يبدو أن تنبيه الملك محمد السادس، في افتتاح السنة التشريعية قبل شهر، إلى التأخر الحاصل في إخراج المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي إلى الوجود منذ التنصيص عليه في دستور 2011، لقي صداه عند المؤسسات الوطنية؛ إذ سارع المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى الكشف عن رأيه رسميا بعد طلب تلقاه من رئيس مجلس المستشارين. وتضمنت مذكرة رأي بشأن مشروع القانون رقم "89.15" المتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، التي وضعها "CNDH" على مكتب حكيم بنشماش، رئيس الغرفة الثانية بالبرلمان، عدة ملاحظات وتوصيات، يولي أغلبها الاهتمام بما يتعلق بأبعاد الاستقلالية والجهوية والدعم والحريات. وتضم أبزر تلك التوصيات أن تشمل الفئات العمرية المندرجة للشباب ما بين 15 و40 سنة، وإضافة صلاحيات جديدة تتعلق ب"إبداء الرأي بناء على طلب الهيئات الديمقراطية التشاركية لمجالس الجهات" و"المساهمة في التربية على المواطنة وتعزيز المشاركة المدنية للشباب"، وأيضا "منح جائزة وطنية في مجال الشباب وأخرى في مجال العمل الجمعوي". وشددت الهيئة التي يرأسها ادريس اليزمي على أن يتم "التنصيص صراحة على الطابع التعددي والمستقل للمجلس"، و"مراجعة صلاحية المساهمة في إثراء النقاش العمومي حول السياسات العمومية في ميادين الشباب والعمل الجمعوي لكي تشمل بصريح العبارة تتبع السياسات العمومية وتقييمها في ميادين الشباب والعمل الجمعوي". ويرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي آلية للانتصاف "فيما يخص حرية الجمعيات، بما في ذلك تلقي الشكايات ومعالجتها وفقا للدستور والقوانين الجاري بها العمل"، مع ضرورة "تضمين المعطيات المتعلقة بالحق في تأسيس الجمعيات وحرية ممارسة أنشطتها ضمن التقرير السنوي للمجلس". ويطالب "CNDH" بضرورة تقليص عدد ممثلي السلطات الحكومية في المجلس "في إطار تعزيز استقلاليته"، والتنصيص على "أنهم يحملون صفة أعضاء ملاحظين ولا يتمتعون بالحق في التصويت"، مع أهمية إحداث لجان جهوية للمجلس "يتم اختيار أعضائها من بين أعضاء الهيئات الاستشارية المحدثة بالمجالس الجهوية وفقا للقانون التنظيمي 114.14 المتعلق بالجهات". وفي صلة بتركيبة المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، يقترح "مجلس اليزمي" ضرورة "استحضار مبدأ التنوع والتعددية الثقافية واللغوية والمجالية"، و"وجوب تغطية محاور اهتمام الشباب الأساسية"، و"تدقيق الشروط والمواصفات الواجب توفرها في العضوية للمجلس بالنسبة للهيئتين، مع جعل المناصفة والنوع مبدأ عرضانيا، سواء بالنسبة للشباب أو بالنسبة للعمل الجمعوي". ولفت المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى ما وصفه موقفه المبدئي الذي سبق له التعبير عنه "بكيفية وافية ومفصلة ومعللة"، ويتعلق بإحداث مجلسين منفصلين يختص أحدهما بالشباب وقضاياه، والثاني بالعمل الجمعوي "اعتبارا لخصوصيات كل مجال من هذين المجالين"، و"لتباين الصعوبات والعوائق والإشكالات التي يثيرها كل منهما". وأوضحت الهيئة الوطنية أنه "ما دام المشرع قد ارتأى إحداث مجلس واحد يتضمن هيئتين"، فيجب "إعطاء بعد الجهوية مكانتها ضمن تنظيم المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي وسيره وعمله واهتمامه"، باعتبار أن الجهوية "من المكتسبات الديمقراطية والدستورية الهامة لبلادنا، وتجسيدا لمبدأ الفعالية والقرب والتمثيلية الفعلية للشباب". كما نصت توصيات المجلس الوطني في علاقة بالعمل الجمعوي على قضية الدعم القانوني لمنظمات المجتمع المدني ومواكبة أوضاعها وظروف اشتغالها ومدى تمتعها، "في نطاق القانون، بالضمانات والحريات التي يكفلها لها كل من الدستور وقانون الحريات العامة"، واقترح المجلس "وجوب إيلاء اهتمام كاف لإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة"، و"الانفتاح على الفاعلين الجمعويين في المجالات الجديدة"، مثل "جمعيات الأحياء، الجمعيات القروية، الجمعيات الفنية، جمعيات المهاجرين، جمعيات مشجعي الفرق الرياضية".