قال سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، السبت في عمان، إن الوسطية الإسلامية تقوم على تبني خط يبتعد عن التشدد والغلو من جهة، وعن التسيب والتقصير من جهة ثانية. وأوضح العثماني، في ورقة بعنوان "التعامل مع السنة النبوية، رؤية وسطية" قدمها خلال أشغال المؤتمر الدولي حول "دور الوسطية في مواجهة الإرهاب وتحقيق الاستقرار والسلم العالمي" المنعقد بالعاصمة الأردنية، أن الوسطية ليست مذهبا فقهيا أو عقديا ولا تجمعا حزبيا أو طائفة، بل هي "منهج يستمد أصوله من توجيهات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة"، مضيفا أنها "حالة من التوازن ومنهج في فهم الدين وتمثله في الواقع". وميز بين التصرفات النبوية والسنة النبوية، بكون هذه الأخيرة هي التصرفات المقصود منها التشريع أو الإتباع والاقتداء، "وهكذا فكل سنة هي تصرف نبوي، لكن ليس كل تصرف نبوي سنة". وقال العثماني إن عدم الوعي بتنوع التصرفات النبوية أسهم في انتشار الفهم الظاهري والحرفي لأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، "مما فتح باب التشدد والغلو في التعامل مع التصرفات النبوية، وأضر بالعقل المسلم وفهمه للدين وتعامله مع الواقع"، مؤكدا أنه أضحى من الضروري تصحيح الخلل بالوعي بأن الأقوال والأفعال والتقريرات النبوية لا تكون سنة إلا إذا صدرت عن الرسول من مقام التشريع. إن الوعي بتنوع التصرفات النبوية، يضيف العثماني، يفيد للتأكيد على أن فهم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والالتزام بها الالتزام السليم يستلزم تفهم المقامات التي تصدر عنها تصرفاته صلى الله عليه وسلم وأخذ سياقاتها وظروفها ومقاصدها بعين الاعتبار. و يبدو أن مداخلة سعد الدين العثماني قد استلهمت ما جاء في كتابه "تصرفات الرسول صلى الله عليه بالإمامة" و الذي يشرح فيه كيف ان تصرفات الرسول بالإمامة ليست ملزمة لأي جهة تشريعية أو تنفيذية بعده، ولا يجوز الجمود عليها بحجة أنها "سنة"، وإنما يجب بناء التصرفات السياسية على ما يحقق المصالح المشروعة. وهي رؤية تحرر العمل السياسي الإسلامي من الكثير من الكليشيهات و البديهيات الناتجة عن قراءة نصية و حرفية غير عقلانية للنص جراء ضعف الفقه في التاريخ الاسلامي على عدة مستويات، كما يرى الكثير من المتتبعين، حتى أصبحت هذه القراءة النصية تشكل كابحا للتفكير والممارسة، وتحد من إمكانيات التكيف مع ضغوط العصر وصعوباته في الوقت الحالي. وكانت أشغال المؤتمر، الذي ينظمه المنتدى العالمي للوسطية والذي تشارك فيه شخصيات من حوالي 20 بلدا عربيا وأجنبيا من بينها المغرب، قد افتتحت في وقت سابق أمس على أن تستمر يومين. وتتمحور جلسات المؤتمر حول عدد من المحاور منها بالخصوص "التطرف والإرهاب، الجذور والمخاطر" و"دور المؤسسات والمنظمات الرسمية والأهلية في تدعيم الاستقرار وترسيخ منهج الاعتدال" و"التطرف والإرهاب، مراجعات ومقاربات" و"دور الوسطية في استقرار العالم الإسلامي" و"الإسلام والتطرف، تجارب في المعالجة". ويعد المنتدى العالمي للوسطية، الذي يوجد مقره الرئيسي في عمان وله فروع في عدد من البلدان ضمنها المغرب، وفقا لنظامه الأساسي، "هيئة إسلامية عالمية، تضم شخصيات وهيئات من بلدان العالم العربي والإسلامي، ومن الأقليات والمجموعات الإسلامية في العالم".