ترتفع معدلات الانتحار كل عام، في أوساط المراهقين داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية، رغم محاولات الجهات الرسمية وغير الرسمية المستمرة الرامية لتقليل هذه الظاهرة التي باتت تفتك بصغار السن. وحسب أحدث إحصائيات متوافرة نشرها مركز السيطرة ومنع الأمراض (حكومي)، فإن عدد المنتحرين الذين تتراوح أعمارهم بين 10-24 عامًا بلغ 5 آلاف و900 شخص سنة 2015. وهذه النسبة ارتفعت مقارنة مع سنة 2014، إذ وصل العدد إلى 5 آلاف و519 من بين 64 مليونًا و470 ألفًا و546 شخصًا، من الفئة العمرية ذاتها. وتشير الإحصائيات ذاتها إلى أن عدد من يحاولون الانتحار بشكل عام سنويًا يبلغ حوالي 157 ألف شخص، تتراوح أعمارهم ما بين 10- 24 عامًا. ووفق المصدر ذاته، فإن عدد الذين يستخدمون الأسلحة النارية للانتحار بلغ ألفين و600 شخص، بينما يستخدم 432 السم، علاوة على ألفين و353 شخصًا ماتوا اختناقًا (شنقًا، غرقًا، باستنشاق الغاز). ويرى عالم النفس الأمريكي، كارل بكهارتس، أن "الزيادة التي يشهدها المجتمع الأمريكي بهذه الظاهرة المخيفة ناجمة عن ثقافتنا التي تشجع على الهروب بدلًا من الاندماج، وكذلك الإدمان، وكلها (عوامل) تكبح التفكير". ويضيف بكهارتس في أسباب الانتحار: "عندما يمر الشباب (الأمريكي) بألم عاطفي فإن الانتحار أو التفكير فيه يبدو الخيار الوحيد القابل للتطبيق. **أسباب ويعتقد أن فكرة الانتحار تسيطر على عقول عدد كبير من المراهقين في المرحلة العمرية التي يمرون بها، وما يصاحبها من تغييرات جسدية وهرمونية. ويتابع: "هشاشة المراهقين أمام فكرة الانتحار تعود في جزء منها لكونهم يمرون بمرحلة تتميز بكونها أكثر عاطفية، وفي الوقت نفسه، يعزلون أنفسهم عن ذويهم ليصبحوا أكثر استقلالًا". ويلخص المحلل النفسي دوافع المراهقين إلى الانتحار في: "المشاعر الناجمة عن التجارب العاطفية الشديدة التي يمرون بها كالخسارة، والرفض، والفشل، وخيبة الأمل، والإهانة، وغيرها". ويستطرد بكهارتس "أن هذا يجعلهم في تفاعل مستمر مع ألمهم، ويقطعهم عن التعامل مع الآخرين، فيلجؤون للهروب نحو الانتحار، ظانين أنه الخيار الأسهل أو الوحيد". ويشير بكهارتس الذي ألّف كتابًا بعنوان "كيف تعيش خلال مرور أطفالك بسن المراهقة"، إلى تأثير وسائل الترفيه المختلفة من مسلسلات وقصص خيالية وبرامج محاكاة الواقع والألعاب. قائلًا "بالنسبة للثقافة الشعبية في هذا البلد (أمريكا)، فهي تمجد كل أنواع العنف الاجتماعي (في وسائل الإعلام) على سبيل الإثارة والحرية الزائدة". ويعتبر بكهارتس أن هذا "يسهم في إكساب فكرة الانتحار بعدًا رومانسيًا لدى المراهقين". ويرى أن الانتحار ليس ضروريًا أن يكون شكلًا ل"إنهاء الحياة"، بل إن هناك أشكال أخرى. ويستشهد بكتاب الطبيب النفسي الأمريكي كارل مينينغر، "الإنسان ضد نفسه" لتوضيح دوافع الانتحار، والذي يصنف فيه المنتحرين إلى نوعين آخرين فيقول: "هناك قتل بقصد معاقبة من سيعثر على جثة المنتحر (لإشعاره بالذنب أو لاتهامه بقتله)"، فيما يُصنف (مينينغر) نوعًا ثالثًا يتمثل بأولئك الأشخاص الذين يعتقدون أن الموت بوابة لعالم أفضل". **حلول ويعتقد بكهارتس أن أحد حلول هذه الظاهرة، يكمن بأن تذهب المدارس نحو تدريب المراهقين على كيفية التحكم بعواطفهم. ويقول أيضًا: "يجب أن توفر مجالس أولياء الأمور والمعلمين في مدارس المرحلة المتوسطة والإعدادية برامج حول المؤشرات التي ينبغي البحث عنها في سلوك المراهقين، وما يمكن فعله للتعامل معها (ظاهرة الانتحار)". ويؤكد ضرورة مراقبة الوالديْن والأشخاص البالغين والأقران سلوكيات المراهقين والحالات والعواطف التي يمرون بها. ويحث المحلل النفسي الأهل على ضرورة فهم نفسية المراهق، حتى لو يضعوا أنفسهم أمام سؤال "لماذا لم نستطع التنبؤ بالأمر؟"، قبل الإقدام على الانتحار. ويفسر عالم النفس الأمريكي سبب ارتفاع معدلات الانتحار لدى المراهقين الذكور مقارنة مع الإناث بالقول إن "الفتيات لا يمانعن البوح بمشاعرهن أو التعبير عما يشعرون به، على عكس الفتية الذين يميلون إلى الكتمان كتعبير عن القوة". وتسجل معدلات الانتحار لدى المراهقين من الذكور والإناث تفاوتًا ملفتًا للنظر حيث انتحر 4 آلاف و610 فتيان تتراوح أعمارهم ما بين 10 و24 عامًا، من مجموع 32 مليونًا و986 ألفًا و109 ذكور في هذه الفئة العمرية. بينما انتحرت ألف و290 فتاة من الفئة العمرية نفسها، من بين 31 مليونًا، و484 ألفًا و437 أنثى.