قراءة في آخر مستجدات العالم العربي من خلال جريدة هسبريس الرقمية إن أي متتبع لآخر الأخبار التي تخص تطورات الساحة العربية يلاحظ التناقضات العارمة التي يتخبط فيها العالم العربي، وقد اخترت كمثال على ذلك جدول المستجدات (24 ساعة) من جريدة هسبريس الرقمية لإحدى لحظات يوم الخميس 7 ديسمبر 2017، وتحديدا ما بين الساعة 12:06 و16:09، إذ ينطوي كل خبر يخص العرب على تعارض صارخ. وتتضمن هذه اللحظة الزمنية المنتقاة أربعة مستجدات مختلفة من حيث السياق (المكاني والزماني) والحدث، وهي تتحدد كالآتي: أولا، الإمارات تدين اعتراف ترامب بالقدس: ويتعلق التخبط هنا في أن الإمارات العربية المتحدة بَارَكْت قبل مدة ليست بالطويلة سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء زيارته للمملكة العربية السعودية في شهر ماي من هذه السنة (2017)، بل واتهمت حركة المقاومة الفلسطينية حماس بالارهاب، كما كشفت إحدى وثائق ويكيليكس عام 2006، حيث عبرت الإمارات عن قلقها بفوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية، وصنفتها حركة إرهابية! وها هي اليوم (وحلفاؤها الخليجيون) تستنكر اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهي تناقض بذلك ما كانت قد أعربت عنه وخططت له، فكيف يمكن تفسير هذا المستجد الذي يبعث على الاستغراب؛ هل بالجنون أم بالغباء أم بالضحك على الذقون؟ ثانيا، قطر تقتني طائرات فرنسية بأزيد من 6 مليارات دولار: ولعل من شأن هذه الميزانية الضخمة أن تسد رمق جميع جياع العرب، فكان الأولى لها أن تخصص القسط الأهم من هذه الأموال الطائلة لتمويل مشاريع إنسانية موجهة إلى اللاجئين السوريين والعراقيين واليمنيين والدول العربية والإسلامية الفقيرة، كالبنغلاديش مثلا التي استقبلت أكثر من مائة الف لاجيء من الروهينجا. وهكذا يمكن لدولة قطر أن تعكس الصورة التي تسوقها لنفسها إعلاميا ودبلوماسيا على أرض الواقع. لأن مثل هذه الصفقات لا تتم إلا لغاية واحدة، وهي التودد والتقرب إلى الغرب عن طريق إرضائه واستمالته بهذه الصفقات الاقتصادية والتجارية، التي يسعى إليها كل رئيس جديد حثيثا، لتوظيفها لاحقا بمثابة أوراق رابحة أثناء الاستحقاقات الرئاسية، حيث سلطة الأرقام لا تقاوم في ميزان الإعلام والسياسة. أما الجهة المستوردة للسلاح فلا شغل لها إلا تخزين آخر ما جادت به مصانع الغرب والشرق من أسلحة، إلى أن يتقادم في المخازن من دون أي استعمال! ثالثا، قرار ترامب حول القدس يثير موجة استنكار عالمية: وقد ظهر هذا جليا في مختلف وسائل الإعلام الدولية، حيث سارعت مختلف العواصم والدول الأوروبية والأسيوية إلى التعبير عن شجبها لقرار ترامب الجائر، وهكذا لعبت الدور الذي كان على العرب أن يلعبوه ليس اليوم، بل منذ أن نصب ترامب رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية في 20 يناير 2017، وقد أطلق في حملته الانتخابية مجموعة من الوعود، منها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وما قام به اليوم لا يعدو أن يكون إلا الوفاء بالعهد الذي كان قد قطعه على نفسه! وكان الجميع يدرك هذا الأمر من خلال السياسة الصلدة والمتعنة التي انطلق بها الرئيس الأمريكي الجديد، ومع ذلك عملت دول الخليج على الاحتفاء به أيما احتفاء، وتقديم الدعم الحاتمي السخي له، دون أي شرط مذكور، اللهم إلا شيطنة إيران واتهام حزب الله وأخونة حماس والإخوان المسلمين! رابعا: أمير سعودي يقتني لوحة ب 450 مليون دولار: هذا الأمير السعودي يقتني هذه اللوحة التشكيلية في الوقت الذي يقوم فيه ولي عهد المملكة السعودية بمحاسبة المفسدين ومعاقبتهم. ترى متى يأتي الدور على هذا الأمير الذي يمكن له بهذا المبلغ الهائل أن يشتري كل اللوحات التشكيلية التي أنجزت في العالم العربي أثناء القرن العشرين والواحد والعشرين، بل ويمول بهذه الأموال الخيالية كل الفنانين والرسامين العرب ليستمروا في العطاء إلى آخر حياتهم؟ هذه قراءة بسيطة في آخر المستجدات المتعلقة بالمشهد العربي الحالي، وهي تنطوي على تناقضات صارخة تعكس بحق الوضعية الاشكالية و"الغرائبية" التي وصل إليها العرب، فصاروا أضحوكة تتسلى بها الأمم شرقا وغربا!