في وقت يعرف العالم العربي والإسلامي تشرذما بسبب التطرف والإرهاب وظهور جماعات متطرفة بعدة دول، أسهب علماء ومفكرون وباحثون مغاربة وعرب في الحديث عن كيفية تعزيز الوسطية والاعتدال انطلاقا من السنة النبوية. وأكد المشاركون في المؤتمر الدولي "السنة النبوية وتعزيز فكر الوسطية والاعتدال"، الذي انعقد اليوم الجمعة بالدار البيضاء، أن هذا اللقاء الفكري يأتي في وقت تعيش الأمة الإسلامية تكالبا من مختلف الأمم، وتعيش تشرذما وتفرقة. وقال الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية بالمملكة الأردنية، مروان الفاعوري: "إن واقعنا هذه الأيام يترنح بين الغلو الديني تكفيرا وتفجيرا وتدميرا، وبين الغلو اللاديني تسيبا وانحلالا ونقضا للثوابت ومحاربة لهوية الأمة الإسلامية". وأشار الفاعوري إلى أن سبب هذا الأمر كله راجع بالأساس إلى عدم "الفهم الصحيح لنصوص الرسالة المحمدية وما ورد عن الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير منا يصلح أن يكون مصدرا لحكم شرعي". وشدد المتحدث نفسه على أن عدم الوعي بتنوع التصرف النبوي من حيث دلالاته التشريعية أسهم في "انتشار الفهم الظاهري والحرفي لأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، ما فتح باب التشدد والغلو والتطرف في التعامل مع التصرفات النبوية". من جهته أشار إدريس منصوري، رئيس جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في مداخلته، إلى أن العالم اليوم في حاجة إلى "فكر الوسطية والاعتدال في الدين، بالنظر إلى كون هذا الزمن كثرت فيه الفتن والمحن، والحروب والنزاعات". وتحدث منصوري عن دور الجامعة في نشر الوسطية، وأكد أن دورها أصبح لا يقتصر على تأهيل الطلاب فكريا ومهنيا، "بل يتعداه إلى مهمة بث قيم الفضائل والوسطية والاعتدال لدى مرتفقيها من أجل إعداد مواطنين صالحين أكفاء ومؤهلين ومتوازنين نفسيا وروحيا لأداء واجبهم في خدمة بلادهم خاصة والإنسانية عامة". وعن دور مثل هذه الملتقيات الفكرية في مواجهة التطرف والإرهاب، أكد مخلص السبتي، رئيس جمعية "المسار"، في تصريح لهسبريس، أنه "في ظل التحولات العالمية، مع وجود تطرف وتعصب مضاد وعنف وعنف مضاد، فإن المثقفين والعلماء والدعاة لا يمكنهم الوقوف وقفة متفرج، رغم وجود بعض الفاعلين في المجال الدعوي الذين يصبون الزيت على النار". وأورد رئيس الجمعية المنظمة للمؤتمر: "نحن في حاجة إلى أن يعمد العلماء إلى إعادة النظر في بذور التطرف التي من الممكن اجتثاثها، ولا ينبغي تجاهل التعليم لإشاعة الاعتدال"، مضيفا: "من خلال هذا التنظير ينبغي أن نعيد ونطور المناهج الدراسية ومضامين ما يقال وينشر ومضامين خطب الجمعة". من جهته، أكد أحمد الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن "التطرف والإرهاب ليس قضية علمية أو فكرية أو دينية، بل قضية سياسية واجتماعية، والأسباب الحقيقية هي الاختلالات والمظالم والمفاسد في الواقع الاجتماعي والسياسي". وقال الريسوني في تصريح للجريدة: "لو كان مصدر التطرف هو الدين لكنا نحن المتخصصين أعمدة المتطرفين؛ بينما العالمون في الشريعة ليس فيهم أحد مع الإرهاب، بل هم في طليعة من يحاربه". وعن دور هذه الملتقيات في محاربة التطرف قال الريسوني: "تسهم بنصيب، لكن دورها يبقى محدودا، والمعالجة يجب أن تتم عبر معالجة البيئة التي تفرخ الإرهاب..نحن نبطل مفعول اللجوء إلى التأويلات الدينية الفاسدة". ويعرف المؤتمر الدولي مشاركة مجموعة من الأسماء المغربية والعربية، ستعكف على مدى يومين على مناقشة سبل تعزيز فكر الوسطية والاعتدال انطلاقا من السنة النبوية.