يبدو أن التسويق الإعلامي المبالغ فيه الذي نهجته جبهة البوليساريو الانفصالية، إثر مشاركتها في القمة "الأورو إفريقية" المنعقد أخيرا في العاصمة الإيفوارية أبيدجان، بالقول إن مشاركتها تعد "انتصارا"، لاقى سخطا عارما في الأوساط الصحراوية المعارضة. وخرج محمد سالم ولد السالك، القيادي في التنظيم الانفصالي، الذي يحمل صفة "وزير الشؤون الخارجية"، بتصريح صحافي من العاصمة الجزائر يدعي فيه أن "قمة أبيدجان"، التي عرفت حضورا لافتا للملك محمد السادس بجانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، "أثبتت أن التعايش بين الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية ممكن وممكن جدا، وأمر حتمي لا مفر منه". تصريحات المسؤول الانفصالي جاءت بعد أخرى مماثلة على لسان زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، الذي قال إن حضور الجبهة، بصفة "الجمهورية الصحراوية"، خلال أشغال القمة، "انتصار للشعب الصحراوي وقضيته العادلة"، على حد تعبيره. إلا أن أصواتاً معارضة للقيادة الانفصالية رأت غير ذلك؛ إذ تحدثت وسائل إعلام صحراوية مقربة من قيادات سابقة في الجبهة، بينها موقع "المستقبل الصحراوي"، عن أن الأمر لا يعدو أن يكون "نصرا كاذبا يحقق هزيمة مؤكدة"، معتبرة أن هذا الشعار "نتيجة الخطاب الكاذب الذي يمارسه نظامنا وقيادتنا ودبلوماسيتنا وأقلام الكذب وشعراء البلاط، للتغطية على إخفاقاتهم ورفع معنوياتنا ولو مؤقتا وبعدها فليأتي الطوفان". وتابع مقال حمل الشعار المذكور نفسه أن قيادة "البوليساريو" تروج لما وصفه "سلسلة كبيرة من الانتصارات الوهمية"، وأضاف: "آخر تلك الانتصارات الكاذبة كان تسويق تقاسم المغرب لإفريقيا مع الجمهورية الصحراوية كنصر مؤزر، ليصدم الشعب بواقع أن المغرب بات ينافسنا في إفريقيا ويعمل على إبعادنا وأصبح حضورنا في قمم الاتحاد الإفريقي غير مؤكد ودونه مناكفات وقرارات، بعد أن كان الرئيس محمد (عبد العزيز) رحمه الله يحضر كل القمم دون أي مناكفات أو قرارات". ويرى المنبر الصحراوي ذاته أن أكاذيب البوليساريو وتسويقها لانتصار مزعوم ظهرت أيضا من خلال "تسويق الانسحاب 5 كيلومترات الى الوراء في الكركرات دون شروط كنصر دبلوماسي مؤزر"، و"فتح سفارة مغربية في ثاني عواصم العالم تحالفا معنا بعد الجزائر، وإعلان التبادل الدبلوماسي المغربي الكوبي"، مشددا على أن "النصر الكاذب يرفع المعنويات مؤقتا لكنه في الواقع معول هدم لها". في سياق ذلك، خرج عدد من النشطاء الصحراويين، خاصة الملتئمين في حركة "خط الشهيد"، وهو التيار المنشق المعارض لتنظيم "البوليساريو" الانفصالي، بما وصفوه "المبادرة الصحراوية من أجل التغيير"، دقوا من خلالها ناقوس الخطر حول "المشاكل الاجتماعية الناجمة عن سنوات اللجوء والحرب وتحسين الخدمات وإيجاد حلول لآمال شبابنا اليائس، وتوسيع دور المرأة وبلورة استراتيجيات استباقية، لمواجهة القضايا الشائكة كالتهريب والتطرف". الواقفون وراء الخطوة، الذين كشفوا أن هناك موعدا قريبا سيعلن لأجل "تحديد توجهاتها المستقبلية واللوائح التنظيمية العامة"، هاجموا الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، وقيادتها الحالية، بالقول إنهم يتعاملون مع الصحراويين على أساس "هيمنة الخطاب السلطوي الأحادي"، مطالبين في الوقت آنه ب"تعديل الخطاب السياسي وتطوير أساليب التسيير، ومواجهة ممارسات الفساد وسوء استخدام السلطة"، بحسب نص المبادرة.