دعا المشاركون في المؤتمر الدولي حول "دور الوسطية في مواجهة الإرهاب وتحقيق الاستقرار والسلم العالمي"، الذي احتضنته عمان على مدى يومين، إلى اعتماد استراتيجية شاملة وفاعلة وموحدة للتصدي للإرهاب بجهد دولي منظم. وجاء في توصيات المؤتمر، الذي نظمه المنتدى العالمي للوسطية والذي اختتم أشغاله اليوم الأحد، أن الغلو والتطرف والإرهاب تشكل "تهديدا مستمرا للسلم والأمن والاستقرار لجميع البلدان والشعوب، ويجب إدانتها والتصدي لها بصورة شاملة، من خلال اعتماد استراتيجية شاملة وفاعلة وموحدة وبجهد دولي منظم بحيث يشرف عليها مجلس حكماء يتم تعيينه على مستوى العالم الإسلامي". وأكد المؤتمرون أن التطرف ليس له دين معين أو جنس أو جنسية أو منطقة جغرافية محددة، داعين الحكومات العربية والإسلامية إلى الاهتمام بالشباب وبالشرائح الفقيرة. كما دعوا المؤسسات التربوية إلى تضمين المفاهيم التعليمية الخاصة بمحاربة الإرهاب في المناهج، ونشر ثقافة الوسطية والاعتدال والحوار. وأعربوا عن "أسف وقلق عميق إزاء تنامي التعصب والاضطهاد ضد المسلمين"، مما يؤدي إلى تصاعد حدة الإسلاموفوبيا، ويشكل انتهاكا لحقوق الإنسان الخاصة بالمسلمين وكرامتهم، مما يولد إرهابا مضادا، داعين وسائل الإعلام والاتصال المعاصرة والسفراء الأجانب في العالم العربي والإسلامي وسفراء الدول العربية والإسلامية في الخارج إلى بذل الجهود للتوعية بضرورة عدم الخلط بين الإرهاب والدين وبين الإرهابيين والإسلام كدين. وناشدوا وسائل الإعلام العالمية التعرف على حقيقة الإسلام باعتباره دينا سماويا عالميا تسوده قيم الرحمة والمحبة والسلام والعدالة والحرية والتسامح والتعايش المشترك مع الآخر، وتجنب التشويه المتعمد لصورته، ورفض الإساءة إليه وإلى نبيه صلى الله عليه وسلم. وأكد المؤتمرون أن الإرهاب يشمل إرهاب الأفراد والجماعات والدول، موضحين أن المقاومة المشروعة للاحتلال والغزو الأجنبي بالوسائل المشروعة لا تدخل في مسمى الإرهاب. وشددوا على ضرورة البحث بشكل عميق في الأسباب الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية للعنف والتطرف والإرهاب من أجل معالجتها. وأوصوا بدعم جهود الإصلاح الوطني المبذولة من قبل كافة البلدان بهدف توسيع المشاركة السياسية والتعددية، وتحقيق التنمية المستدامة، والتوصل إلى توازن اجتماعي وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني، بغية التصدي للظروف التي تشجع على العنف والتطرف والإرهاب. ودعا المؤتمر المؤسسات الدينية الإسلامية إلى تفعيل دورها في محاربة الغلو والتطرف والإرهاب والعمل على إبراز صورة الإسلام السمحة، مشددين على ضرورة تحييد هذه المؤسسات ودور الإفتاء عن التوظيف السياسي والصراعات السياسية. كما دعا المؤسسات الإعلامية العربية والإسلامية إلى مواجهة انتشار المنابر الإعلامية المحلية والإقليمية التي تبث رسائل تحض على التطرف والكراهية وتسيء إلى وسطية الإسلام، وتقديم بدائل على مستوى عالمي لمخاطبة العقل الإنساني، وخاصة الغربي والآسيوي والإفريقي، بحقيقة الإسلام. وأوصى المؤتمر بإدانة "الاعتداءات الإرهابية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الصهيونية في الأراضي الفلسطينية، وبخاصة في القدس الشريف، والتي تستهدف الإنسان الفلسطيني المسلم والمسيحي على حد سواء، كما تستهدف المساجد والكنائس وخاصة المسجد الأقصى"، مناشدا المجتمع الدولي التدخل بفاعلية ومسؤولية لوضع حد لهذه الاعتداءات الآثمة وإحالة مرتكبيها إلى محكمتي العدل والجنايات الدوليتين، باعتبار هذه الاعتداءات سببا من أسباب إشعال المنطقة وإذكاء التطرف فيها. وبخصوص التعاون مع منظمة التعاون الإسلامي، اقترح المؤتمرون إنشاء وحدة في المنظمة للتنسيق والتعاون بين المنظمات والمؤسسات العاملة في مجال الوسطية ومحاربة الإرهاب. كما اقترحوا إنشاء وحدة بحثية للمجمع الفقهي الدولي لتقديم بحوث وجهود علمية في هذا المجال يأخذ بجميع العلوم الحديثة والتقليدية لفهم هذه الظاهرة. ودعا المؤتمر إلى إصدار الأممالمتحدة لتشريع ملزم يجرم ازدراء الأديان والأنبياء والرسل والكتب المقدسة، لما في ذلك من آثار إيجابية في وقف ثقافة الكراهية والعنف وتحسين العلاقات بين الشعوب والأمم. وتمحورت أشغال المؤتمر، الذي افتتح أمس السبت وعرف مشاركة منظمات عربية وإسلامية وشخصيات من حوالي 20 بلدا من بينها المغرب، حول محاور منها "التطرف والإرهاب، الجذور والمخاطر" و"دور المؤسسات والمنظمات الرسمية والأهلية في تدعيم الاستقرار وترسيخ منهج الاعتدال" و"التطرف والإرهاب، مراجعات ومقاربات" و"دور الوسطية في استقرار العالم الإسلامي" و"الإسلام والتطرف، تجارب في المعالجة". ويعد المنتدى العالمي للوسطية، الذي يوجد مقره الرئيسي في عمان وله فروع في عدد من البلدان ضمنها المغرب، وفقا لنظامه الأساسي، "هيئة إسلامية عالمية، تضم شخصيات وهيئات من بلدان العالم العربي والإسلامي، ومن الأقليات والمجموعات.