"تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة من الحق في العلاج والعناية الصحية والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة..."؛ هكذا تحدث الدستور المغربي عن الحق في الصحة في فصله ال31. أما واقع بعض مناطق المغرب، ومنها الجماعات مترامية الأطراف بأزيلال التي يتجاوز عدد سكانها 300 ألف نسمة، فيكاد يكون الحديث عن المساواة في العلاج والعناية الصحية والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية بها ضربا من ضروب الخيال؛ فسقف مطالب قاطني هذه المناطق لا يتجاوز الحصول على مستوصف لتلقيح أبنائهم وإسعاف نسائهم. مستوصفات مهجورة مشيخة سورن الواقعة بجماعة سيدي يعقوب بإقليم أزيلال تتكون من عشرات الدواوير وتبعد من دمنات بحوالي 30 كيلومترا، تضم أزيد من 7000 نسمة، تعيش في فقر وتهميش وإقصاء، حسب التشخيص التشاركي المنجز لجماعة سيدي يعقوب؛ حيث يشكل غياب الخدمات الصحية العنوان الأبرز لمعاناة هذه الفئة من المواطنين. لحسن أكنو، مستشار بجماعة سيدي يعقوب، أورد في تصريح لهسبريس أن الساكنة تعيش معاناة حقيقية في جانب الخدمات الصحية نظرا لغياب مستوصفات قريبة، ما يجعلها تتكبد عناء التنقل إلى مستوصفات أخرى بعيدة لتلقي العلاجات الضرورية. وقال: "لقد راسلت كل الجهات المعنية، من جماعة سيدي يعقوب ومندوبية الصحة بأزيلال وعمالة أزيلال ووزير الصحة، وتلقيت في كل مرة وعودا دون أن تجد طريقها إلى أرض الواقع". وأضاف المتحدث أن هناك بناية لمستوصف تتواجد بالقرب من مدرسة أيت وايور بهذه المشيخة توقفت بها الأشغال منذ سنوات دون معرفة أسباب ذلك، وزاد: "توجهت كرئيس لجمعية اغرم للتنمية بملتمس إلى الجهات المعنية قصد تخصيص اعتماد مالي من المبادرة الوطنية لاتمام الأشغال بهذه البناية وإصلاحها من أجل تمكين الساكنة من الاستفادة من خدمات هذا المستوصف، إلا أنه لا شيء من هذا حدث"، على حد تعبيره. دواوير أخرى بجماعة واولى لا تقل بؤسا عن دواوير "سورن" بجماعة سيدي يعقوب، وتشكل المعاناة اليومية والتنقل عبر وسائل نقل بدائية طلبا للاستشفاء القاسم المشترك بينها. محمد تادوسي، أحد أبناء جماعة واولى فاعل جمعوي، قال في تصريح لهسبريس إن قاطني دواوير تلا نحلو، بوعنتر الجبل، وأيت لكوش، ووازنت، بجماعة واولى التابعة ترابيا لإقليم أزيلال، "يعيشون وضعية مزرية بسبب غياب مستوصف، الأمر الذي يدفع المرضى المنحدرين من هذه الدواوير إلى التوجه إلى مستشفيات الجماعات المجاورة، على الرغم من بعدها عنهم بأزيد من 30 كيلومترا". وأضاف المتحدث أن "المنطقة تعرف انتشارا للأفاعي والعقارب، ما يوجب توفر أمصال مضادة في عين المكان، وهناك النساء الحوامل اللواتي يحتجن إلى تتبع مراحل حملهن والإسعافات الضرورية، بالإضافة إلى أطفال تضطر أمهاتهن إلى التنقل إلى مستوصف جماعة ايواريضن من أجل الاستفادة من التلقيح أو من إسعافات أولية". وأشار الفاعل الجمعوي إلى أن جماعة واولى التي تتميز بشساعتها وبتشتت دواويرها ووعورة المسالك الطرقية بها، "تتوفر على سيارة إسعاف واحدة لا يمكن أن تلبي طلبات ساكنة الجماعة التي تتجرع هذه المعاناة، في الوقت الذي يمكن تفاديها بإنهاء الأشغال بالبناية المتواجدة بمركز وازنت التي توقفت بها الأشغال منذ مدة لتتحول إلى إسطبل للحيوانات وإلى مرحاض للعموم"، على حد تعبيره. غياب التواصل وقد حاولنا نقل معاناة هذه الساكنة إلى المكلف بإدارة المندوبية الإقليمية للصحة بأزيلال، وقمنا باتصالات متكررة من أجل الحصول على توضيحات حول هذه المستوصفات، إلا أن هاتفه ظل يرن دون مجيب، رافضا بذلك التعليق على مشكل عمّر لسنوات طوال، وظل يقض مضجع ساكنة أجبرتها ظروف الفقر والحاجة لترابط في جبال أزيلال.