تتوفر جهة كلميم واد نون على العديد من المتاحف التاريخية التي تضم إرثاً تاريخياً وتحفظ الذاكرة الجماعية للسكان بالمنطقة، وتشكل عامل جذب لتنشيط السياحة الايكولوجية والواحاتية. ويعتبر متحف تغمرت، المتواجد وسط واحة على بعد 17 كيلومترا شرق كلميم، من أقدم هذه المتاحف التي تضم المئات من التحف والقطع الأثرية التاريخية المتنوعة التي توثق لنمط العيش بالمنطقة خلال القرون الماضية. مجهودات ذاتية شيد المتحف وسط واحة النخيل بقرية تغمرت داخل دار "أهلا بلال"، وهي من أشهر العائلات المعروفة في المنطقة تاريخيا، ويمتد عمر هذا البيت الى أكثر من ثلاثة قرون، وفقا للروايات المحلية. يقول جميل العبد، مؤسس متحف تغمرت التاريخي، في تصريح لهسبريس، إنه أطلق هذا المشروع قبل أكثر من ثلاثين سنة، بالتعاون مع أحد أقربائه، لحفظ ذاكرة الواحات والحياة الصحراوية. وأضاف أن "المشروع مبادرة خاصة في منزل قديم كان سابقا دار ضيافة، بعد جهود لسنوات من جمع واقتناء التحف والقطع الأثرية لدى السكان ومن مختلف مناطق واد نون وواحاتها". وأشار ابن المنطقة إلى أن "المتحف يضم المئات من التحف التاريخية، من أدوات مختلفة تهم الفلاحة وحياة البدو الرحل وأواني الطبخ، إضافة إلى أغراض الزينة عند النساء وأنواع الملابس التي كانت سائدة في القرون الماضية، وغيرها". وينفتح المتحف، بحسب القائمين عليه، على الكثير من المؤسسات الجامعية ومراكز البحوث داخل المغرب وخارجه؛ إذ يزوره بشكل دوري طلبة جامعات وباحثون وحتى طلاب المدارس الأجنبية بالمغرب. ويقول صاحب المتحف إن مشروعه يساهم في التنمية المحلية من خلال المساهمة في النشاط السياحي، رغم الركود الذي يعرفه هذا القطاع في السنوات الأخيرة، بحسب المتحدث ذاته. وطالب جميل العبد السلطات المعنية بمساعدته لتطوير هذا المتحف الذي يحفظ ذاكرة المنطقة، من خلال "ترميم البناية، وتكوين المشرفين في هذا المجال، وتوفير المواد لحفظ الجلود والتحف، وجبر الأضرار التي لحقت ببناية المتحف بعد الفيضانات التي ضربت المنطقة في السنوات الأخيرة". ويشارك العبد في معارض جهوية ووطنية بالتحف التاريخية التي يملكها، ويفتخر بأن شخصيات وطنية ودولية كثيرة وفنانين معروفين بصموا على الدفتر الذهبي لمتحفه وشرفوه بزيارته. سياحة الواحات هسبريس التقت في عين المكان السيدة كريستال، وهي سائحة فرنسية ضمن وفد سياحي يزور هذا المتحف التاريخي ضواحي كلميم، وصرحت لها قائلة: "أنا معجبة جدا بهذا المتحف الذي يضم قطعا مرتبة ومنظمة بشكل جيد، وتعرفنا على طرق عيش السكان في الصحراء". وأضافت السائحة الفرنسية أن "المتحف يلزمه الترميم والدعم أكثر، ويحتاج إلى التعريف به، لأن من شأن ذلك تنمية الواحة، وحتى تلاميذ المدارس يمكنهم الاستفادة منه". وأشارت هذه السيدة التي تشتغل أستاذة للتعليم في باريس إلى أن "المتحف هو بمثابة بطاقة هوية للمنطقة، يعرفنا بفنون العيش وأنماط الحياة خلال القرون الماضية في ضواحي كلميم". من جهته، قال عبد الله بيغرداين، صاحب متحف تيوكا المتواجد بواحة تغجيجت على بعد 70 كيلومترا شرق كلميم، في حديث لهسبريس، إن متحفه "جاء بمجهود شخصي فقط، وخرج إلى الوجود سنة 2014، وأسسنا لاحقا معية تايوكا للسياحة والمحافظة على التراث التي تشرف حاليا على المتحف". ويرى صاحب المتحف أن عشقه لجمع التحف والقطع الأثرية بمجهودات شخصية، هو سبب تأسيسه لهذا المتحف في ظل غياب أي دعم أو مساعدة. وأشار إلى أن "المتحف يعاني من قلة الزيارات لأسباب كثيرة، منها أنه غير معروف كثيرا على الصعيد الوطني وتلزمنا المساعدة أكثر للتعريف به لجذب السياح وتنشيط السياحة الواحاتية والإيكولوجية بالمنطقة". في المقابل، قال متحدث في مندوبية السياحة بكلميم، في تصريح لهسبريس، إن "الوزارة منفتحة على جميع المبادرات والمشاريع التي من شأنها أن تخدم القطاع السياحي بالجهة". وأضاف أن "أصحاب المتاحف المتواجدون في الجهة يلزمهم التعريف بأنفسهم لدى الجهات المعنية، لأنهم لم يسبق أن قدموا لنا طلبات ولا تواصلوا معنا، ويمكن أن نتعاون فيما يخص القطاع السياحي". ولم تتمكن هسبريس من أخد رأي المندوبية الجهوية لوزارة الثقافة بكلميم واد نون بعد اتصالات ورسائل نصية متكررة دون أن نتلقى أي رد.