هو رجل غير معروف بفاس لا بمساره ولا بثروته، ولكن بوطنيته المجبول عليها وبدفاعه عن تراب بلاده. إنه عبد الرحمان اليوسفي العلوي، البالغ من العمر ثمانين عاما، الذي لم يتردد ولو لحظة واحدة في تلبية الواجب الوطني وركوب مغامرة المسيرة الخضراء سنة 1975، على غرار ال350 ألف من المغاربة يوحدهم الولاء والإخلاص للوطن. لم يكن هم اليوسفي العلوي آنذاك سوى تلبية نداء القلب النابض على حب الوطن الأم والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة ومغربية الأقاليم الجنوبية، متسلحا بالإيمان العميق بعدالة القضية الوطنية التي لم ولن تغيرها عوادي الزمان. في تصريح صحافي أعاد هذا الرجل بالذاكرة إلى الوراء بمناسبة الذكرى ال42 للمسيرة الخضراء المظفرة،و قال إنه "سواء كنت معروفا لدى قلة قليلة أو لم أكن معروفا البتة، كانت هناك حقيقة ثابتة، هي أني كنت من شباب العاصمة الروحية الذين لمسوا تراب الصحراء المغربية وأنا في عمر الزهور". واسترسل مزهوا بما تحقق ليسرد وقائع مشاركته برفقة نحو ثلاثين من متطوعين آخرين من أبناء حي "سيدي ابراهيم" بفاس، في ملحمة صنعت إحدى المحطات الناصعة في الصفحات المجيدة لتاريخ المملكة ككل. "كانت لنا مسؤولية كبيرة تجاه وطننا الأم لن يمحيها النسيان، إنها مسؤولية تحرير الصحراء المغربية من ربقة المحتل الإسباني، بأسلحة السلم التي لم تكن سوى العلم الوطني والقرآن الكريم"، بتعبيره. "لقد كانت الأيام ال35 التي قضيناها قصيرة، لكنها شكلت عيدا حقيقيا بالنسبة لنا" يقول اليوسفي العلوي، مضيفا أن "التنظيم كان بحق متميزا، والأجواء كانت رائعة امتزجت فيها مشاعر الوطنية بالعمل التطوعي الذي أبانت عنه مختلف جهات ومناطق المملكة". وأبان الرجل فعن قوة ذاكرته وهو يقلب الصفحات المجيدة لسنة 1975 والتي تدونها أغاني وطنية خالدة في مقدمتها "نادء الحسن"، كرائعة كرست الشعور الوطني لدى اليوسفي العلوي كما سائر الشعب المغربي، وسجل: "حدث المسيرة الخضراء ولد في نفسي الوعي بالتضامن والتعاون لتقديم الخدمة للآخر وتجسيد القيم النبيلة التي جبل عليها المغاربة"، مضيفا :"يحق لنا جميعا أن نفخر بهذه الملحمة المجيدة". إلا أنه حرص على التأكيد بقوله: "أجمل الذكريات التي أحتفظ بها من مشاركتي في حدث المسيرة الخضراء، والمؤرخة في صور بالأبيض والأسود، حصولي على وسام ملكي بمجرد عودتي من الصحراء رفقة زملائي، أثناء حفل استقبال أقيم بالقصر الملكي بفاس". وعبر هذا الرجل الثمانيني عن اعتزازه بمشاركته في هذه الملحة وعن استعداده للمشاركة في ملحمة أخرى لا تقل قيمة تاريخية ورمزية عن حدث المسيرة الخضراء، ليكون مثالا للمواطن الفخور بما قدمه لبلده المغرب في اللحظة التي احتاج فيها لكافة أبنائه. * و.م.ع