذ لم يعد ممكنا أن نرى انتخابات مزروة كما كانت في السابق، وبالتالي لم يعد من الممكن التساهل مع هذه الممارسات التي أساءت كثيرا للسياسة في بلادنا. كما أننا نستقبل عهدا جديدا بعد التصويت على الدستور، فكيف يستساغ أن نعيد اختلالات انتخابات 2007 وانتخابات 2009، وكيف يقبل ألا تتخذ تدابير مواجهة الإفساد الانتخابي؟ ومن هنا نقول أنه مهما كانت ردود الفعل، سواء من قبل وزارة الداخلية أو تعليقات تنشر في الصحافة، فإن هذا لن يغير في واقع الإعداد شيئا. ونحن الذي يهمنا هو أن تكون الانتخابات المقبلة مشرفة لوجه المغرب. وبالتالي إذا لم تكن وزارة الداخلية وعت بهذا الأمر فالخاسر هو البلد. كيف سيرد حزب العدالة والتنمية في المستقبل على وزارة الداخلية إذا ما استمرت في نهج نفس الاسلوب؟ نحن الآن في معرض مناقشة القوانين في مجلس النواب، ورأينا وموقفنا سنبقى معربين عنهما، وبأقصى ما نستطيع، وغير مستعدين أن نعطي شيكا على بياض لوزارة الداخلية فيما يخص القوانين الانتخابية. فالقوانين يجب أن تخضع لمنطق معين يسير في اتجاه النزاهة والشفافية، وجودة الإعداد لهذه الانتخابات. ما المطلوب دكتور سعد قبل أن ندخل غمار الاستحقاقات القادمة؟ المغرب محتاج إلى تنقية الاجواء السياسية قبل دخول غمار الاستحقاقات القادمة ويمكنني أن أقول أن هناك خمس ملفات أساسية مستعجلة ويجب تصفيتها للانتقال الديمقراطي في المغرب ومن ثم إعادة الثقة للمواطنين في العملية السياسية، وأعتبرها بمثابة حجر الزاوية ولها الأولوية على الإصلاحات المرتبطة بالشأن الانتخابي. الملف الأول هو الحفاظ على الحقوق الفردية والجماعية وإعطاء السيادة للقانون، كإشارات لملامح تدبير سياسي جديد. وأعتقد أن ملف الاعتقال السياسي في مقدمتها، وبالتالي من الضروري إعادة النظر في الاعتقالات التي طالت عددا ممن لم توفر لهم المحاكمة العدالة بشهادة الجمعيات والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية بعد أحداث 16 ماي الارهابية، مثل الأستاذين الكتاني ورفيقي، ومعتقلي 20 فبراير وغيرهم ممن لم يثبت في حقهم التورط في أي إعمال إجرامية. ثاني هذه الملفات الأساسية فهو إطلاق حرية الصحافة وذلك لما لها من دور في فضح الفساد وتسليط الضوء على الاختلالات، ووقف المحاكمات التي تطال الصحفيين، والغرامات المبالغ فيها. الملف الثالث إصلاح القضاء، في استقلاله ونزاهته وفاعليته. وأعتبر هذا الأمر واحدا من التحديات التي تواجه المغرب في مرحلة ما بعد الدستور الجديد، لأنه للأسف حتى في دستور 1996 كان النص الدستوري واضحا في إقرار استقلالية القضاء إلا أن الواقع كان عكس هذا الأمر. إننا اليوم نحتاج إلى القطع الحقيقي مع قضاء التعليمات. أما الملف الرابع فهو الفصل الحقيقي بين المال والسلطة حتى تكون المنافسة الاقتصادية مبنية على أسس من النزاهة والشفافية. الملف الخامس يهم مقاومة الفساد، وهو ما يحتاج إلى برنامج كامل يدمج الجوانب القانونية والتنظيمية والتوعوية وغيرها. معنى هذا أن المغرب لم يحقق لحدود الساعة الانتقال الديمقراطي؟ أرى أن المغرب لم يخرج بعد من مرحلة الانتقال الديمقراطي. وكلما بدا أننا نتقدم، تظهر بعض المظاهر والممارسات التي تجرنا إلى الوراء. الأمل هو أنه مع الدستور الجديد نقول قد قطعنا مع تلك الممارسات، وتسهم الدولة والأحزاب والنخب السياسية والفعاليات المدنية في ترسيخ التوجه الديمقراطي. بهذا المنطق هل يمكن أن نقول أن سعد الدين العثماني لا يزال يساند مطالب حركة 20 فبراير، التي ما زالت تتحدث عن أن المغرب لم يعرف أي تقدم؟ هذا مؤكد، وقبل هذا لابد من التأكيد أن حركة 20 فبراير والتي أحييها من هذا المنبر، كانت لها مساهمة مقدرة في الدفع بعجلة التغيير في المغرب، من خلال ديناميتها، والتي حركت الشارع المغربي بحيث جعلت الإصلاحات التي كان الناس يظنونها بعيدة، قريبة وممكنة. وفي تقديري إن غياب إجراءات عملية وملموسة للإصلاح على الأرض وخصوصا ما يمس منهج التحكم في الحياة السياسية وفي تدبير الشأن العام، والمعيش اليومي للمواطن، واستمرار نفس السلوكات الحاضنة للفساد والرشوة والمحسوبية واقتصاد الريع، واستمرار تردي قطاعات يحتاج إليها المواطن حاجة ماسة مثل التعليم والصحة وغيرها مبررات كافية لاستمرار الاحتجاجات المذكورة.